ضربة الشمس أو الإنهاك الحراري، ما الفرق؟

ضربة الشمس أو الإنهاك الحراري: ما الفرق بينهما، وأيهما أكثر خطورة؟

جمانة الصباغ

يحدث الإنهاك الحراري عندما يفقد الجسم كمياتٍ زائدة من الماء والأملاح، عادةً بسبب التعرق. في حين تُعدَ ضربة الشمس حالةً طبية طارئة وخطيرة، تحدث عندما يعجز الجسم عن التحكم في درجة حرارته الداخلية.

هل نفهم من التعريف أعلاه، أن ضربة الشمس هي أخطر من الإنهاك الحراري، أم أن كليهما خطير ويتطلب معالجةً فورية وصحيحة؟

الحر يشتدَ يومًا بعد يوم، ليس فقط في منطقتنا العربية والخليجية فحسب، بل حول العالم أيضًا؛ مع تحذيرات بأن تتجاوز درجات الحرارة في مثل هذه الأيام، معدلاتها الطبيعية خاصةً في دول مثل أوروبا. وهو ما يستدعي اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة، لحماية أنفسنا وأحبتنا (من الصغار وكبار السن على وجه الخصوص) من تداعيات ضربة الشمس أو الإنهاك الحراري.

لكن كيف أعرف أنني مصابةٌ بضربة شمس، أو بإنهاك حراري؟ كيف أتصرفُ، أو يتصرف من معي في مثل هذه الحالات؟ أسئلة كثيرة نطرحها في مقالة اليوم، مع بدء العطلة الصيفية وسفر معظمنا خارج البلاد، للاستمتاع بالشمس والبحر والأماكن السياحية؛ ويجيب عليها المختصون في موقع Healthline ضمن مقالةٍ شاملة عن هذين الموضوعين.

ضربة الشمس أو الإنهاك الحراري، ما الفرق؟ رئيسية واولى
ضربة الشمس أو الإنهاك الحراري، ما الفرق؟ 

ما الفرق بين ضربة الشمس والإنهاك الحراري؟

كتبت كيلي هانسن، وهي مساعد مدير التمريض في LT Home Healthcare لموقع Healthline شارحةً الفرق بين ضربة الشمس والإنهاك الحراري كما يلي:

مع ارتفاع درجات الحرارة، نميلُ لقضاء وقتٍ أطول في الخارج تحت أشعة الشمس الحارقة؛ ما يجعلنا عرضةً لأحد المشكلتين الأكبر في الصيف: ضربة الشمس والإنهاك الحراري. لذا من المهم معرفة الفرق بينهما، خصوصًا علامات وأعراض هاتين الحالتين، لإنقاذ حياتكِ أو حياة أحد أحبائكِ.

يمكن أن تكون أعراض ضربة الشمس أو الإجهاد الحراري خطيرةً للغاية، وقد يكون ظهور تشنجاتٍ عضلية أول مؤشرٍ على إصابتكِ بحالةٍ صحية مرتبطة بالحرارة. فيما تشمل الأعراض الأخرى:

1.     الإنهاك الحراري

•       التعب العام: خذي حمامًا باردًا أو استخدمي كمادات باردة لخفض درجة حرارة الجسم.

•       زيادة التعرق الشديد: رطَبي جسمكِ بالماء أو المشروبات الرياضية.

•       نبض أو معدل ضربات قلب ضعيف ولكن سريع: انتقلي إلى منطقة مُظللة أو باردة.

•       الغثيان أو التقيؤ: اطلب العلاج الطبي إذا استمر القيء.

•       إغماء محتمل، دوار ودوخة: استلقِ أرضًا.

•       بشرة شاحبة وباردة ورطبة: أزيلي أي طبقات إضافية أو ملابس غير ضرورية، مثل الأحذية أو الجوارب.

2.     ضربة الشمس:

•       ارتفاع حرارة الجسم فوق 40 درجة مئوية: اتصلي بالطوارئ.

•       نبض أو معدل ضربات قلب سريع وقوي: انتقلي إلى منطقة مُظللة أو باردة.

•       فقدان أو تغير الوعي: وزَعي الهواء فوق الجسم لتسريع عملية التبريد.

•       بشرة ساخنة أو حمراء أو جافة أو رطبة: استخدمي كمادات باردة أو قطعة قماش باردة ورطبة للمساعدة في خفض درجة حرارة الجسم.

