
الإمساك لدى الأطفال والمراهقين: كل ما تحتاجين معرفته.. لتجنب هذه المشكلة
العديد من المشكلات الصحية والمتاعب، يغفل الصغار والمراهقون عنها، أو لا يُبلَغون أهلهم عند حدوثها؛ إما انشغالًا بأمورهم اليومية، أو لعدم دراية بضرورة التبليغ إلا في الحالات الشديدة، ولا ننسى بالطبع الحرج الذي ثد يُصيبهم جراء بعض تلك المشكلات، مثل الإمساك.
والحقيقة أن الإمساك هو مشكلةٌ طبيعية تواجه الجميع، صغارًا وكبارًا على حد سواء؛ لكن الأطفال والمراهقين لا يعرفون الكثير عنها، وبالأخص تداعياتها على صحتهم ورفاههم. لهذا نجدهم لا يُطلعون أهلهم عليها إلا في حال معاناتهم من ألمٍ شديد في المعدة يستدعي زيارة الطبيب، وتشير الإحصاءات إلى أنه في السعودية والإمارات، يُلاحظ أن الإمساك من أكثر أسباب زيارة الأطفال لأطباء الجهاز الهضمي.
هل الإمساك عند الأطفال والمراهقين أمرٌ خطير؟ ما الأسباب التي تقف وراؤه، ومتى نحتاج لرؤية الطبيب؟ والأهم، كيف نحميهم من الإمساك؟ جميع هذه الأسئلة نطرحها سويًا في مقالة اليوم، لأن صحة صغارنا وجيل زد تبقى أولويةً قصوى لنا جميعًا.
الإمساك عند الأطفال والمراهقين: الأسباب وعوامل الخطر

وفقًا لموقع "مايو كلينك" المختص، فإن الإمساك عند الأطفال والمراهقين هو مشكلةٌ شائعة؛ وغالبًا ما يعاني هؤلاء من حركات أمعاءٍ غير منتظمة أو برازٍ جاف وصلب.
يحدث الإمساك عادةً نتيجة تحرك الفضلات أو البراز ببطء شديد عبر الجهاز الهضمي، مما يجعل البراز صلبًا وجافًا. وتلعب أسبابٌ عدة كعامل للإصابة بالإمساك في هذه المراحل العمرية المبكرة، منها:
1. الحبس: إذ قد يتجاهل الصغار الرغبة في التبرز خوفًا من المرحاض أو نظافته، أو لعدم رغبتهم في أخذ استراحةٍ من اللعب والاستمتاع بما يفعلون. وغالبًا ما يمتنع الصغار عن التبرَز عندما يكونون خارج المنزل، لعدم ارتياحهم لاستخدام المراحيض العامة؛ ويلعب الأهل دورًا في تعزيز هذه الخشية، عند تحذيرهم لأولادهم من الجراثيم والبكتيريا التي يمكن أن تنتقل إليهم في حال استخدام الحمامات خارج المنزل.
2. قد تؤدي أيضًا آلام التبرَز الناتجة عن وجود برازٍ كبير وصلب، إلى حبس ومنع البراز من النزول خوفًا من تكرار هذه التجربة المؤلمة.
3. مشاكل التدريب على استخدام المرحاض: يُعد التدريب على المرحاض وفي عمرٍ مبكر، تحديًا كبيرًا ليس للأهل فقط وإنما للصغار أيضًا؛ فهم يشعرون بعدم الرغبة في فعل ذلك معظم الأوقات، ما يجعلهم يحبسون البراز لفترةٍ طويلة. وفي حال أصبح التدريب على استخدام المرحاض صراعًا بين الأهل والطفل، فقد يتحول القرار الطوعي بتجاهل الرغبة في التبرز بسرعة إلى عادةٍ لا إرادية يصعب تغييرها.
4. حدوث تغييراتٍ في النظام الغذائي: فنقص نقص الفواكه والخضراوات الغنية بالألياف أو السوائل في نظام طفلكِ الغذائي بين الحين والآخر، قد يُسبَب له الإمساك. ومن أكثر الأوقات شيوعًا لإمساك الصغار هو عند انتقالهم من نظامٍ غذائي يعتمد كليًا على السوائل إلى نظامٍ غذائي يتضمن الأطعمة الصلبة.
5. تغييرات في الروتين: في حالات السفر أو الطقس الحار أو التوتر، فإن وظائف الإمعاء قد تتغير عند الأطفال والمراهقين، ما يُعرَضهم لمشكلة الإمساك. كذلك فإن الصغار هم أكثر عرضةً للإصابة بالإمساك عند بدء الدراسة خارج المنزل.
6. الأدوية: يمكن لبعض مضادات الاكتئاب والعديد من الأدوية الأخرى أن تُساهم في الإصابة بالإمساك.
7. حساسية حليب البقر: هذه الحساسية تجاه حليب البقر أو تناول الكثير من منتجات الألبان (الجبن وحليب البقر) التي يعاني منها العديد من الأطفال، قد تتسبب بالإمساك أحيانًا.
