سرطان الرئة – الأعراض والأسباب

سرطان الرئة: حقائق لا بد من معرفتها.. لتعزيز التوعية من هذا المرض

جمانة الصباغ
25 نوفمبر 2025

بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية لبحوث السرطان؛ فإن أكثر أنواع السرطان انتشارًا عالميًا هي سرطان الثدي، سرطان الرئة، سرطان القولون والمستقيم، سرطان البروستاتا، وسرطان الجلد. هذه الأنواع تُشكَل النسبة الأكبر من حالات التشخيص الجديدة سنويًا.

إذا ما بحثنا عن إحصاءات وأرقام سرطان الرئة حول العالم، سنجدُ تسجيل نحو 2.5 مليون إصابة جديدة في عام 2022، والتسبب في حوالي 1.8 مليون وفاة، مما يجعل سرطان الرئة السبب الأول لوفيات السرطان حول العالم.

شيءٌ مخيف، أليس كذلك؟ لكن ما يُخيف ويُقلق، وحتى يُحزن حاليًا، هو تزايد أرقام المدخنين من حولنا، خاصةً الشباب وبعض المراهقين ممن باتوا يلجأون للتدخين في عمرٍ صغير. في حين أن المدخنين المتمرسين على مدار سنواتٍ طويلة، لجأوا إلى أساليب تدخين جديدة تتمثل في الفيب والأيكوس، زاعمين أنها أقل ضررًا من السيجارة العادية. ولا ننسى بالطبع، انتشار تدخين الشيشة بصورةٍ مخيفة، للرجال والنساء على حد سواء.

لماذا يُصرَ المرء منا على رمي نفسه في التهلكة؟ لما هذا التعلَق "المميت" بالتدخين، على الرغم من سيئاته وتداعياته الصحية الخطيرة المتمثلة في الوفيات وأمراض الجهاز التنفسي؟ وكيف يمكن للتوعية لعب دورٍ مثمر، في ثني ملايين الناس عن آفة التدخين؟

يأتي شهر ديسمبر من كل عام، حاملًا معه الأمل بتشجيع المدخين على التخلي عن هذه العادة السيئة واستعادة الحياة الصحية؛ وموقع "هي" لا يُفوَت هذه الفرصة للانضمام إلى الأطباء والمختصين الذين يسعون لتوعية الناس حول مخاطر التدخين خلال هذا الشهر، وعلى مدار العام إن استطعنا. لهذا تحدثنا إلى الدكتور نوفل بيدي، استشاري أمراض الرئة في مستشفى NMC https://nmc.ae، الذي قدَم لنا في مقالة اليوم الموسعة شرحًا مفصلًا عن أسباب وتداعيات سرطان الرئة، طرق التشخيص والعلاج خصوصًا العلاجات الحديثة، وما أهمية التشخيص المبكر في إنقاذ الحياة.

ما هو سرطان الرئة؟

إلى الدكتور نوفل بيدي استشاري أمراض الرئة في مستشفى  NMC
الدكتور نوفل بيدي استشاري أمراض الرئة في مستشفى  NMC

بحسب الدكتورة بيدي، يُعدَ سرطان الرئة واحداً من أكثر السرطانات انتشاراً وخطورة حول العالم، وهو المسؤول عن نسبةٍ كبيرة من الوفيات المرتبطة بالأورام.

يكمن الخطر الأكبر في أن سرطان الرئة يتطور بصمت، إذ قد يستمر النمو لعدة سنوات دون أن تظهر علاماتٍ واضحة على المريض، الأمر الذي يؤدي إلى اكتشافه في مراحل متقدمة. ويؤكد الدكتور بيدي أن التدخين يظل العامل الأساسي للإصابة بهذا المرض، لكنه ليس العامل الوحيد؛ فهناك مجموعةٌ من الأسباب البيئية، الوراثية والمهنية التي تساهم في زيادة احتمال الإصابة.

