رئيسة التحرير مي بدر

رئيسة التحرير مي بدر تكتب في افتتاحية عدد أكتوبر: بين التقنية والإلهام والضوء والخيال

مي بدر
20 أكتوبر 2025

وما زلت أؤمـن أن الجمـال وعي، والوعي مسؤولية، والمرأة، في معظم مراحلها، واعية تتحمل المسؤولية، وتملك القدرة على أن تختار الأمل على الخوف، والحياة على الألم، والنور على العتمة..

من مقولة جبران خليل جبران عن النور: "ما من إنسان يستطيع أن ينال طمأنينته من الخارج، لأن النور الحقيقي يولد من الداخل" سأبدأ مقالتي عن هذا العدد الخاص الذي نكتب فيه عن ذلك النور الذي يتقاطع فيه الذكاء الإنساني مع الذكاء الاصطناعي، وعن تلك المسافة الشفافة بين القلب والعقل، بين الأناقة والجوهر، وبين التطور والوفاء للجمال الإنساني.

لا أعلم إن كنتم جميعا تتفقون مع قناعتي أن وجه الموضة قد تغيّر، ولم تعد الخيوط وحدها تنسج الأقمشة، بل خيوط رقمية تنبض بالحياة، وأفكار تترجمها التكنولوجيا إلى رؤى. ومع ذلك، يبقى السؤال الذي طرحه سقراط قبل قرون حاضرًا: "هل يمكن للتقنية أن تصنع الجمال، أم أن الجمال ابن الروح وحدها؟"..

في صفحات هذا العدد، نكتشف معا أن التقنية ليست نقيض الحرفة، بل رفيقتها الجديدة في رحلة الإبداع.. من "عين الخوارزمية" التي ترى ما لا يُرى، إلى الحرفيين الذين يصرون على أن دفء اليد لا يمكن استبداله ببرودة الشاشة، نعيش تزاوجا فريدا بين الفن والذكاء، بين الحرفة والابتكار.

مي بدر وأسيل عمران

وفي هذا المشهد المتسارع، تطلّ أسيل عمران، وجهنا الملهم لعدد أكتوبر، كنموذجٍ لامرأة تعرف أن الاختيار هو أعظم أشكال القوة.. امرأة لا تستعجل الحياة، بل تصغي إليها. ترى في الحب شراكة لا واجبا، وفي الجمال توازنا لا مظهرا، وفي النجاح رحلة لا سباقا، وتختصر فلسفة أنوثة راقية.. أنوثة تعرف متى تصمت، ومتى تتكلم بلغة النور.

أكتوبر بالنسبة لنا ليس شهر الموضة فقط، بل شهر الوعي والجمال والشجاعة. شهر تشرق فيه القلوب الوردية برسالة أمل لكل امرأة خاضت معركة الألم وخرجت منها أقوى. فنحن قد لا نستطيع أن نتحكم فيما يحدث لنا، لكننا يمكن أن نتأقلم معه، وفي أحيان كثيرة أن نجعله يستجيب لرغباتنا، وهذا هو جوهر رسالتنا من هذا العدد: نختار، نستجيب، ونتأقلم، ونؤمن أن الجمال الحقيقي هو الذي يضيء حياتنا.

بين صفحات هذا العدد، تمتد الرحلة من منصات الخريف والشتاء إلى مختبرات الجمال والذكاء الاصطناعي، ومن المصممين الكبار إلى القلوب التي تعلّمت كيف تحب العمل والإبداع. فكل ما نعرضه هنا هو انعكاس لعالم جديد يولد بين الضوء والخيال، بين التقنية والإلهام.

الذكاء الاصطناعي قد يُعيد رسم الموضة، لكن الذكاء الإنساني وحده الذي يمنحها روحا وقلبا، ونبضا وجمالا ساحرا.