في اليوم العالمي للسكري دعوة لحياةٍ أكثر وعيًا وصحة

في اليوم العالمي للسكري: دعوةٌ لحياةٍ أكثر وعيًا وصحة

جمانة الصباغ
14 نوفمبر 2025

 

لماذا السكري من الامراض الخطيرة التي يجب الوقاية منها؟

سؤالٌ يخطر في بالي كل يوم، ويتجدد بقوة مع اليوم العالمي للسكري، اليوم الذي نسعى من خلاله كإعلاميين ومختصين في مجال الصحة، توعية الناس حول مخاطر هذا المرض وضرورة الوقاية منه بكافة الطرق المتاحة.

فالسكري مرضٌ خطير بسبب مضاعفاته الشديدة على المدى الطويل، ومنها أمراض القلب، السكتات الدماغية، تلف الأعصاب الذي قد يؤدي إلى مشاكل في القدمين تصل للبتر، والفشل الكلوي. ويمكن أن يؤدي السكري أيضًا إلى مشاكل في العينين، قد تصل إلى العمى، وضعف السمع، بالإضافة إلى زيادة خطر الإصابة بالخرف وأمراض الجلد. لذلك، فإن الوقاية من السكري والسيطرة على مستويات السكر الطبيعية في الدم، أمرٌ حيوي لتجنب هذه المضاعفات الخطيرة.

يُعتبر اليوم العالمي للسكري الذي يُصادف الرابع عشر من نوفمبر من كل عام، حدثًا صحيًا عالميًا يهدف إلى رفع مستوى الوعي حول مرض السكري، تعزيز سبل الوقاية منه، وتشجيع التشخيص المبكر والعلاج الفعّال للحدّ من مضاعفاته الخطيرة. ويُعدّ هذا اليوم فرصةً سانحة أيضًا، لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها المرضى والمجتمعات حول العالم، خصوصًا في ظلّ الارتفاع المستمر في عدد المصابين بهذا المرض المزمن.

نتعرف من الدكتورة سلوى عازار، أخصائية أمراض السكري والغدد الصماء في مستشفى فقيه الجامعي دبي https://www.fuh.care/، على أنواع السكري؛ أعراضه وطرق علاجه، وبالتأكيد على السُبل الأنجع للوقاية منه. ونضمَ صوتنا إلى صوتها وأصوات جميع الأطباء من خلال موقع "هي"، داعين قارئات مجلتنا العزيزة إلى اتباع نمطٍ صحي يحمي ويُعزَز الحياة الصحية والخالية من الأمراض.

ما هو داء السكري؟

الدكتورة سلوى عازار أخصائية أمراض السكري والغدد الصماء في مستشفى فقيه الجامعي
الدكتورة سلوى عازار أخصائية أمراض السكري والغدد الصماء في مستشفى فقيه الجامعي

السكري هو اضطرابٌ استقلابي مُزمن، يحدث عندما يعجز الجسم عن إنتاج كميةٍ كافية من الأنسولين، أو عندما يفشل في استخدامه بفعالية، تقول الدكتورة عازار. مضيفةً أن الأنسولين هو الهرمون المسؤول عن تنظيم مستوى السكر في الدم، والحفاظ على توازن الطاقة داخل الجسم؛ وعند غياب هذا التوازن، ترتفع مستويات الجلوكوز في الدم لتُسبَب أضرارًا تدريجية للأعضاء الحيوية، مثل القلب، الكلى، العينين، والأعصاب.

ما هي أنواع داء السكري؟

هناك عدة أنواع من مرض السكري، لكنها تُصنَّف عادةً إلى ثلاث فئاتٍ رئيسية بالإضافة إلى بعض الأنواع الأقل شيوعًا، التي قد تنجم عن أسبابٍ وراثية أو أمراضٍ أخرى تؤثر في عمل البنكرياس أو الهرمونات المُنظمة للسكر في الدم.

والأنواع الثلاث بحسب الدكتورة عازار هي على النحو الآتي:

1.     السكري من النوع الأول: ويحدث نتيجة تدميرٍ مناعي ذاتي لخلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين؛ يظهر غالبًا في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ويحتاج المريض في هذه الحالة إلى حقن أنسولين مدى الحياة.

2.     السكري من النوع الثاني: وهو الأكثر شيوعًا عالميًا، غالبًا ما يرتبط بعوامل نمط الحياة مثل السُمنة، قلة النشاط البدني، والعادات الغذائية غير الصحية. وفي هذا النوع، لا يستخدم الجسم الأنسولين بشكلٍ فعال رغم إنتاجه.

3.     سكري الحمل: يظهر لدى بعض النساء أثناء فترة الحمل، بسبب التغيَرات الهرمونية، وقد يختفي بعد الولادة؛ لكنه قد يزيد من خطر إصابة الأم لاحقًا بالنوع الثاني من السكري.

فيما يخص الأنواع النادرة الأخرى، فتشمل بعض الأشكال الوراثية مثل السكري أحادي الجين، أو السكري الناتج عن أمراض البنكرياس أو استخدام أدويةٍ معينة تؤثر على إفراز الأنسولين.

داء السكري: أرقامٌ وإحصاءات مُقلقة

للأسف؛ لا نحمل خبرًا مفرحًا فيما يخص إحصاءات السكري حول العالم، بل ثمة أرقامًا مخيفة ينبغي التنبه لها، لتجنب الإصابة بهذا المرض قدر الإمكان.