كيف يحدث سرطان الرئة؟

يبدأ سرطان الرئة عندما تتحول إحدى خلايا الرئة الطبيعية إلى خلية غير طبيعية، تنمو بشكلٍ غير منضبط. ومع الوقت، تتكون كتلةٌ سرطانية قد تبقى في الرئة، أو تنتقل عبر الدم والغدد الليمفاوية إلى أعضاء أخرى مثل الكبد، الدماغ والعظام.

ينقسم المرض إلى نوعين رئيسيين:

1.     سرطان الرئة ذو الخلايا غير الصغيرة، وهو الأكثر انتشاراً.

2.     سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة، المعروف بسرعة انتشاره وحدّته.

ما هي أسباب سرطان الرئة؟

يرتبط انتشار سرطان الرئة عالمياً بعدة عوامل؛ أهمها زيادة معدل التدخين، انتشار التدخين الإلكتروني بين فئة الشباب، وارتفاع نسب التلوث البيئي في المدن الكبرى.

ويشير الدكتور بيدي إلى أن التدخين بأنواعه يُعدَ العامل الأخطر، إذ يحتوي دخان السجائر على أكثر من سبعين مادة مسرطنة. ومع ذلك فإن نحو 20% من حالات سرطان الرئة تحدث لدى أشخاصٍ غير مدخنين، مما يؤكد أن الأسباب الأخرى تلعب دوراً مهماً أيضاً.

من بين هذه الأسباب:

•        التعرض للغازات الصناعية مثل الأسبستوس، الديزل والمواد الكيميائية في المصانع والمختبرات.

•        يُشكَل غاز الرادون — الذي يتسرب من التربة — أحد أخطر العوامل الصامتة لسرطان الرئة، خصوصاً داخل المنازل سيئة التهوية.

•        يُضاف إلى ذلك التلوث البيئي الناجم عن عوادم السيارات والغبار الصناعي.

•        إضافةً إلى العوامل الوراثية التي تجعل بعض العائلات أكثر عرضةً للإصابة بهذا المرض.

ما أبرز أعراض سرطان الرئة؟

التدخين السبب الرئيسي لسرطان الرئة لذا الأفضل الإقلاع عنه
التدخين السبب الرئيسي لسرطان الرئة لذا الأفضل الإقلاع عنه

وفقًا لاستشاري أمراض الرئة في مستشفى  NMC؛ تمرَ أغلب الإصابات بسرطان الرئة دون وجود أعراضٍ في المراحل المبكرة، مما يجعل المرض يتطور في الخفاء.

ومع تقدم الورم، تبدأ أعراضٌ مثل السعال المستمر، صعوبة التنفس، وخروج دم مع البلغم في الظهور، إضافة إلى الإحساس بألمٍ في الصدر أو الكتف، فقدان الوزن غير المبرر، والتهاباتٍ رئوية متكررة لا تستجيب للعلاج بسهولة. وقد تتطور الأعراض لتشمل بحةً شديدة في الصوت نتيجة ضغط الورم على الأعصاب.

ما أهمية الكشف المبكر عن سرطان الرئة؟

يُشدَد الدكتور نوفل بيدي على أن الكشف المبكر هو العامل الأهم لإنقاذ حياة المرضى، إذ يتيح التعرف على الورم قبل انتشاره.

وتُعدَ الأشعة المقطعية منخفضة الجرعة LDCT الوسيلة الأكثر فعاليةً للكشف المبكر؛ لذلك تُوصي الإرشادات الطبية بإجراء هذا الفحص للمدخنين فوق سن الخمسين، ولمن يمتلكون تاريخاً طويلاً في التدخين، أو أولئك الذين أقلعوا قبل أقل من خمسة عشر عاماً. وقد أثبتت الدراسات أن الفحص الدوري بهذه التقنية يُقلَل من الوفيات بنسبةٍ تتراوح بين 20 و30%.

أرقامٌ قليلة للبعض، لكنها في الواقع تحمل الكثير من الأمل لأرواحٍ تسعى للاستمتاع بالحياة والتطلع للمستقبل، هل ترين نفسكِ بينهم عزيزتي؟!