ضعي في اعتباركِ أن ضربة الشمس يمكن أن تكون أكثر خطورةً من الإنهاك الحراري، وتتطلب عنايةً طبية فورية لمنع المضاعفات. وهو ما يدفعنا للبحث عن أسباب حدوث كلٍ من هاتين المشكلتين، لتجنب مضاعفاتهما، أو على الأقل، لتعلَم كيفية التعامل معهما بشكلٍ أفضل.

ما هي أسباب ضربة الشمس والإنهاك الحراري؟

تؤكد هانسن أن كلا ضربة الشمس والإجهاد الحراري يحدثان نتيجة عجز الجسم على تبريد نفسه.

العرق هو أداة الجسم الطبيعية لتبريد الجسم؛ إذا كنتِ تمارسين الرياضة أو تعملين بجهدٍ شديد في الطقس الحار أو تقفين تحت الشمس لوقتٍ طويل، فقد يواجه جسمكِ صعوبةً بإنتاج كميةٍ كافيةٍ من العرق للحفاظ على برودتكِ. وهو ما قد يؤدي للإصابة بضربة الشمس والإنهاك الحراري على حد سواء.

فيما تشمل الأسباب الأخرى لهاتين المشكلتين ما يلي:

•       الجفاف.

•       ارتداء ملابس ثقيلة وضيقة.

•       تناول الكحول.

إذا كنتِ تعانين من الإنهاك الحراري لفترةٍ طويلة، فقد يؤدي ذلك إلى ضربة شمس. ويمكن أن تحدث ضربة الشمس بسرعة إذا كان الجو حارًا جدًا، أو إذا كنتِ تُرهقين نفسكِ؛ لذلك من المهم بدء العلاج عند ظهور أولى علامات الإنهاك الحراري قبل أن تتحول لضربة شمس.

كما في معظم الأمراض والمشاكل الصحية الأخرى، فإن ضربة الشمس والإنهاك الحراري يمكن أن يُشكلًا خطورةً أكبر، وفرصًا أكثر، للحدوث عن فئات معينة من الناس، وضمن عوامل خطر محددة نستكشفها في التالي..

حاولي ممارسة الرياضة في غير أوقات الذروة واشربي الماء بكثرة
حاولي ممارسة الرياضة في غير أوقات الذروة واشربي الماء بكثرة

ما عوامل خطورة ضربة الشمس والإنهاك الحراري؟

هناك عوامل معينة قد تزيد من خطر إصابتكِ بالإنهاك الحراري وضربة الشمس، على الرغم من أن أي شخصٍ قد يكون مُعرضًا للإصابة بأي منهما، تجيب هانسن؛ شارحةً للعوامل التالية التي قد تزيد من خطر الإصابة بحساسية الحرارة:

1.     العمر: الرُضع والأطفال دون سن الرابعة والبالغون ممن تبلغ أعمارهم 65 عامًا فأكثر، هم أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة؛ وذلك لأن القدرة على تنظيم درجة الحرارة تكون أكثر صعوبةً في هذه الأعمار.

2.     الأدوية الموصوفة: قد تُقلَل بعض الأدوية المُستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب من قدرتكِ في الحفاظ على رطوبة جسمكِ. كما يمكن أن يُسبَب الجفاف الإنهاك الحراري وضربة الشمس.

3.     السُمنة: يحتفظ جسمكِ بالمزيد من الحرارة عندما يكون وزنكِ زائدًا. كما قد يكون من الصعب تبريد جسمكِ إذا كنتِ تعانين من زيادة الوزن أو السُمنة.

4.     التغيرات المفاجئة في درجة الحرارة: عند الانتقال بسرعة من مناخٍ بارد إلى مناخٍ دافئ، مثل الذهاب في إجازةٍ لمكانٍ أكثر حرارة؛ قد لا يتمكن جسمكِ من التكيف مع الطقس الدافئ، وقد تواجهين صعوبةً أكبر في تنظيم درجة حرارة جسمكِ نتيجةً لذلك.

5.     ارتفاع مؤشر الحرارة: هو المقياس الذي يأخذ في الاعتبار الرطوبة ودرجة الحرارة الخارجية لتحديد مدى شعوركِ بالحرارة. فإذا كانت الرطوبة مرتفعةً، يتبخر العرق بسهولةً أكبر، وقد تجدين صعوبةً في تبريد جسمكِ. وفي حال تجاوز مؤشر الحرارة 32.8 درجة مئوية، عليكِ التركيز على طرق الوقاية.