8. التاريخ العائلي: فالأطفال والمراهقين ممن لديهم أفراد أو أقران من العائلة يعانون من الإمساك، هم الأكثر عرضةً للإصابة به؛ وقد يكون ذلك بسبب عوامل وراثية أو بيئية مشتركة.
9. الحالات الطبية: في حالاتٍ نادرة، قد يشير الإمساك لدى الأطفال والمراهقين إلى تشوهٍ تشريحي، أو مشكلة في الجهاز الأيضي أو الهضمي، أو حالاتٍ كامنة أخرى يقوم الطبيب بتشخيصها عادةً.
لا ننسى بالطبع عوامل الخطر التي يُرجّح أن تجعل الإمساك مشكلةً عند بعض الأطفالَ والمراهقين على حد سواء؛ مثل قليلي الحركة، الذين لا يتناولون نسبة كافية من الألياف أو لا يشربون السوائل بكميات كافية، منهم من يتناول أدويةً مُعينة أو يعاني من حالة طبية تُؤثّر على فتحة الشرج أو المستقيم أو من اضطرابٍ عصبي.
الإمساك عند الأطفال والمراهقين: أبرز الأعراض

كيف أعرفُ إن كان طفلي أو ابنتي المراهقة تعاني من الإمساك؟ قد تظهر عليهم الأعراض التالية:
• التبرَز أقل من ثلاث مرات في الأسبوع.
• حركة أمعاء صلبة وجافة، يصعب إخراجها.
• ألم في المعدة وأثناء التبرز.
• آثار براز سائل أو لزج في ملابس طفلكِ الداخلية هي علامة على تراكم البراز في المستقيم.
• وجود دم على سطح البراز الصلب.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن الإمساك وإن كان مزعجًا، عند الأطفال والمراهقين؛ إلا أنه لا يُشكَل خطورةً على صحتهم. لكن الإمساك المزمن قد ينقلب إلى مضاعفاتٍ مزعجة منها حدوث تشققاتٍ مؤلمة في الجلد المُحيط بفتحة الشرج (الشقوق الشرجية)؛ هبوط المستقيم، نتيجة خروج المستقيم من فتحة الشرج؛ وتجمع البراز المُنحشر في القولون والمستقيم وتسربه (سلس البراز).
الإمساك عند الأطفال والمراهقين: طرق الوقاية
القدوة الحسنة والمتابعة الحثيثة من قبلنا كأهل وأولياء أمور، تُسهم في تربية ونماء الأولاد في مختلف أعمارهم وتوجهاتهم. وكلما كنا نتَبع نمطًا صحيًا على كافة الصُعد، كلما اقتدى الأولاد بنا واهتموا بصحتهم كما نهتم بهم.
لذا ساعدي أطفالكِ ومراهقينكِ في التخلص من الإمساك وتجنبه قدر الإمكان، بإعداد خطةٍ غذائية وحياتية صحية لهم تتضمن النقاط الآتية:
1. قدّمي لهم أطعمة غنية بالألياف، مثل الفواكه والخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة والخبز. وإذا لم يكونوا معتادين على اتباع نظامٍ غذائي غني بالألياف، ابدأي بإضافة بضع جرامات فقط من الألياف يوميًا لمنع الغازات والانتفاخ. للأطفال صغار السن، يُنصح بحوالي 20 جرامًا من الألياف الغذائية (لكل 1000 سعر حراري)؛ للفتيات المراهقات والشابات، تصل الكمية إلى 29 جرامًا، أما الفتيان المراهقين والشباب فيحتاجون إلى 38 جرام يوميًا.
2. شجَعيهم على شرب الكثير من السوائل، مع التركيز على الماء.
3. شجَعيهم على ممارسة النشاط البدني وعدم التكاسل، لضمان تحفيز وظيفة الأمعاء الطبيعية.
4. خًصصي لهم روتينًا منتظمًا للذهاب إلى الحمام: خاصةً بعد الوجبات للأطفال الصغار.
5. ذكّريهم بضرورة الاستجابة لنداء الطبيعة، وعدم الانغماس في اللعب أو تجاهل الحاجة للتبرَز خشية الإصابة بالإمساك.
6. ادعميهم وكافئيهم على جهودهم وليس على نتائجهم؛ وذلك من خلال منح الصغار منهم بعض المكافآت، أو منح المراهقين بعض الامتيازات التي يبحثون عنها في رحلتهم الحياتية.
7. لا تعاقبيهم في حال لوثوا ملابسهم الداخلية، وهذا التنبيه بالأخص للأطفال الصغار.
8. راجعي أدويتهم مع الطبيب، لتجنب الإمساك قدر الإمكان.
في الختام؛ فإن الإمساك لا يُعدَ خطيرًا على صحة أولادنا إلا في حالة استمراره لأكثر من أسبوعين أو كان مصحوبًا ببعض الأعراض مثل الحمى، عدم القدرة على تناول الطعام، وجود دم في البراز، انتفاخ البطن وخسارة الوزن غير المبررة وغيرها من الأعراض الخطيرة. عندها من الضروري مراجعة الطبيب على الفور للعلاج السريع والمناسب.