ما هي طرق تشخيص وعلاج سرطان الرئة؟

وفقًا للدكتورة بيدي، تشمل طرق تشخيص سرطان الرئة عادةً:

1.     الأشعة المقطعية الدقيقة التي تكشف التفاصيل الصغيرة داخل الرئة.

2.     الخزعة التي تؤخذ باستخدام إبرة موجهة أو عبر تنظير القصبات.

3.     تساعد الفحوص الجينية في تحديد الطفرات الموجودة في الورم، وبالتالي اختيار العلاج المناسب لكل حالة. فقد أصبح العلاج المُوجَه أحد أهم التطورات الطبية الحديثة، إذ يستهدف الطفرات بدقة مما يُقلَل من الآثار الجانبية.

فيما يتعلق بالعلاج، تتوفر خياراتٌ متعددة تعتمد على مرحلة المرض ونوع الخلايا. ففي المراحل المبكرة، يكون التدخل الجراحي هو الخيار المفضل لاستئصال الجزء المصاب من الرئة؛ أما في الحالات المتقدمة، فقد أصبح العلاج المناعي يُحقق نتائج رائعة عبر تحفيز جهاز المناعة لمهاجمة الخلايا السرطانية.

كذلك يساعد العلاج الكيميائي والإشعاعي في السيطرة على نمو الورم وتقليل انتشاره. ويُعدَ الجمع بين العلاج المناعي والعلاج الكيميائي من أكثر الخطط فعاليةً في بعض الحالات.

كيف نحمي أنفسنا من سرطان الرئة؟

سرطان الرئة – الأعراض والأسباب - رئيسية
سرطان الرئة – الأعراض والأسباب

يؤكد الدكتور نوفل بيدي أن الوقاية من سرطان الرئة تبدأ بخطوةٍ واحدة إنما أساسية: الإقلاع عن التدخين؛ وهو القرار الذي يمكن أن يُخفَض احتمالية الإصابة بنسبةٍ كبيرة. وتساعد برامج الإقلاع المتوفرة في مستشفى NMC المرضى على تجاوز الإدمان بطريقة متدرجة وفعّالة.

كما ينصح الدكتور بيدي بتجنَب الأماكن المليئة بالدخان والملوثات، الحرص على ممارسة الرياضة، واتبَاع نظام غذائي غني بمضادات الأكسدة الموجودة في الفواكه والخضروات. كذلك لا تنسي أهمية تعزيز جودة الهواء داخل المنازل باستخدام أجهزة تنقية الهواء.

عند الحديث عن النواحي الصحية لسرطان الرئة، لا يمكن تجاهل الجانب النفسي للمرضى، فتلقَي تشخيص السرطان يُعدَ صدمةً كبيرة. لذلك يُقدم مستشفى NMC برامج دعمٍ نفسي تساعد المرضى في التكيَف مع العلاج، إضافةً إلى جلسات التوعية والإرشاد الصحي التي ترفع من جودة الحياة وتُقلَل من التوتر.

يبدو مستقبل علاج سرطان الرئة واعدًا للغاية؛ حيث يجري حاليًا تطوير لقاحاتٍ تستهدف الطفرات الجينية المحددة لكل مريض، إضافةً إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر والتنبؤ بتطور الأورام. وتساعد الجراحات الروبوتية الحديثة بدورها في تحسين دقة العمليات وتقليل فترة التعافي؛ كما تتطور فحوص الدم للكشف عن الحمض النووي الخاص بالورم قبل ظهوره في الأشعة، وهو ما قد يسمح باكتشاف السرطان في مراحله الأولى جداً.

كل ما عليكِ فعله عزيزتي هو اتخاذ الخطوة الأولى اليوم، نحو حماية نفسكِ ومن تحبين من سرطان الرئة: تخلَي عن التدخين بكافة أشكاله، تجنَبي الملوثات قدر الإمكان، احرصي على نظافة البيئة التي تتواجدين فيها دومًا، ولا تنسي مراجعة الطبيب لعمل الفحوصات أو تحرَي أية أعراض غير مألوفة قد تكون ناقوس خطرٍ للإصابة بسرطان الرئة.