صانعة المحتوى في أسلوب الحياة علا الشريف

صانعة المحتوى في أسلوب الحياة علا الشريف تكتب لـ"هي": الرفاهية التي لا تُقتنى

مجلة هي
16 ديسمبر 2025

عندما أفكر في معنى الفخامة اليوم، لا أراها في المظاهر أو الممتلكات. مع مرور الوقت، أدركت أن الفخامة الحقيقية لا تكمن فيما نملك، بل في الهدوء الذي يسكن داخلنا. الفخامة بالنسبة لي هي أن أملك وقتي، أن أبطئ الإيقاع قليلا، وأن أعيش يومي من دون استعجال أو قلق. هي أن أستكشف شغفي بصدق، وأن أكون محاطة بأشخاص يمنحونني طاقة صافية، وأن أستمتع بلحظة من دون أن أشعر بحاجة إلى توثيقها أو إثباتها.

مع الزمن، تغيّر فهمي للرفاهية أيضا، فلم تعد حالة مالية، بل ذهنية، تُقاس بالطمأنينة لا بالمقتنيات. الرفاهية هي راحة البال التي نشعر بها حين لا نبحث عن المزيد، حين نكتفي بما لدينا ونشعر بالامتنان له.

أتذكر لحظة غيّرت هذا المفهوم بداخلي. كنت في إحدى رحلاتي، وكان من المفترض أن أعود في موعد محدد، لكنني كنت أشعر براحة غريبة وكأن كل شيء في مكانه الصحيح. قررت أن أمدد الرحلة، لا هروبا من شيء، بل رغبة في البقاء في تلك الحالة من السكون. للمرة الأولى شعرت بأنني أختار نفسي، أنني أعيش اللحظة كما هي، بلا استعجال ولا هدف سوى أن أكون حاضرة فيها. هناك، أدركت أن الفخامة الحقيقية هي الطمأنينة، أن تكوني راضية، ومتصالحة، وفي سلام مع اللحظة.

صانعة المحتوى في أسلوب الحياة علا الشريف

في حياتي اليومية، أتعامل مع الحواس كجسر يعيدني إلى ذاتي. العطور والموسيقى هما أكثر ما يلامسني. فلكل رائحة ذاكرة، ولكل عطر حكاية ترتبط بمرحلة أو شعور. حتى الشموع جزء من طقوسي اليومية، تماما كالموسيقى التي ترافقني صباحا وفي السيارة وأثناء العمل. هي الشيء الذي يعيد إليّ توازني مهما كان اليوم مزدحما. أحب الضوء الطبيعي، وأفضل الألوان الدافئة، وأؤمن بأن ما يحيط بنا ليس مجرد ديكور، بل هو طاقة تؤثر في حالتنا الداخلية.

كنت أظن في السابق أن حب الذات يعني السفر أو شراء أشياء جديدة، لكن مع الوقت أدركت أنه أبسط وأعمق من ذلك. هو أن أسمح لنفسي بالراحة من دون شعور بالذنب، وأن أقول "لا" لما لا يشبهني، وأن أضع حدودي بثقة ومن دون خوف من خسارة أحد. أكتب كثيرا، لا بطريقة منظمة، بل كتنفّس. أحيانا أدوّن كل ما يزعجني على ورقة ثم أتركها هناك، لا أعود إليها ولا أقرؤها مجددا. كأنني أترك أثقال الأفكار على الورق لأكمل يومي بخفة.

رحلتي إلى بالي كانت التجربة التي ثبّتت هذا الفهم في داخلي. كانت عشرين يوما من البساطة والسكينة. أستيقظ مع الشمس، أتناول طعامي ببطء، أكتب وأتأمل وأتنفس. كل لحظة كانت خيارا واعيا لأن أعيش الحياة التي أستحقها. هناك، فهمت أنني لا أحتاج إلى الكثير لأكون بخير، فقط إلى الصدق مع نفسي.

اليوم، أرى الفخامة كحالة تشبهني: حياة يسكنها الهدوء، وتملؤها المحبة والوفرة. الفخامة بالنسبة إلي أن أختار نفسي كل يوم، أن أعيش بإيقاعي الخاص، وأن أكون صادقة مع ما أشعر به. تلك هي الفخامة التي لا تُشترى، فخامة الوعي والسكينة.