سرطان الثدي قبل الأربعي

سرطان الثدي قبل الأربعين: 5 حقائق حول هذا المرض لدى النساء الأصغر سنًا

جمانة الصباغ
15 أكتوبر 2025

هل سرطان الثدي يصيب النساء الكبيرات في السن، أم أن السيدات دون الأربعين والخمسين هنَ عرضةً لخطر هذا المرض أيضًا؟

عادةً ما يرتبط سرطان الثدي، المرض الأكثر شيوعًا بين النساء حول العالم، بالنساء الأكبر سنًا؛ وغالبًا ما يبلغ متوسط العمر عند تشخيص الإصابة بالمرض 62 عامًا. لكن هذا الواقع لا يُلغي فرضية أن يتم تشخيص السرطان عند النساء في سنٍ مبكرة أيضًا.

والمثير للقلق، ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء دون سن الخمسين بشكلٍ أسرع (حوالي 1.4% سنويًا بين عامي 2012 و2022) مقارنةً بالنساء فوق سن الخمسين (حوالي 1% سنويًا)، وهو ما يُثير قلق الخبراء في كل مكان. وفي حين أن معدل الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء الأصغر سنًا لا يزال منخفضًا - حوالي 49 لكل 100 ألف امرأة في عام 2019، وفقًا لأحدث البيانات المتاحة (مؤسسة أبحاث سرطان الثدي) - إلا أنه يظل اتجاهًا مثيرًا للقلق الشديد، خاصةً أن النساء دون سن الأربعين ممن يتعرضنَ للمرض، يصبحنَ أكثر عرضةً للوفاة بنسبة 40% تقريبًا مقارنةً بالنساء فوق سن الأربعين. وحاليًا، يُعدَ سرطان الثدي السبب الرئيسي للوفاة بالسرطان لدى النساء اللائي تتراوح أعمارهنَ بين 20 و49 عامًا في الولايات المتحدة.

والأكثر من ذلك؛ أفادت الجمعية الأمريكية للسرطان مؤخرًا أن النساء دون سن الخمسين هنَ أكثر عرضةً الآن للإصابة بالسرطان بمرتين تقريبًا مقارنةً بالرجال في نفس الفئة العمرية - وهو اتجاه يُعزى في المقام الأول إلى زيادة معدلات الإصابة بسرطان الثدي.

سرطان الثدي قبل الأربعين - رئيسية
سرطان الثدي قبل الأربعين

لحسن الحظ، فإن الوعي العام حول سرطان الثدي لدى النساء الأصغر سنًا قد يتحسن. فقد أعلنت العديد من النجمات الأصغر سنًا عن تشخيص إصابتهنَ، بما في ذلك الممثلة أوليفيا مون، البالغة من العمر 43 عامًا، والتي كشفت في مارس 2024 أنها عولجت من سرطان الثدي اللوميني ب - وهو شكلٌ أكثر عدوانية من المرض. ولفتت من خلال وسائل الإعلام، الانتباه إلى الزيادة المثيرة للقلق في معدلات الإصابة بسرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم وسرطان الرئة وأنواع أخرى من السرطان بين الشباب، داعيةً إلى الفحص المستمر للكشف المبكر عن سرطان الثدي والنجاح في علاجه والتعافي منه بسرعة.

لا نبغي من هذه المقالة، زرع الخوف والتوجس في قلوب قارئاتنا العزيزات ممن هنَ دون الأربعين؛ بل نطمحُ، كعادتنا كل عام، للتوعية حول سرطان الثدي بكافة نواحيه وارتباطاته. لذا نقدمُ لكِ عزيزتي بعض الحقائق حول سرطان الثدي عند النساء لدى سن الأربعين، لزيادة معرفتكِ ووعيكِ حول هذا المرض؛ ولنشجعكِ كما نفعل دومًا على زيارة الطبيبة دوريًا للفحص والكشف المبكر.

5 حقائق حول سرطان الثدي قبل الأربعين

وفقًا للباحثين، فإن أسباب ارتفاع معدل الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء الأصغر سنًا مُعقدةٌ ومتعددة العوامل، منها تغيَر أنماط الإنجاب والرضاعة الطبيعية؛ تناول الكحول؛ زيادة الوزن؛ العوامل الوراثية، والتعرضات البيئية، وغيرها.

ولطالما ركَز باحثو مؤسسة أبحاث سرطان الثدي وعلماء آخرون حول العالم، على فهم عوامل خطر الإصابة بسرطان الثدي، بهدف تطوير علاجاتٍ وتدخلاتٍ وتدابير وقائية جديدة لدى النساء الأصغر سنًا. إليكِ 5 أمور مهمة نعرفها حتى الآن:

1. النساء الشابات أكثر عرضةً للإصابة بأشكالٍ عدوانية من هذا المرض

من المرجح أن تظهر على سرطانات الثدي لدى النساء دون سن الأربعين، سماتٌ قد تساهم في سوء التشخيص والنتائج منها حجم الورم الأكبر، ومرحلة الورم المتقدمة، وحالة مُستقبلات الهرمونات السلبية، والإفراط في التعبير عن بروتين HER2.

