الدوخة عرضٌ مرتبط بأمراض وحالات صحية ينبغي معالجتها والتحكم بها

ليست دومًا عرضًا عابرًا: كيف نُميَز بين الدوخة البسيطة والخطيرة؟

جمانة الصباغ

 

كثيرًا ما كنا نشهد مشاهد إغماء الممثلات على التلفاز أو في السينما، بعد شعورهنَ بدوخةٍ مفاجئة جراء الحمل. هذا المشهد البسيط، بالرغم من جماليته، إلا أنه لا يُعبَر فقط عن إصابة الحوامل بهذه المشكلة. فالكثير من الناس حول العالم، هم عرضةٌ للإصابة بالدوخة، وبعضهم لا يعرف الأسباب الكامنة وراء ذلك. 

الدوخة من أكثر الأعراض التي يختبرها الإنسان في حياته، وقد تأتي فجأة وتختفي خلال ثوانٍ، أو تستمر لساعات، مسببة شعورًا بالارتباك وعدم الثبات. هي ليست مرضًا قائمًا بذاته، بل عرضٌ يمكن أن يرتبط بمجموعةٍ واسعة من الحالات الصحية؛ تبدأ من مشاكل بسيطة مثل الجفاف أو قلة النوم، وقد تصل إلى أمراضٍ خطيرة مثل السكتة الدماغية أو اضطرابات القلب.

هذا ما أكدَه لنا الدكتور عمار العساف، أخصائي طب الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى فقيه الجامعي؛ مضيفًا: "الدوخة ليست دائمًا أمرًا عابرًا، وأحيانًا قد تكون جرس إنذارٍ يحتاج إلى التدخل الفوري، خصوصًا إذا ما ترافقت مع أعراضٍ عصبية أو قلبية. الفهم الجيد لأسبابها والفحص المبكر قد يمنع حدوث مضاعفاتٍ خطيرة".

الدوخة عرضٌ مرتبط بأمراض وحالات صحية ينبغي معالجتها والتحكم بها-رئيسية واولى
الدوخة عرضٌ مرتبط بأمراض وحالات صحية ينبغي معالجتها والتحكم بها

لا شك في أن الإصابة بالدوخة في الأماكن العامة، أو خلال حدثٍ مهم، قد يُعرَضنا للحرج؛ وهو أيضًا قد يتسبب لنا بمخاطر صحية، في حال السقوط على أجسامٍ حادة أو من على الشرفات كما حصل في العديد من حالات الوفاة الناجمة عن الدوخة. لذا من الضروري التنبه إلى هذه المسألة، وليس الذعر منها بالتأكيد؛ كي نضمن حياةً صحية ومُرفهة. ويبدأ ذلك من معرفة كافة التفاصيل المتعلقة بالدوخة؛ أسبابها، أنواعها، أعراضها، طرق علاجها والوقاية منها. وهو ما سوف نستعرضه سويًا في مقالة اليوم، لذا تابعي القراءة معنا عزيزتي..

ما الفرق بين الدوخة والدوار؟

يوضح الدكتور العساف أن كثيرًا من الناس يستخدمون مصطلحي "الدوخة" و"الدوار" بشكلٍ متبادل، لكن هناك فروقات بينهما تتمثل فيما يلي:

1.     الدوخة  (Lightheadedness): هي الشعور بخفة الرأس أو قرب فقدان الوعي.

2.     الدوار (Vertigo) : هو إحساسٌ بدوران المكان من حولكِ أو دوران جسمكِ، وغالبًا ما يكون سببه الأذن الداخلية.

هناك العديد من أنواع الدوخة، التي لا بد من معرفتها، للتشخيص الجيد ووصف العلاجات المناسبة.

وأنواع الدوخة ثلاث هي:

1.     الدوخة المفاجئة: وتحدث عند تغيير وضعية الجسم بسرعة، مثل الوقوف بعد الاستلقاء، وتستمر دقائق قليلة.

2.     الدوخة المستمرة: قد تدوم لساعاتٍ أو أيام، وتؤثر في قدرة الشخص على الحركة أو أداء الأنشطة اليومية.

3.     الدوخة الشديدة: ترتبط غالبًا بخللٍ في الأذن الداخلية، وتُصاحبها أعراضٌ مثل الغثيان، التعرق، وشحوب الوجه.

ما هي أسباب الدوخة؟

يُفصَل لنا الدكتور العساف الأسباب الكامنة وراء الدوخة على النحو الآتي:

1.     أسبابٌ بسيطة وعابرة: ومنها

•       انخفاض ضغط الدم الانتصابي: الذي يحدث عند الوقوف بسرعة بعد الجلوس، أو الاستلقاء، ويشيع لدى الشباب أو من يتناولون أدوية الضغط.

•       الجفاف: خصوصًا في الطقس الحار أو مع التعرق الزائد دون تعويض السوائل.

•       انخفاض سكر الدم: عند الصيام أو تأخير الوجبات.

•       التوتر والإرهاق: قلة النوم أو الضغط النفسي قد تؤثر على الجهاز العصبي وتوازن الجسم.

2.     مشاكل الأذن الداخلية: تحتوي الأذن الداخلية على جهاز التوازن، وأي خللٍ فيه قد يُسبب دوارًا شديدًا يشمل

•       الدوار الموضعي الحميد (BPPV) : وهي نوباتٌ قصيرة تحدث عند تغيير وضعية الرأس، بسبب تحرك بلوراتٍ صغيرة في الأذن.

