هايزل أروجو عالمة أحياء تعشق المحيطات والحيوانات البحرية  

خاص "هي": للتوعية حول الشعاب المرجانية.. هايزل أروجو عالمة أحياء تعشق المحيطات والحيوانات البحرية  

صحيح أنّه ما من وقت مثالي للاحتفال بكوكبنا الجميل وطبيعته الخلّابة، ولكن لا بُد لنا من إعادة إحياء المناقشات حول الاستدامة والحفاظ على البيئة والمحيطات ودعم المجتمعات المحلية، تزامناً مع اليوم العالمي للتوعية حول الشعاب المرجانية واليوم العالمي للبيئة واليوم العالمي للمحيطات التي تصادف جميعها في الشهر المقبل. فقد بيّنت الدراسات أنّ المسافرين باتوا مهتمّين أكثر بالتأثير الذي يتركونه في العالم وأنّ الوعي بالقضايا البيئية والاجتماعية أصبح أكثر انتشاراً.  

في هذا الإطار، تتطرّق عالمة الأحياء البحرية في منتجع سانت ريجيس فومولي جزر المالديف إلى اليوم العالمي للمحيطات والأنشطة التي يقدّمها المنتجع للضيوف هذا العام والمبادرات التي يشارك فيها.  

هايزل أروجو عالمة أحياء تعشق المحيطات والحيوانات البحرية  

 

إنّ موضوع اليوم العالمي للمحيطات هذا العام هو "حركة المدّ والجزر تتغير"، وذلك بهدف تسليط الضوء على أهمية الحفاظ على الموارد البحرية للأجيال القادمة. نحن نشهد، عاماً تلو الآخر، اهتماماً متزايداً بإيجاد حلول مستدامة لتحسين حالة المحيطات على الصعيد العالمي. فالمحيط يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة الإنسان اليومية، لاسيّما سكان الدول الجزرية مثل جزر المالديف حيث من الضروري حماية التنوع البيولوجي البحري والحفاظ على صحة المحيط. 

تسرّني المشاركة في برنامج منتجع سانت ريجيس جزر المالديف لإصلاح الشعاب المرجانية الذي انطلق هذا العام، إذ يُشكّل مبادرة رائعة تساهم في تحقيق هذا الهدف الذي يقضي بالحفاظ على الموارد للأجيال القادمة. وأنا ألاحظ، يوماً تلو الآخر، كيف تنمو شعابنا المرجانية المتفكّكة وتتحسّن صحة الشعاب المحيطة بنا. وصحيح أنّ هذه العملية تستغرق بعض الوقت، إلا أننا نبذل جهوداً دؤوبة بهدف زيادة الشعاب المرجانية وتعزيز مرونتها خلال السنوات القليلة المقبلة، لدعم التنوع البيولوجي البحري وإنشاء موقع جميل يجتذب الزوار من كل حدبٍ وصوب. فأنا أعتقد أننا نطبّق نوعاً ما القول المأثور "احتفلوا باليوم العالمي للمحيطات كل يوم".  

يتمثّل الهدف الرئيسي في إنشاء شعاب مرجانية قوية وصحية تضمن مستقبلاً أفضل لجزر المالديف. فالجهود الساعية إلى زيادة انتشار الشعاب المرجانية تعود بفوائد عدّة، أبرزها إصلاح المناطق المتضررة، وحماية الشعاب المرجانية المرنة والقادرة على مكافحة التهديدات البيئية العالمية كالتغيّر المناخي والتلوث، ناهيك عن تعزيز التنوع البيولوجي البحري والترويج للسياحة المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، تشمل مبادرات الحفاظ على الموارد بحوثاً علمية تساعدنا على فهم تأثير الجهود المبذولة ووضع التنوع البيولوجي المرتبط بالشعاب المرجانية، فضلاً عن دورات تعليمية لنشر الوعي بأهمية دعم مثل هذه المشاريع. 

هايزل أروجو عالمة أحياء تعشق المحيطات والحيوانات البحرية  

 

نقوم بحملات لتنظيف الشاطئ والشعاب المرجانية شهرياً في إطار أنشطة الموظفين في المنتجع. فهذه فرصة رائعة ليمضي أعضاء الفريق بعض الوقت معاً بين أحضان طبيعة جزر المالديف الخلابة، وليساهموا في الوقت عينه في معالجة إحدى أكبر المشاكل التي يواجهها العالم اليوم، وهي تلوث البحار. وصحيح أنّه يتم القيام بعمليات تنظيف روتينية للشاطئ في المنتجع، إلا أنني رصدت بعض الحطام البحري، لاسيّما المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام. فعلى الرغم من أننا منعزلون على جزيرة صغيرة في المحيط الهندي الشاسع، ما زالت تداعيات التلوث بالمواد البلاستيكية تطالنا، إذ تعبر المحيط وينتهي بها المطاف على شاطئنا. تساعدنا حملات التنظيف على إدراك أهمية تغيير عاداتنا اليومية بهدف الحدّ من النفايات وأهمية التوعية حول عدم تلويث الشاطئ والمحيط. 

