كل ما تحتاجين معرفته عن إيقاع ساعتكِ البيولوجية.. لضبط حياتكِ وصحتكِ
لكل شيءٍ في هذا الكون إيقاعه وتوقيته الخاص؛ فالشمس تُشرق وتغرب في أوقاتٍ محددة، والكائنات كلها سواء الإنسان أو الحيوان أو حتى النبات، تتبع إيقاعًا معينًا ومنتظمًا في دورتها الحياتية اليومية.
يُطلق على هذا الإيقاع "الساعة البيولوجية"، أو إيقاع الساعة البيولوجية circadian rhythm والذي يتأثر بعوامل عديدة منها الضوء، أنماط النوم، الهرمونات، الوجبات الغذائية، ودرجة الحرارة، ما يؤثر على الصحة العامة ككل.
بمعنى آخر وكما أورد موقع Healthline؛ إيقاعكِ اليومي هو نمط نومك واستيقاظكِ على مدار 24 ساعة، ويؤثر على أجهزةٍ عدة في جسمكِ. قد يعاني بعض الأشخاص من اضطراباتٍ في إيقاعهم اليومي بسبب عوامل خارجية أو اضطرابات النوم، وهي مشكلةٌ شبه شائعة بين العديد منا هذه الأيام بسبب الضغوطات وطبيعة الحياة المتسارعة؛ لذا فاتباع بعض العادات الصحية يمكن أن يساعدكِ على الاستجابة بشكلٍ أفضل لإيقاع جسمكِ الطبيعي.
في مقالة اليوم، نستعرض وإياكِ عزيزتي لكل ما تحتاجين معرفته عن إيقاع الساعة البيولوجية؛ ما هي العوامل التي تتحكم فيها، كيف يكون هذا الأيقاع عند كافة الأعمار، وما هي الطرق الصحية لضبطها بغية تعزيز صحة وجودة الحياة.
ما هو إيقاعكِ اليومي؟
هو أحد الإيقاعات البيولوجية الأربعة في الجسم؛ يساعد على التحكم في جدولكِ اليومي للنوم واليقظة، ما يترك أثره البالغ على العديد من أجهزة الجسم، بما في ذلك الهضم، تنظيم درجة الحرارة، وإفراز الهرمونات.
وفيما يعمل دماغكِ على ضبط إيقاعكِ اليومي، يمكن لعوامل خارجية أيضًا أن تؤثر عليه، نخوض فيها في الفقرة التالية، بعد الإطلاع أكثر على كيفية عمل هذا الإيقاع.
كيف تعمل الإيقاعات اليومية؟
في منطقة ما تحت المهاد في دماغكِ، توجد "ساعة رئيسية" تساعد في تحديد إيقاعكِ اليومي. ويُعرف هذا الجزء من الدماغ باسم النواة فوق التصالبية (SCN)، التي ترسل إشاراتٍ إلى أجزاء أخرى من جسمكِ، وتستقبل المعلومات أيضًا.
المحرك الرئيسي للنواة فوق التصالبية هو الضوء؛ إذ تلتقط خلايا شبكية العين تغيَرات الضوء والظلام في البيئة المحيطة، ثم ترسل إشاراتٍ إلى تلك النواة. بعد ذلك، تُنشّط النواة فوق التصالبية هرموناتٍ معينة، تعمل على تغيير درجة حرارة الجسم، وتنظيم عملية الأيض لإبقائكِ متيقظة أو لتُساعدكِ على النوم.

بالرغم من أن الضوء والظلام لهما التأثير الأكبر على النواة فوق التصالبية، إلا أن عوامل أخرى يمكن أن تؤثر أيضًا على إيقاعكِ اليومي، منها تناول الطعام والتمثيل الغذائي؛ التوتر؛ النشاط البدني؛ البيئة الاجتماعية؛ درجة الحرارة والعمر.
لا يمكن أن نغفل عن دور الهرمونات الحيوي في هذه العملية أيضًا؛ إذ قد تزيد أو تقل هرمونات مثل الميلاتونين والكورتيزول، كجزءٍ من إيقاعك اليومي. ومعلومٌ أن الميلاتونين هو الهرمون الذي يجعلكِ تشعرين بالنعاس، ويفرز جسمكِ كمياتٍ أكبر منه ليلًا فيما يكبحه نهارًا؛ في حين يمكن للكورتيزول أن يجعلكِ أكثر يقظة، وينتج الجسم كمياتٍ أكبر منه صباحًا.
هرموناتٌ أخرى تلعب دورًا بارزًا في اليقظة والإيقاع اليومي؛ تتضمن الفازوبريسين، الأستيل كولين، الأنسولين والليبتين.
ما هو الإيقاع اليومي عند الأطفال؟
لا يتطور إيقاع الساعة البيولوجية لدى حديثي الولادة إلا بعد بلوغهم بضعة أشهر؛ وهو ما يُفسر إلى اضطراب أنماط نومهم في الأيام والأسابيع والأشهر الأولى من حياتهم، والذي يعاني من الأهل.
ليتطور هذا لديهم جراء تكيَفهم مع البيئة وتغيَرات أجسامهم. حيث يبدأ إفراز الميلاتونين عند بلوغهم حوالي ثلاثة أشهر، بينما يتطور هرمون الكورتيزول من شهرين إلى تسعة أشهر. وبمجرد أن ينضج إيقاع الساعة البيولوجية ووظائف الجسم، يصبح لدى الرُضع والأطفال الصغار جدول نومٍ مُنظم إلى حد ما، مع الإشارة إلى حاجة الأطفال في سن المدرسة لحوالي 9 إلى 12 ساعة من النوم ليلاً.
