"هي" تسأل وتفتح النقاش مع مؤثرات ومبدعات وملهمات: ما الذي تعنيه الفخامة للنساء اليوم؟

عندما نُسأل نحن النساء: ما هو مفهوم الفخامة بالنسبة إلينا؟ لا تكون الإجابة محصورة في المظاهر أو الممتلكات الثمينة، بل تتجاوزها إلى معانٍ أعمق وأكثر إنسانية. فالفخامة، بالنسبة إلى كثير من النساء اليوم، هي راحة البال وسط فوضى الحياة، وهي امتلاك الوقت للعناية بالذات من دون شعور بالذنب، وهي حرية الاختيار فيمن نكون، وكيف نعيش، وبأي طريقة نعبّر عن أنفسنا.

الفخامة قد تكون لحظة صمت بعد يوم طويل، أو قطعة تحمل في طياتها قصة وشغف صانعها، أو تجربة تُشعرنا بالانتماء إلى عالم من الجمال والاحترام للذات. إنها ليست بالضرورة ما نملك، بل ما نشعر به، ذلك الإحساس بالامتلاء، وبالتماهي مع الذات، وبالقدرة على أن نحيا الحياة التي تشبهنا.

في هذا الملف، نغوص مع مجموعة من النساء اللواتي يُعِدن تعريف الفخامة بمعناها الأصيل والمعاصر معا، مصممات ومبدعات وفنانات ورائدات أعمال وجدن في الفن والحياة وجها آخر للفخامة.

الفخامة هنا ليست استعراضا، بل تجربة إنسانية؛ هي صوت الحرفة الصامت بين اليد والمادة كما تصفها ليا صفير، وهي شعور الامتنان الذي تتحدث عنه سارة بيضون حين نتوقّف لنقدّر لحظة جمال عابرة. وهي أيضا، كما تراها ألين دأمان، حوار بين الماضي والمستقبل، حيث الثقافة والحرفة تصوغ معا لغة فخامة تتجاوز الزمن.

من حلاوة الشوكولاتة التي تصنع بالحب عند سارة حمودة، إلى مجوهرات نورة شوقي التي ترى في الوقت أثمن ما يمكن امتلاكه، إلى نظرة سارة شرايبي التي تجعل من الندرة والعناية عنوانا للجمال.

تجتمع هذه الأصوات لتُعيد تعريف الفخامة لا بصفتها رمزا للثراء، بل بصفتها تجربة تُلامس الحواس والروح. فالفخامة، كما تكشفها هؤلاء النساء، ليست ما نمتلكه، بل ما نعيشه حين نُصغي لأنفسنا، ونصنع بشغف، ونقدّر الجمال في التفاصيل الصغيرة.

هي أن يتحوّل الزمن إلى إحساس، والنية إلى جمال، والمادة إلى ذاكرة تُروى للأجيال.

ألين أسمر دأمان - مهندسة معمارية، ومصممة داخلية، ومؤسسة شركة Culture in Architecture

عملي المعماري يستند إلى نقل التراث في حوار متواصل بين الماضي والمستقبل، تتخلله حكايات عن الترابط الثقافي. أرى أن الإبداع والحِرفية يمثلان أسمى درجات الفخامة، فهما تجسيد للذكاء العاطفي والانتماء الثقافي، يجمعان بين إيماءات تمتد عبر آلاف السنين وروح العصر الحديث. في مشروعي الأخير لتصميم المساحات الداخلية لقطار Dream of the Desert، كرّست وقتي لدراسة تفاصيل العمارة السعودية والحِرف التقليدية، من مدائن صالح والعلا إلى الواجهات الخشبية في جدة والمنسوجات المحلية والمصابيح البدوية التي تبث ضوءا سينمائيا في قلب الصحراء، ساعيا إلى ترجمة هذه العناصر من خلال رؤية معاصرة تستلهم روح الحرفيين اليوم. فالثقافة والحرفة تبقيان جوهر الفخامة الحقيقية، وهما أداتان لصياغة مستقبل يحتفي بالذاكرة من خلال الابتكار، حيث يصبح الحوار الثقافي التعريف الجديد للفخامة.