إنّ التنوع البيولوجي البحري في جزر المالديف هو العامل الرئيسي الذي يستقطب الزوار، إذ تزهو المنطقة بمياه فيروزية نقية تحتضن الكثير من الأسماك وأسماك القرش والدلافين والسلاحف البحرية والشعاب المرجانية المفعمة بالألوان. وبما أنني أقوم بزيارات يومية إلى موقع تعزيز تكاثر الشعاب المرجانية، فتسنح لي الفرصة لرؤية هذه الحيوانات البحرية المحلية بأبهى حللها. ولا بُد لي من الإشارة إلى أنّ الشعاب المرجانية التي تأوي هذه الحيوانات المدهشة، مثل أسماك القرش والسلاحف البحرية، يجب أن تتمتّع بصحة جيدة كي تواصل هذه المخلوقات العيش في مياهنا. وبالتالي، تتمحور مراكز رعاية الحياة البحرية في سانت ريجيس جزر المالديف حول الحفاظ على الشعاب المرجانية. أما إحدى المبادرات المهمة الأخرى، فتقضي بتوعية الضيوف حول طريقة التعامل مع الحيوانات البحرية، أي تجنّب لمسها والدوس عليها وإمساكها وإطعامها.  

تواجه المحيطات الكثير من التهديدات، لدرجة أنه يصعب اختيار الأشدّ خطراً بينها. فالمياه تغطي أكثر من 70% من كوكبنا، أي أنّ كافة المشاكل العالمية تؤثر على المحيطات. ولكن، بصفتي مدافعة شابة عن المحيطات، أعتقد أنّ أكبر تهديد هو نقص المعرفة والاهتمام بالحفاظ على المحيطات. فكيف لنا أن نعالج هذه المشاكل الجسيمة إذا كان عدد الأشخاص الناشطين والمُلمّين بها قليلاً جداً؟ لذلك، لا بُد من مضاعفة الجهود الرامية إلى تعليم وتوعية كل سكّان العالم بهدف تشجيعهم على المشاركة في المبادرات والحملات، لأنّ صحة المحيطات تؤثّر علينا جميعاً أينما كُنا. 

لا تزال نسبة فقدان الشعاب المرجانية مثيرة للقلق، إذ من المتوقع أن تواجه 75% من كافة الشعاب المرجانية تهديدات خطيرة بحلول العام 2050. وصحيح أنّ التوقّعات المستقبلية للشعاب المرجانية تُنذر بخسارة وشيكة للتنوع البيولوجي البحري، بيد أنّنا يجب أن نبقى متمسّكين ببصيص الأمل. ونحن ندأب يومياً على تغيير هذه التوقّعات، هنا في منظمة ريف سكيبرز وفي مراكز البحوث حول العالم. وأفضل ما في الأمر هو أنّه يمكن لأي شخص أن يمدّ يد المساعدة ويساهم في إحداث هذا التغيير، إذ لا تقتصر الجهود على العلماء الذين يعملون مباشرةً مع الشعاب المرجانية فحسب. فقد ساهمت البدائل المستدامة ومبادرات الحدّ من البصمة الكربونية وغيرها في إحداث تغيير إيجابي لجهة حماية هذا النظام البيئي المذهل.  

هايزل أروجو عالمة أحياء تعشق المحيطات والحيوانات البحرية  

 

يرتبط المحيط ارتباطاً وثيقاً بالمناخ، ويُشكّل أفضل أداة لمعالجة مشكلة التغير المناخي. فالمحيط يضبط درجة الحرارة ومعدّل هطول الأمطار والجفاف والفيضانات. كما يُعتبر أكبر مخزن للكربون على الأرض، وهو حليفنا الأهم للتخفيف من تداعيات التغير المناخي. ولكن، لقدرة المحيط حدودٌ. ففي ظلّ استمرار البشر في زيادة انبعاثات غازات الدفيئة وتسريع عملية التغير المناخي، يتلقّى المحيط والحيوانات البحرية فيه العواقب الوخيمة، بحيث يرتفع مستوى سطح البحر وتزداد درجة حموضته. في الواقع، يتم رمي ما يعادل شاحنة نفايات في المحيط كل دقيقة، وفُقدت ما بين 30 و50% من الموائل البحرية حول العالم، ومنها الشعاب المرجانية. ومن المتوقع أن تواجه أكثر من 75% من الشعاب المرجانية تهديدات خطيرة بحلول العام 2050، في حال بقينا مكتوفي الأيدي. 

يمكننا أن ننقذ الشعاب المرجانية، ولكن يجب أن نتحرّك حالاً. ففي ظل تزايد التهديدات البيئية العالمية، يجب أن تتصدّر الجهود الرامية إلى حماية هذه النظم البيئية الضعيفة كالشعاب المرجانية، قائمة أولوياتنا. فقد أثبِتت فعالية برامج إصلاح الشعاب المرجانية، مثل البرنامج الذي ننفذّه في منظمة ريف سكيبرز، في زيادة كمية الشعاب المرجانية المرِنة وإشعال بصيص الأمل في جزر المالديف. 

نعم، أنا أعمل حالياً على مراقبة أنماط تكاثر الشعاب المرجانية على جزيرتنا، فهي تتكاثر في الوقت عينه خلال حدث مذهل يصادف مع اكتمال القمر. في الواقع، نحن نفتقر إلى المعلومات المتعلقة بأنماط تكاثر الشعاب المرجانية وأنواعها وغيرها. لذلك، ينصبّ تركيزي على فهم كيفية تكاثرها بشكل فعّال وطبيعي هنا وكيف يمكننا المساهمة في تحسينها.