
بعد تصدّر "ترند الكركم" منصات التواصل الاجتماعي: ماذا نعرف عن أهمية الكركم للصحة والجسم؟
هل جربتِ "ترند الكركم"، أم بعد؟
ماذا تنتظرين عزيزتي؟ نصف الكرة الأرضية تقريبًا، يبدو أنها انضمت إلى حمى هذا الترند الذي لا ننكر جماله وروعته، خصوصًا في ظل ردود أفعال الأطفال عليه. حتى الكبار لم يُخفوا فرحتهم واندهاشهم بهذا المزيج الجميل بين الماء والكركم الأصفر، منهم عجوزٌ فاقت فرحتها بالترند أكثر من أي طفلٍ آخر؛ كأنها استعادت به بعض ذكريات الطفولة، أو حققت حلمًا من أيام الصغر لم يتحقق بعد!
وعلى الرغم من تحذيرات بعض الدول، مثل مصر، من مغبة "الإسراف" في استهلاك ماء الشرب لعمل هذا الترند، كونه يُهدَد الأمن المائي ويُشجع على هدر الماء؛ إلا أنه ما زال يلقى الكثير من التفاعل، وهناك من يتحدث عن ارتفاع أسعار الكركم جراء سريان الترند كالنار في الهشيم حول العالم.
جمال ترند الكركم دفعنا للبحث عن فوائد أحد أبرز مكونيه، ألا وهو الكركم؛ هذا النوع من التوابل الهندية الرائجة الاستخدام في مختلف أصقاع العالم، والذي يمكن إضافته لمعظم الأطعمة والمشروبات وحتى الحلويات.
البعض يتحدث عن قوة الكركم في محاربة الزهايمر، منهم دراسةٌ نُشرت في مجلةJournal of Alzheimer's Disease، وخلصت إلى أن الكركم ذو دورٍ فعال في الحيلولة دون فقدان الذاكرة ومحاربة مرض ألزهايمر. وكانت دراسةٌ سابقة أُجريت في العام 2018 على 40 شخصًا غير مصابين بالخرف، وتمَ تقسّيمهم إلى مجموعتين؛ أُعطي عشرين منهم الكركم، فيما أُعطي العشرين الآخرين مكملًا غذائيًا وهميًا. وبعد متابعة المشاركين لمدة 18 شهرًا، توصل الباحثون العاملون على الدراسة إلى أن الكركم يُحسَن الذاكرة لدى الأشخاص الذين لا يعانون من ضعفٍ في الإدراك. وأُخضع المشاركون بعد ذلك لفحص الدماغ (FDDNP-PET)، ليُظهر أن الكركم يُقلَل أيضًا من ترسب البروتينات في الدماغ (الأميلويد والتاو) المرتبطة بالخرف.
هل هذه الفائدة الوحيدة التي نجدها في الكركم؟ بالطبع لا، فهناك العديد من الخصائص والمزايا الخارقة لهذا التابل التي تجعل منه إضافة صحية لا بدَ منها في نظامنا الغذائي الصحي. إليكِ التفاصيل..

ما أهمية الكركم للصحة والجسم؟
قبل البدء في تعداد تلك الفوائد، لا بدَ من تذكيركِ عزيزتي، بوجوب استشارة الطبيب المختص قبل إدخال الكركم ضمن وجباتكِ اليومية؛ خصوصأ لجهة التأكد من قدرته على تحسين صحتكِ، وعدم إيذائها في ظل جنوح البعض أحيانًا نحو الإفراط في استخدام كل ما ننصح به.
وبالعودة إلى أهمية الكركم للصحة والجسم، يشير موقع Healthline المختص بالشؤون الصحية إلى أن قوة هذا التابل تنبعُ بصورةٍ أساسية من مكونه النشط الرئيسي والمعروف بإسم الكركمين.