د. لميس حمدان - طبيبة ورائدة أعمال في مجال الجمال والعافية

الفخامة بالنسبة تبدأ من الفكرة، من طريقة التفكير في التفاصيل الصغيرة التي تجعل الحياة أبسط وأكثر عناية، وتمتد إلى الإحساس بالسكينة والثقة في الذات. فحين يشعر الإنسان بأنه مفهوم ومُعتنى به، يصبح ذلك هو أسمى أشكال الفخامة، لأنها تلامس الجوهر قبل المظهر.

هلا الحارثي - عضو مؤسس لجمعية الأزياء، خبيرة مظهر وأزياء

بالنسبة للرائدات العربيات اليوم، لم تعد الفخامة فيما يلمع أو يبهر، بل في ما يترك أثرًا عميقًا ويوقظ الإحساس. إنها تجربة تصاغ بثقافة ووعي وعمق، تروى من خلال التفاصيل الصادقة واللمسات التي تنبع من النيّة، لتصبح الجمال إحساسًا يعاش لا مظهرًا يرى.

ساره بيضون – المؤسِّسة والمديرة الإبداعية لعلامة Sarah’s Bag

الفخامة الحقيقية، بالنسبة إلي، هي القدرة على تذوّق اللحظات الخاصة، على التوقف قليلا، وتأمّل الجمال من حولنا، والشعور باتصال عميق مع الآخرين.

هي في تقدير بساطة الحياة، والقدرة على إيجاد الفرح في اللحظة الراهنة، والامتنان الصادق لكل ما نعيشه.

علياء الخفاجي - الرئيسة التنفيذية ومؤسسة أوكتا

أرى أن الفخامة الحقيقية لا تُقاس بالمظهر الخارجي، بل تُستشعر من الداخل؛ فهي حالة وعي واتصال صادق بالأصالة والحِرفة، وبالهدوء الذي يمنحك خصوصية لا تحتاج إلى إثبات. هي رفاهية أن تكون على حقيقتك، محاطًا بما يعكس ذوقك لا بما يستعرضه الآخرون.

نورة شوقي – مؤسسة علامة Noora Shawqi Jewellery

الفخامة بالنسبة إلي هي الوقت. الوقت الذي يقضى بمعنى، ويشارك مع الأشخاص المناسبين. لم تعد الفخامة مرتبطة بالمقتنيات بقدر ما أصبحت متجذّرة في الحضور؛ في راحة الاستقرار، ودفء العائلة، وسلام الامتنان.

العيش في بلد مثل الإمارات، حيث الأمان والرؤية والفرص جزء من الحياة اليومية، هو امتياز أقدّره بعمق. الفخامة الحقيقية لا تُقاس بما نملكه، بل بالحب والأمان والإحساس بالغاية التي تُحيط بنا.

ليا صفير – صانعة محتوى في أسلوب الحياة والموضة، ومؤسِّسة علامة أدوات المائدة المصنوعة يدويا ByLéaSfeir

الفخامة بالنسبة إلي هي كل ما لا يمكن، أو يصعب تكراره. هي أسلوب حياة، وأناقة متجذّرة في السلوك والعاطفة والقيم.

الفخامة الحقيقية تكمن فيما لا يُرى: في المهارة، وفي الحوار الصامت بين اليد والمادة، في أثر الحِرفة غير الكامل، وفي الوقت المبذول بإخلاص، وفي المشاعر التي تمنح الأشياء روحا وقصة.

الفخامة ليست مسألة مكانة اجتماعية، بل هي مسألة روح، فن تحويل العادي إلى استثنائي من خلال النية والرعاية.

أُفتن بالقطع التي تصل الماضي بالحاضر، كسترة "ديور" قديمة، أو صحن فضي أثري، أو منحوتة ذات طابع مُعاصر. في هذا الحوار بين الماضي والحاضر تسكن الجماليات بالنسبة إلي.

وهذا ما يُميّز ByLéaSfeir القطع المصنوعة يدويا، فقد خُلقت لتُعاش، وتُورَّث، وتُحبّ. لأن الفخامة الحقيقية لا ترفع صوتها، بل تهمس. إنها العاطفة التي تحوّلت إلى واقع ملموس.

ديما الأسدي – مدونة موضة

بالنسبة إلي، ترتبط الفخامة أولا وأساسا بالوقت. أحب الأشياء الجميلة وأقدّر الحِرفية، لكن المعنى الحقيقي للفخامة هو القدرة على التحكم في وقتي، أن أختار متى أعمل، ومتى أكون حاضرة مع من أحب.