ووفق بيانات الاتحاد الدولي للسكري، فإن أكثر من 540 مليون شخص حول العالم يعيشون مع هذا الداء، مع توقَع أن يتجاوز العدد 640 مليونًا بحلول عام 2030، في حال لم تُتخذ إجراءاتٌ فعّالة للحيلولة دون ذلك. وفي المنطقة العربية والخليجية تحديدًا، تُعدَ معدلات الإصابة من بين الأعلى عالميًا، نظرًا لتزايد السُمنة، انخفاض النشاط البدني، واعتماد الأنظمة الغذائية الغنية بالسكريات والدهون.

في دولة الإمارات العربية المتحدة، تبذل المؤسسات الصحية جهودًا كبيرة لمواجهة المرض من خلال حملات الفحص المجاني، التثقيف الصحي، وتشجيع تبنّي نمط حياةٍ صحي؛ إذ تُقدّر نسبة الإصابة بما يقارب 17% من السكان البالغين وفق بعض الدراسات الحديثة.

ما هي أعراض داء السكري؟

ساهم تطور أدوات فحص السكري في ضبط هذا الداء لدى كثيرين
ساهم تطور أدوات فحص السكري في ضبط هذا الداء لدى كثيرين  

تشير الدكتورة عازار إلى تفاوت أعراض السكري بين الأفراد، لكن من أبرز العلامات التي تستدعي الانتباه:

•        العطش والتبوّل المفرط.

•        فقدان الوزن غير المبرر.

•        الإرهاق المستمر.

•        تشوّش الرؤية.

•        التئام الجروح ببطء.

•        تكرار الالتهابات الجلدية أو البولية.

ما المضاعفات الخطيرة للسكري؟

إذا لم يُضبط مستوى السكر في الدم بشكلٍ جيد، يمكن أن يؤدي داء السكري إلى مضاعفاتٍ خطيرة تشمل:

1.     أمراض القلب والأوعية الدموية.

2.     الفشل الكلوي المزمن.

3.     اعتلال الشبكية وفقدان البصر.

4.     تلف الأعصاب (الاعتلال العصبي السكري).

5.     قُرح القدم السكرية، التي قد تصل في الحالات المتقدمة إلى البتر.

الوقاية من السكري: مفتاح السيطرة

لحسن الحظ؛ فإن الوقاية هي خير دليل على أن اعتماد نظامٍ حياتي وغذائي صحي، لا يحمي فقط من داء السكري، وإنما من أمراضٍ عديدة أخرى قد تُشكَل خطرًا على صحتنا ورفاهنا.

وتُعدَ الوقاية الركيزة الأساسية في محاربة داء السكري من النوع الثاني. وتشمل الخطوات الوقائية وفقًا لأخصائية أمراض السكري والغدد الصمَاء في مستشفى فقيه الجامعي الدكتورة سلوى عازار:

•        اتباع نظام غذائي متوازن: يرتكز على الخضروات والفواكه، الحبوب الكاملة، والدهون الصحية.

•        ممارسة الرياضة بانتظام: سواء المشي أو الجري أو السباحة، وغيرها من الأنشطة التي تحبين.

•        المحافظة على وزنٍ صحي: باستشارة الطبيب أو خبير التغذية، في حال زيادة الوزن المفرطة أو السُمنة، بغية وضع خطةٍ غذائية مخصصة للتخلص من الوزن.

•        الإقلاع عن التدخين: تلك الآفة التي تزيد من خطر السكري والعديد من الأمراض والمشاكل الصحية الأخرى.

•        إجراء الفحوصات الدورية: للكشف المبكر عن ارتفاع السكر في الدم، وكذلك للحفاظ على نسبٍ طبيعية منه.

دور التكنولوجيا في إدارة المرض

بفضل التكنولوجيا المتقدمة في مجالاتٍ عدة وعلى رأسها الصحي، شهدت السنوات الأخيرة تطوراتٍ مذهلة في إدارة داء السكري. فقد ظهرت أجهزة قياس السكر المستمرة، وتطبيقات الهاتف الذكي لمتابعة القراءات اليومية، إضافةً إلى مضخات الأنسولين الذكية التي تضبط الجرعة تلقائيًا، بناءً على احتياجات الجسم.

أهمية التوعية في اليوم العالمي للسكري

تُقام في هذا اليوم فعالياتٌ عالمية ومحلية، تشمل فحوصاتٍ مجانية، ندوات طبية، حملات عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، وإضاءة المعالم الشهيرة باللون الأزرق – وهو اللون الرمزي للسكري – تأكيدًا على وحدة الجهود العالمية ضد هذا المرض.

داء السكري: الجانب النفسي والاجتماعي

إلى جانب العلاج الدوائي، يُعتبر الدعم النفسي جزءًا أساسيًا من رحلة مريض السكري، إذ يُعاني بعض المرضى من القلق أو الاكتئاب بسبب تغيّر نمط حياتهم والخوف من تداعيات المرض عليهم. لذلك، تُشجع المؤسسات الصحية على برامج الدعم الجماعي والإرشاد النفسي، لمساعدة المرضى على التعايش الإيجابي مع الداء وتحسين جودة حياتهم.

نحو مستقبل خالٍ من السكري؛ هو الطموح العالمي اليوم والهادف لبناء مجتمعاتٍ أكثر وعيًا وصحة، وقادرة على منع المرض قبل حدوثه. وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أن نحو 80% من حالات السكري من النوع الثاني يمكن الوقاية منها من خلال تبنّي نمط حياة صحي.

هذا الهدف لا يتحقق إلا بتعاون الأفراد والحكومات والمؤسسات الطبية والتعليمية في تعزيز ثقافة الوقاية والكشف المبكر، وكذلك على وعي الناس حول أهمية الحياة الصحية في تحسين جودة الحياة وتجنب الأمراض على اختلافها.