ما الإيقاع اليومي عند المراهقين؟
بالنسبة لجيل المراهقين خاصةً جيل زد؛ فهم عادةً ما يشهد تحولًا في إيقاع الساعة البيولوجية يُعرف باسم تأخر مرحلة النوم. إذ وعلى عكس سنوات طفولتهم، حيث ينامون مبكرًا حوالي الساعة 8 أو 9 مساءً، قد لا يشعر المراهقون بالتعب إلا بعد ذلك بكثير.
قد لا يرتفع مستوى الميلاتونين لدى المراهقين أيضًا إلا بعد عدة ساعات - أقرب إلى منتصف الليل في بعض الحالات. وهذا التحول يُسبَب أيضًا نوم المراهقين في وقتٍ متأخر من الصباح، لأنهم ما زالوا بحاجة لقدرٍ كافٍ من النوم.
ما هو الإيقاع اليومي للبالغين؟
ينبغي أن يتمتع البالغون بإيقاعٍ يومي ثابت إلى حدٍ، في حال اتبَعوا عاداتٍ صحية. ويجب أن تبقى أوقات نومهم واستيقاظهم ثابتة، إذا اما اتبَعوا جدولًا زمنيًا منتظمًا إلى حدٍ ما، مستهدفين الحصول على 7 إلى 9 ساعات من النوم كل ليلة.
يُرجّح أن يشعر البالغون بالنعاس قبل منتصف الليل بوقتٍ طويل مع إفراز الميلاتونين في أجسامهم. كما يُعاني البالغون غالبًا من انخفاض في مستوى الميلاتونين بعد الغداء حوالي الساعة 2 إلى 4 مساءً، حيث يشعرون خلاله بالنعاس وقلة اليقظة.
بالنسبة لكبار السن، فقد يشهدون تغيَراتٍ في إيقاعهم اليومي مع التقدم بالعمر. ليبدأوا بالذهاب إلى الفراش أبكر عما اعتادوا عليه، ويستيقظوا في الساعات الأولى من الصباح. وبشكلٍ عام، هذا جزءٌ طبيعي من الشيخوخة كما يفيد موقع Healthline.
ما العوامل التي قد تُؤثر على إيقاعكِ اليومي؟
في بعض الأوقات، يتعذر عليك اتباع إيقاعكِ اليومي، وتتعارض احتياجات نمط حياتكِ مع ساعتكِ البيولوجية. وقد يحدث هذا بسبب:
1. نوبات العمل الليلية أو خارج ساعات العمل، التي تتعارض مع أوقات الضوء والظلام الطبيعية.
2. نوبات العمل غير المنتظمة.
3. السفر عبر منطقة زمنية واحدة أو أكثر.
4. نمط حياة يُشجع على السهر لساعات متأخرة أو الاستيقاظ مبكرًا.
5. تناول بعض الأدوية.
6. التوتر والقلق.
7. حالات الصحة النفسية مثل الاكتئاب وغيرها.
8. حالاتٌ صحية مثل تلف الدماغ، الخرف، إصابات الرأس، أو العمى.
كذلك قد تؤثر بعض عادات النوم على إيقاعك اليومي، ومنها عدم انتظام جدول النوم؛ تناول الطعام أو الشراب في وقتٍ متأخر من الليل؛ مشاهدة التلفاز أو تصفح الهاتف قبل النوم بوقت قصير، وعدم وجود مساحة نوم مريحة.

كيف تُعيدين ضبط إيقاعكِ اليومي؟
لأن انتظام الساعة البيولوجية وإيقاعها ضروريٌ لتحسين وتعزيز صحتكِ بالإجمال، من الضروري البحث عن الطرق البديلة – الصحيحة والصحية – لإعادة هذا الإيقاع إلى مساره السليم.
ويُوجَه موقع Healthline ببعض النصائح لتعزيز جدولٍ يومي صحي يضمن لكِ إيقاعًا منتظمًا ومضبوطًا:
• حاولي الالتزام بروتينٍ يومي يشمل النوم والاستيقاظ والأكل وغيرها من النشاطات.
• اقضِ بعض الوقت في الهواء الطلق عندما يكون الجو مشرقًا، لتعزيز يقظتكِ.
• مارسي تمارين رياضية يومية كافية. ويوصي الخبراء بممارسة 30 دقيقة من ثلاثة إلى ستة أيام في الأسبوع، ولكن حتى 10 دقائق يوميًا يمكن أن تُحسّن جودة نومكِ.
• نامي في بيئةٍ تُشجع على الراحة مع إضاءة مناسبة، درجة حرارة مريحة، وفراش داعم.
• تجنَبي الكحول والكافيين والنيكوتين في المساء.
• أطفئي شاشاتكِ قبل النوم، وحاولي قراءة كتاب أو التأمل عوضًا عن ذلك.
• تجنَبي القيلولة في وقتٍ متأخر من بعد الظهر أو المساء (بعد الساعة 4 مساءً).
في الخلاصة؛ فإن إيقاع الساعة البيولوجية أمرٌ في غاية الأهمية، لرفاهنا وصحتنا، ولا يمكن تجاهل اضطرابه أو عدم انتظامه الطويل. لذا فإن اتباع بعض العادات الصحية، مثل الالتزام بنمطٍ صحي، تجنب الكافيين والشاشات قبل النوم، والاستيقاظ والنوم في ساعاتٍ محددة سوف يضمن لكِ انتظامًا وإيقاعًا صحيًا لساعتكِ البيولوجية، والذي ينعكس نحو جسدٍ صحي، عقلٍ مستنير، ونفسيةٍ خالية من التوتر والقلق.