أن أجد وقتا للجلوس مع ابني أو لتناول فطور هادئ مع زوجي، هي درجات من الفخامة يغفل عنها الكثيرون. فالفخامة ليست في المقتنيات، بل في التوازن بين الطموح والسكينة، وبين الحياة العملية والشخصية.

وفي عالم الموضة، أرى الفخامة أيضا في الفن خلف كل قطعة، في القصة التي تحملها الخامة، وفي الإبداع الذي يحوّل الموضة من منتج إلى ذكرى نابضة بالمعنى.

سارة شرايبي – مصممة أزياء فاخرة ومؤسِّسة Maison Sara Chraibi

بالنسبة إلي، تكمن الفخامة في اللقاء مع الجمال، ذاك الجمال الذي يولد من متعة الحواس.

تسكن الفخامة في التفرّد والإتقان، في كل حركة مدروسة، وكل تفصيل صاغته الأيادي البشرية بعناية، وفي الاهتمام الذي أكرّسه لكل قطعة أبدعها.

الفخامة هي فنّ جعل الآخر يشعر بفرادته، وبأنه مرئيّ، وبحيوية عميقة تنبض بداخله. تولد عندما تلامس الإبداعات روح من وُجدت لأجله. وفي عالم يسابق الزمن، تزهر الفخامة الحقيقية هنا فقط، حيث تلتقي الندرة بالعناية.

يسرى نيشان - المديرة الإبداعية لعلامة DIHYAN

لطالما آمنت أن الفخامة تحس قبل أن ترى؛ فهي ليست مشهدًا يبهر العين، بل شعورًا يوقظ الحواس. هي في تلك اللحظة التي توقظ فيها التحفة إحساسًا دفينًا، في صوت المطرقة وهي تشكل الذهب، وفي رائحة المرسم التي تعبق بالإبداع، وفي نعومة الوقت حين يكرس للجمال، وفي القصص التي تهمس بها التفاصيل. فالفخامة لا تكمن في المبالغة، بل في العمق — في ذاكرةٍ حسية تنسج بين الثقافة والحرفة والروح. لأنها، في جوهرها، تجربة إنسانية تروى بالشعور قبل البصر.

ريم قراش - العضو المنتدب لفنادق شدى، والشريك في شركة HVS في المملكة العربية السعودية

لم تعد الفخامة تعني الامتلاك أو الكثرة، بل تكمن في المعنى والذاكرة والحواس التي توقظ الروح. إنها إعادة تعريف للفخامة كلغةٍ حسية، تُترجم فيها الحِرفية والإرث والمشاعر إلى أسمى أشكال الترف.

سارة حمودة – رائدة أعمال، الشريكة المؤسِّسة لـ FIX Dessert Chocolatier

بالنسبة إلي، تكمن الفخامة في النية. أجد الفخامة في التفاصيل الصغيرة والشخصية: في ذكرى، أو نكهة، أو لحظة تبقى في الذاكرة. لطالما آمنت بأن كل ما يُصنع بعناية واهتمام يكتسب معنى جديدا. حتى في الشوكولاته، الأمر لا يقتصر على الطعم أو الملمس، بل على الإحساس الذي تتركه فيك.

نيما بيناتي – مصوّرة فوتوغرافية

الفخامة هي مهرب، جسر إلى عالم آخر، وفرصة للحلم وأنت مستيقظ. نشأت في بيئة متواضعة، ولم تكن لديّ الوسائل لتجربة الفخامة عن قرب، لذلك كنت أرى في تصوير الأزياء وسيلتي للعيش حياة استثنائية، ولخلق عالم من الدهشة يتجاوز الواقع، مكان يمكن لأي كان أن يلوذ به، فقط بأن يغوص في عمق الصور.

د. إسراء الشطي - أستاذة إدارة الفخامة وأقتصاد، باريس

أسمى أشكال الفخامة هي التعليم, فهو ينير العقل، ويوسّعع المدارك، ويُنعش الشعوب، ويمنح جمال نادر؛ استثمار طويل الأمد يثري الذات ويسهم في اقتصاد المعمّرين، حيث تبنى الفخامة على المعرفة لا على المظاهر.