سرطان الثدي الثلاثي السلبي (TNBC) - وهو نوعٌ فرعي عدواني بشكلٍ خاص لا تتوفر له العديد من خيارات العلاج الموجهة، على الرغم من أنه آخذٌ في التغيَر – بات أكثر شيوعًا أيضًا لدى النساء الأصغر سنًا. كما ارتفعت معدلات الإصابة بسرطان الثدي النقيلي لدى النساء دون سن الأربعين بنسبة 3.5% سنويًا بين عامي 2004 و2017. كذلك فإن النساء الأصغر سنًا هنَ أكثر عرضة لتكرار الإصابة بعد خمس وعشر سنوات من العلاج مقارنةً بالنساء الأكبر سنًا.

2. الفوارق العرقية منتشرة بين الشابات ذوات البشرة الداكنة

تبلغ احتمالية تشخيص النساء ذوات البشرة السوداء أو الداكنة بسرطان الثدي الثلاثي السلبي ضعف احتمالية تشخيص النساء البيضاوات اللائي تتراوح أعمارهنَ بين 20 و44 عامًا. كما تُظهر الدراسات أن النساء السوداوات اللائي تتراوح أعمارهنَ بين 20 و39 عامًا، هنَ أكثر عرضةً للإصابة بسرطان الثدي من أي نوعٍ فرعي، مقارنةً بالنساء الأصغر سنًا من المجموعات العرقية والإثنية الأخرى، وأن احتمالية إصابتهنَ بسرطان الثدي أعلى بمرة ونصف مقارنةً بالنساء البيضاوات اللائي تتراوح أعمارهنَ بين 20 و29 عامًا.

3. المريضات الأصغر سنًا أكثر عرضة لعوامل الخطر الجينية للإصابة بسرطان الثدي

تعرفين الآن عزيزتي ما هي جينات BRCA1 و BRCA، والتي تزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي؛ وقد لوحظ مؤخرًا ازدياد هذه الطفرات لدى الشابات. وفي حين أن حوالي 6٪ من جميع النساء المصابات بسرطان الثدي يحملنَ طفرات BRCA، فإن النسبة تقترب من 12٪ لدى المريضات دون سن 45 عامًا المصابات بسرطان الثدي.

يرتفع خطر إصابة المرأة الأصغر سنًا بسرطان الثدي أيضًا إذا كان لديها فردٌ أو أكثر من أفراد عائلتها ممن شُخِّصت إصابتها بسرطان الثدي قبل سن الخمسين؛ أُصيبت بسرطان في كلا الثديين؛ أرجلٌ ُصيب بسرطان الثدي؛ أُصيبت بسرطان المبيض أو البنكرياس أو البروستاتا النقيلي؛ أُصيبت بسرطان الثدي الثلاثي السلبي، بدأت دورتها الشهرية الأولى قبل سن 12 أو حملت لأول مرة بعد سن الثلاثين أو لم تُرزق بأطفال.

نسب إصابة النساء قبل الأربعين بسرطان الثدي بازدياد للأسف
نسب إصابة النساء قبل الأربعين بسرطان الثدي بازدياد للأسف

4. مناقشة أعراض الثدي والمخاوف المتعلقة به أكثر تحديًا للنساء الشابات

قد يكون التحدث إلى مقدم الرعاية الصحية أمرًا صعبًا في أي مرحلةٍ من مراحل الحياة، وخاصةً بالنسبة للنساء الأصغر سنًا، اللاتي قد يكون لديهنَ خبرةٌ وثقةٌ أقل في الدفاع عن صحتهنَ.

قد لا تتعرف المرأة الشابة على أعراضها، وحتى لو تعرفت عليها؛ فقد تُعامل بتجاهلٍ عند التعبير عن مخاوفها المحددة مع طبيبها. إذا كانت دون سن الأربعين، فقد لا تخضع لتصوير الثدي بالأشعة السينية، حيث لا يُنصح به لهذه الفئة العمرية – في حين أوصت به مؤخرًا فرقة العمل المعنية بالخدمات الوقائية الأمريكية لجميع النساء اللاتي تتراوح أعمارهنَ بين 40 و49 عامًا. وفي حال خضوعها لتصوير الثدي بالأشعة السينية، من المرجح أن يُظهر نسيجًا كثيفًا في الثدي، مما قد يُخفي علامات السرطان. ونتيجةً لذلك، قد لا يتم تشخيص سرطانها في هذه السن، حتى يتفاقم مع الوقت.