مشاكل الأذن الداخلية من أبرز أسباب الدوخة لذا عالجيها في بدايتها
مشاكل الأذن الداخلية من أبرز أسباب الدوخة لذا عالجيها في بدايتها

•       التهاب العصب الدهليزي: غالبًا بعد عدوى فيروسية، ويُسبَب دوارًا مفاجئًا يستمر لأيام.

•       مرض منيير: يُسبَب نوبات دوار مع فقدان سمع وطنين في الأذن.

3.     أمراض القلب والأوعية: منها

•       اضطراب نُظم القلب (بطيء أو سريع جدًا).

•       ضعف ضخ الدم من القلب.

•       انسداد أو تضيَق الشرايين، ما يُقلَل تدفق الدم للمخ وحدوث الدوخة.

4.     أسباب عصبية: لا يمكن الحديث عن الدوخة دون التطرق إلى العوامل العصبية ومنها

•       السكتة الدماغية أو نقص التروية المؤقتة  (TIA).

•       الشقيقة الدهليزية: نوعٌ من الصداع النصفي يُسبَب نوبات دوخة.

•       أمراض مزمنة مثل التصلَب المتعدد أو أورام المخ.

5.     أسبابٌ أخرى: فضلًا عن الأسباب المذكورة أعلاه، فإن الدوخة يمكن أن تحدث بسببفقر الدم ، نقص الحديد أو فيتامين  B12؛ مشاكل في النظر أو ارتداء العدسات غير المناسبة؛ القلق ونوبات الهلع، بالإضافة إلى الآثار الجانبية لبعض الأدوية مثل مُدرات البول أو المُهدئات.

لا بدَ من الإشارة إلى اختلاف الدوخة حسب العمر، يقول الدكتور العساف؛ الأطفال غالبًا ما تصيبهم الدوخة بسبب الجفاف أو فقر الدم أو التهابات الأذن. يُصاب الشباب بالدوخة جراء انخفاض ضغط الدم الانتصابي، القلق، وقلة النوم؛ أما كبار السن فهم أكثر عرضةً لهذه المشكلة بسبب أمراض القلب، ضعف التوازن، أو الآثار الجانبية للأدوية.

للفصول دورٌ أيضًا في حدوث الدوخة؛ على سبيل المثال وخلال الصيف، يُعدَ الجفاف وضربات الشمس من أهم الأسباب وراء الدوخة. أما في الشتاء، فقد نتعرض للدوخة بسبب  قلة النشاط، مشاكل الجيوب الأنفية، أو تغيَرات ضغط الدم جراء البرد.

متى تصبح الدوخة حالةً طارئة؟

يُشدَد الدكتور العساف على ضرورة التوجه للطوارئ إذا كانت الدوخة مصحوبةً بالأعراض التالية:

•       ضعف أو تنميل في الوجه أو الأطراف.

•       صعوبة النطق أو الرؤية.

•       فقدان الوعي أو الإغماء.

•       دوار شديد ومفاجئ مع صداع حاد.

•       ألم في الصدر أو ضيق تنَفس.

وهناك يقوم الطبيب المختص بخطوات التشخيص اللازمة، من بينها معرفة التاريخ المرضي وفحص الجسم، ثم قد يطلب:

1.     تحاليل الدم: للكشف عن فقر الدم، اضطراب الأملاح أو السكر.

2.     قياس ضغط الدم في أوضاعٍ مختلفة.

3.     اختبارات التوازن: لتقييم عمل الأذن الداخلية.

4.     فحوصات السمع: لاستبعاد مشاكل الأذن.

5.     تخطيط القلب (ECG) أو فحوصاته المتقدمة.

6.     التصوير بالرنين المغناطيسي أو الأشعة المقطعية، إذا كان هناك اشتباهٌ بأسبابٍ عصبية.

الدكتور عمار العساف أخصائي طب الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى فقيه الجامعي
الدكتور عمار العساف أخصائي طب الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى فقيه الجامعي

كيف نحمي أنفسنا من الدوخة؟

الوقاية ونمط الحياة هما أفضل السُبل لتجنَب مشكلاتٍ صحية عديدة، من بينها الدوخة. وينصح الدكتور العساف بعدة خطوات للحد من حدوث الدوخة:

•       شرب 2–3 لترات ماء يوميًا، وزيادة الكمية في الأجواء الحارة.

•       تناول وجبات مُنتظمة ومتوازنة.

•       النهوض ببطء من وضعية الجلوس أو الاستلقاء.

•       ممارسة الرياضة بانتظام، خصوصًا تمارين التوازن.

•       تجنَب الإفراط في الكافيين والكحول.

•       مراجعة الأدوية مع الطبيب في حال تكرار الدوخة.

•       التحكم بالأمراض المُزمنة مثل الضغط والسكري.

في الختام؛ ينصحكِ الدكتور عمار العساف بالقول: "التعامل مع الدوخة يبدأ بعدم الاستهانة بها. إذا تكررت أو ترافق معها أي أعراضٍ مُقلقة، يجب استشارة الطبيب فورًا؛ فالتشخيص المبكر قد ينقذ الحياة ويمنع مضاعفات خطيرة".

للمزيد من المعلومات، يمكنكم زيارة الموقع الإلكتروني لمستشفى فقيه الجامعي:

https://www.fuh.care/