متى يُعتبر الإنهاك الحراري حالةً طارئة؟

إذا نجحتِ في تبريد جسمكِ خلال 30 دقيقة، فلا يُعتبر الإنهاك الحراري حالةً طارئة عادةً. ولكن في حال لم تتمكني من خفض درجة حرارة جسمكِ، أو ظهرت عليكِ أيٌ من الأعراض التالية، فعليكِ الاتصال بالطوارئ وطلب العناية الطبية الفورية:

•       ارتفاع درجة حرارة الجسم عن 40 درجة مئوية.

•       التشوش الذهني.

•       فقدان الوعي.

•       عدم التعرق، رغم الشعور بالحرارة.

•       ضيق التنفس وتسارعه.

•       غثيان أو قيء مفرط.

•       الإصابة بنوبة ورعشة شديدة في الجسم.

في المستشفى، سيقوم المختصون بإجراء التشخيص المناسب لوضع خطةٍ علاجية لكافة أعراضكِ؛ إليكِ التفاصيل..

كيف يتم تشخيص وعلاج الإنهاك الحراري وضربة الشمس؟

إذا كنتِ تعانين من أية أعراض لمرضٍ مرتبط بالحرارة، فعليكِ قياس درجة حرارتكِ؛ قد تشير درجة الحرارة التي تزيد عن 38 درجة مئوية إلى الإنهاك الحراري، بينما تشير درجة الحرارة التي تزيد عن 40 درجة مئوية إلى ضربة شمس. في هذه الحالة، اطلبي العناية الطبية فورًا كما أسلفنا.

من المرجح أن يتمكن طبيبكِ من تشخيص الإنهاك الحراري أو ضربة الشمس، بناءً على أعراضكِ؛ ولكنه قد يقرر إجراء بعض الفحوصات لتأكيد التشخيص أو التحقق من وجود مضاعفات:

1.     قد يُستخدم فحص الدم للتحقق من مستويات الصوديوم أو البوتاسيوم، للمساعدة في تحديد ما إذا كنتِ تعانين من الجفاف.

2.     قد يتم أخذ عينة من البول؛ علامة الجفاف تكون عادةً تحول البول للأصفر الداكن.

3.     قد يتم إجراء اختبارات وظائف العضلات.

4.     يجري طبيبكِ فحوصاتٍ للتحقق من وظائف الكلى.

5.     يمكن استخدام الأشعة السينية وفحوصات التصوير الأخرى، لتحديد ما إذا كنتِ تعانين من أي تلفٍ في الأعضاء الداخلية.

إذا بدأتِ تشعرين بأعراض الإنهاك الحراري (المذكورة في بداية المقالة)، حاولي البحث عن مكانٍ أكثر برودة إن أمكن. على سبيل المثال، إذا كنتِ في الخارج، ابحثي عن منطقة مُظللة؛ أما إذا كنتِ في الداخل، فتخلصي من طبقةٍ من ملابسكِ أو زيدي من درجة تبريد المكيَف.

قد ترغبين أيضًا في الاستلقاء؛ إذا لم يكن ذلك ممكنًا، توقفي عن ممارسة أي أنشطة شاقة؛ قد يساعد ذلك جسمكِ على تنظيم درجة حرارته. اشربي الماء أو المشروب الرياضي للمساعدة في ترطيب جسمكِ؛ تحتوي المشروبات الرياضية على إلكتروليتات التي يفقدها جسمكِ بسبب التعرق المفرط.

في حال شعرتِ بالغثيان أو القيء، اطلبي المساعدة فورًا. تُعتبر ضربة الشمس حالةً طبية طارئة، لذا اتصلي بخدمات الطوارئ المحلية على الفور في حال الشك بإصابتكِ بها. قد تضعكِ الطبيبة في حمامٍ من الماء المثلج البارد لخفض درجة حرارتكِ بسرعة، كما قد ترشّ بشرتكِ بالماء، أو تضع كمادات ثلج، أو تلفّكِ ببطانية تبريد خاصة.

إذا تسبَب البرد في ارتعاشكِ، فقد تصف لكِ الطبيبة أدويةً لإيقاف الارتعاش؛ وهو ما قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم.