5. تُشكَل علاجات السرطان تحدياتٍ كبيرة للمريضات الأصغر سنًا

لا شك في أن الخصوبة والقدرة على الإنجاب، هي مبعق قلقٍ كبير لمريضات سرطان الثدي الأصغر سنًا، واللائي يرغبنَ في تكوين أسرة أو إنجاب المزيد من الأطفال. وخلال التشخيص، أعربت حوالي نصف النساء الأصغر سنًا عن قلقهنَ بشأن العقم الناتج عن العلاج، لكن قليلات منهنَ يلجأن إلى استراتيجيات الحفاظ على الخصوبة. ورغم فعالية هذه التدابير، إلا أنها قد تُفاقم الضغوط المالية والجسدية والنفسية التي تُعاني منها الشابات بالفعل نتيجة علاج السرطان.

لعلاجات السرطان المنقذة للحياة تأثيرٌ كبير على جودة حياة المريضات في أي عمر. وبالنسبة للشابات تحديدًا، يمكن لعلاجات سرطان الثدي، مثل بعض العلاجات الكيميائية والعلاجات الهرمونية، أن تُسبَب انقطاع الطمث المؤقت أو الدائم قبل وقتٍ طويل من حدوثه الطبيعي. كما أن أعراض انقطاع الطمث بعد العلاج قد تؤثر بشكلٍ خطير على الصحة الجنسية والنفسية للمرأة الشابة، بالإضافة إلى جودة نومها. ورغم أن العلاج بالهرمونات البديلة قد يُساعد في تخفيف بعض الأعراض، إلا أنه ليس خيارًا متاحًا للعديد من المصابات بسرطان الثدي، لأنه قد يزيد من خطر تكرار الإصابة بالمرض.

جدير بالذكر أيضًا أن أبحاثًا أظهرت، أن بعض العلاجات الكيميائية والعلاجات الموجهة قد يكون لها تأثيرٌ سام على قلوب المريضات بعد سنوات - أو حتى عقود - من العلاج. والنساء الأصغر سنًا اللائي يعشنَ سنواتٍ طويلة بعد علاج سرطان الثدي، قد يُصبنَ بمضاعفاتٍ صحية قلبية طويلة الأمد تتطلب المراقبة والعلاج.

إحصاءات سرطان الثدي قبل الأربعين في الخليج والشرق الأوسط

تشير أحدث الدراسات إلى تزايدٍ ملحوظ في حالات سرطان الثدي بين النساء دون سن الأربعين في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وهو ما يثير قلقاً متزايداً لدى الأطباء والجهات الصحية.

نسب الإصابة قبل سن الأربعين

•       في الدول العربية، بما فيها السعودية، يُشخّص سرطان الثدي غالباً في سن مبكرة مقارنة بالدول الغربية؛ حيث يبلغ متوسط عمر التشخيص حوالي 52 عاماً، مقابل أكثر من 65 عاماً في الولايات المتحدة.

من الضروري الفحص المنتظم للكشف المبكر عن سرطان الثدي
من الضروري الفحص المنتظم للكشف المبكر عن سرطان الثدي

•       كشفت دراسةٌ حديثة عن زيادةٍ سنوية بنسبة 3% في حالات سرطان الثدي النقيلي (المنتشر) بين النساء من عمر 20 إلى 39 عاماً بين عامي 2004 و2021.

•       في الشرق الأوسط، بلغ عدد حالات سرطان الثدي الجديدة عام 2020 نحو 117,843 حالة؛ لكن لا توجد نسبةٌ دقيقة منشورة لحالات ما قبل الأربعين، رغم أن التقارير تشير إلى أن نسبةً كبيرة منها تُشخّص في مراحل متأخرة بسبب ضعف برامج الفحص المبكر.

تحدياتٌ خاصة بالشابات

•       غالبًا ما يكون سرطان الثدي في سنٍ مبكرة أكثر عدوانيةً وأقل استجابة للعلاج التقليدي، للأسف.

•       تتراوح معدلات البقاء على قيد الحياة بين 86–89% إذا تمَ التشخيص قبل الانتشار، لكنها تنخفض إلى 30% في حال انتشار الخلايا السرطانية.

•       هناك نقصٌ في برامج الفحص المبكر المخصصة للشابات، إذ تُركَز معظم الحملات على النساء فوق الأربعين.

في الخلاصة؛ فإن واقع إصابة النساء دون سن الأربعين والخمسين بسرطان الثدي بات أمرًا محتومًا، بل ويشهد ازديادًا مع السنوات. وبالتالي لا بد من توعية النساء الأصغر سنًا حول مخاطر الإصابة بهذا المرض قبل الأربعين، كونه أكثر عدوانيةً وأقل استجابةً للعلاجات التقليدية في هذه المرحلة العمرية المبكرة؛ من أجل زيادة الوعي حول أهمية الخضوع للفحوصات الطبية والماموغرام وغيرها بهدف الكشف عن المرض في مرحلةٍ مبكرة وتفعيل عملية العلاج الموصوفة من الطبيب.