لحسن الحظ، ومع العلاج؛ يمكنكِ التعافي تمامًا من الإنهاك الحراري. كما يمكن للتدخل المبكر منع تطوره إلى ضربة شمس، التي إن تُركت دون علاج، فقد تُسبب تلفًا في القلب والكلى والعضلات والكبد والرئتين والدماغ. وقد يزداد خطر الإصابة بمضاعفاتٍ خطيرة، بما في ذلك الوفاة لا سمح الله، كلما تأخر العلاج؛ لذا لا تستهيني أبدًا عزيزتي بضربة الشمس، وتعاملي معها بحكمةٍ وسرعة.

يمكن أيضًا تجنب الوصول إلى ضربة الشمس المميتة، من خلال منع الإصابة بالإنهاك الحراري. كيف؟ باتخاذ بعض إجراءات الوقاية التي تحول من البداية، من الوصول إلى هذه المرحلة الخطيرة.

تجنبي ضربة الشمس والإنهاك الحراري باتباع إجراءات الوقاية
تجنبي ضربة الشمس والإنهاك الحراري باتباع إجراءات الوقاية

كيف أحمي نفسي من الإنهاك الحراري وضربة الشمس؟

من أهم طرق الوقاية من الأمراض المرتبطة بالحرارة، مثل الإنهاك الحراري وضربة الشمس، الحفاظ على درجة حرارة جسمكِ باردة؛ هذه النصيحة الأولى التي تُسديها كيلي هانسن، مشيرةً إلى أهمية التنبه إلى هذه النقطة بصورةٍ خاصة عند العمل أو ممارسة الأنشطة في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس الحارة أو المباشرة.

إليك بقية نصائح الوقاية كما جاءت على موقع Healthline:

•       حافظي على رطوبة جسمكِ: اشربي من كوبين إلى أربعة أكواب من الماء كل ساعة تمارسين فيها أنشطةً في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس الحارة أو المباشرة. يحتاج جسمكِ إلى كميةٍ من الماء أكبر من المعتاد، عند العمل في بيئةٍ حارة؛ لأنكِ ستفقدين المزيد من السوائل من خلال التعرق. تجنَبي المشروبات التي تحتوي على الكافيين، إذا كنتِ تمارسين أنشطةً شاقة، وخاصةً في الحر؛ إذ يزيد الكافيين من خطر إصابتكِ بالجفاف.

وفي الأيام الحارة، حاولي ممارسة المزيد من الأنشطة في الداخل في بيئة مُتحكم بدرجة حرارتها أو مُكيفة. كذلك حاولي تجنب ممارسة الأنشطة في الخارج خلال أشد أوقات اليوم حرارةً وفي ضوء الشمس المباشر.

•       ارتدِ ملابس فاتحة اللون، فضفاضة، وخفيفة الوزن عند ممارسة الأنشطة في الخارج في الحر: ستحمي القبعة واسعة الحواف وجهكِ من الشمس وتساعدكِ على البقاء أكثر برودة.

•       استحمي بماءٍ بارد خلال الأيام الحارة، لتبريد جسمكِ.

•       خذي فترات راحةٍ متكررة عند العمل أو ممارسة الرياضة في الحر.

•       لا تتركي الأطفال أو الرُضع أو البالغين أو الحيوانات الأليفة في سيارةٍ مغلقة أو متوقفة؛ يمكن أن تصبح درجة الحرارة داخل السيارة المغلقة مرتفعةً جدًا، حتى لو كانت درجة الحرارة في الخارج معتدلة، وقد يؤدي ذلك إلى أمراضٍ مرتبطة بالحرارة.

في الختام؛ ليس ممنوعًا أبدًا الاستمتاع بفصل الصيف ونشاطاته ورحلاته، إنما يمكن أن يُساعد التخطيط المُسبق للأنشطة في الطقس الحار، في تقليل خطر الإصابة بالإنهاك الحراري وضربة الشمس.

والآن، وبعد معرفتكِ الشديدة بالفرق بينهما، وكيف أن الإنهاك الحراري يأتي أولًا ثم يتحول لضربة شمس في حال عدم علاجه والتعامل معه بسرعة؛ يمكنكِ عزيزتي التمتع بإجازة الصيف وعدم السماح للطقس الحار وأشعة الشمس القوية بتنغيصها، لأنكِ بالتأكيد ستتخذين كافة الإجراءات الوقائية للحيلولة دون ذلك.