الكركمين هو المكون النشط الرئيسي في الكركم، وهو أحد المُركبات الأخرى المعروفة بإسم الكركمينويدات الموجودة في الكركم وتمتاز بخصائص طبية عدة. ما يجعل إضافة الكركم باعتدال إلى أطعمتنا ومشروباتنا اليومية، يمنحنا العديد من الفوائد الصحية التي يُفنَدها موقع Healthline على النحو التالي:
1. لغناه بالمُركبات النشطة بيولوجيًا: مُركباتٌ ذات خصائص طبية وتأثيرٍ قوي. ومع ذلك، فإن محتوى الكركمين في الكركم حوالي 1-6٪ فقط من حيث الوزن.
2. مُركب طبيعي مضاد للالتهابات: يُعدَ الكركمين مادةً نشطة بيولوجيًا يمكنها المساعدة في مكافحة الالتهابات، على الرغم من الحاجة لجرعاتٍ عالية جدًا منه للحصول على أفضل النتائج الطبية. مع ذلك، يبقى للكركم قدرةٌ لا يُستهان بها على مكافحة الالتهابات التي تتسبب بالعديد من الحالات الصحية والأمراض. وبهذا، يمكن أن يساعد الكركم في مكافحة الالتهابات المزمنة، إنما بشرط استشارة الطبيب لضمان حسن الاستخدام والاستفادة.
3. زيادة قدرة الجسم على محاربة الأكسدة: كلنا يعلم أن الضرر التأكسدي يقف وراء تسارع الشيخوخة والعديد من الأمراض التي تُصيب أجسامنا. وينطوي هذا الضرر على الجذور الحرة، التي تُعدَ جزيئاتٍ شديدة التفاعل مع الإلكترونات غير المُقترنة. وتميل هذه الجذور للتفاعل مع المواد العضوية المهمة الأخرى، مثل الأحماض الدهنية أو البروتينات أو الحمض النووي.
ما الذي يُساعد على تحييد هذه الجذور الحرة؟ الكركمين بالطبع؛ وذلك بفضل بنيته الكيميائية. وقد أشارت دراسات حيوانية وخلوية عدة إلى أن الكركمين قد يمنع عمل الجذور الحرة، كما قد يُحفَز عمل مضادات الأكسدة الأخرى. إنما تبقى الحاجة ملحةً لمزيدٍ من الدراسات السريرية على البشر لتأكيد هذه الفوائد.
4. قابل للذوبان في الدهون: يمتاز الكركم بقدرةٍ فائقة على التحلَل والذوبان في الدهون أو الزيت؛ لذا ينصح الخبراء في الموقع، بتناول مكملات الكركمين مع الوجبات الغنية بالدهون، لضمان الحصول على نتيجةٍ جيدة.
5. تعزيز عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ: حتى في مرحلة البلوغ، تكون الخلايا العصبية في الدماغ قادرةً على تكوين اتصالاتٍ جديدة؛ وفي مناطق معينة من الدماغ، يمكن أن تتكاثر وتزداد في العدد. أحد المحركات الرئيسية لهذه العملية هو عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)، والذي يلعب دورًا بارزً في الذاكرة والتعلَم؛ ويمكن إيجاده في مناطق الدماغ المسؤولة عن الأكل والشرب ووزن الجسم. وقد تمَ ربط العديد من اضطرابات الدماغ الشائعة بانخفاض مستويات بروتين BDNF، بما في ذلك الاكتئاب ومرض ألزهايمر.
وفي دراساتٍ أجريت على الحيوانات والبشر، تبين للباحثين أن الكركمين قد يزيد من مستويات BDNF في الدماغ. وبذلك، قد يكون فعالًا في تأخير أو حتى عكس العديد من أمراض الدماغ وانخفاض وظائف المخ المرتبطة بالعمر. كذلك قد يساعد الكركمين في تحسين الذاكرة والانتباه، وهو أمر يبدو منطقيًا نظرًا لتأثيراته على مستويات BDNF. إلا أن دراساتٍ إضافية تبقى ملحةً لتأكيد هذه النظرية بشكلٍ تام.
6. التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب: السبب الأول للوفاة في العالم؛ وتشير الأبحاث إلى أن الكركمين قد يحمي من العديد من الخطوات في عملية أمراض القلب.
على وجه التحديد، يساعد الكركمين في تحسين وظيفة بطانة الأوعية الدموية؛ والمعروف أن خلل وظائف بطانة الأوعية الدموية هو أحد الأسباب الرئيسية لأمراض القلب، ويحدث نتيجة عجز بطانة الأوعية الدموية عن تنظيم ضغط الدم وتجلَط الدم وعوامل أخرى مختلفة.
ووفقًا للعديد من الدراسات الأخرى، فإن للكركمين قدرةٌ على إحداث تحسيناتٍ في صحة القلب؛ ويمكنه المساعدة في تقليل الالتهاب والأكسدة (كما ذكرنا آنفًا)، وهي عوامل تلعب دورًا رئيسيًا في منع أمراض القلب.
7. فعالية في الوقاية من السرطان: يبدو أن العديد من أشكال السرطان المختلفة تتأثر بمكملات الكركمين. وقد تمت دراسة الكركمين كعشبٍ مفيد في علاج السرطان، ليجد الباحثون أنه يؤثر على نمو السرطان وتطوره. فيما أظهرت دراساتٌ أخرى أنه يمكن أن يُساهم في موت الخلايا السرطانية، يُخفَض من تكوين الأوعية الدموية (نمو الأوعية الدموية الجديدة في الأورام)، ويُقلَل من انتشار السرطان.
وتبرز بعض الأدلة أيضًا على أن الكركمين قد يمنع حدوث السرطان في المقام الأول، وخاصةً سرطانات الجهاز الهضمي مثل سرطان القولون والمستقيم.
8. مفيد في علاج مرض الزهايمر: الشكل الأكثر شيوعًا للخرف، والذي قد يساهم بما يصل إلى 70٪ من حالات الخرف. ومن المعروف أن الالتهاب والتلف التأكسدي يلعبان دورًا في مرض ألزهايمر، وقد وُجد أن الكركمين له تأثيراتٌ مفيدة على كليهما.
تشير الأبحاث أيضًا إلى أن الكركمين يمكن أن يساعد في إزالة تراكم التشابكات البروتينية التي تُسمى لويحات الأميلويد والتي يُسبَبها المرض.
9. استجابة مرضى التهاب المفاصل لمكملات الكركمين: هناك أنواعٌ عدة مختلفة من التهاب المفاصل، معظمها ينطوي على حدوث التهاباتٍ في المفاصل. ففي دراسةٍ على الأشخاص المصابين بهشاشة العظام، تبيَن أن الكركمين أكثر فعاليةً في تخفيف الألم من الدواء الوهمي؛ كما توصلَ البحث إلى أن تأثيره مشابهٌ لتأثير الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs).

في دراسةٍ أخرى حول التهاب المفاصل الروماتويدي، تبيَن أن الكركمين ساعد في تقليل الالتهاب المرتبط بالمرض. مع ذلك، هناك حاجةٌ للمزيد من الدراسة لفهم ما إذا كان الكركمين يمكن أن يحل محل مثل هذه الأدوية في علاج آلام التهاب المفاصل.
10. فوائد ضد الاكتئاب: أظهر الكركمين بعض النجاح في علاج اضطرابات المزاج؛ وتشمل آثاره الإيجابية على الدماغ، تعزيز الناقلات العصبية في الدماغ السيروتونين والدوبامين، وتقليل الالتهاب، وتشجيع مرونة الدماغ. ما يشير إلى أن هذه النبتة العشبية قد تكون مضادًا فعالًا للاكتئاب.
11. مكافحة الشيخوخة والأمراض المزمنة: قد يساعد الكركمين في تأخير الشيخوخة ومحاربة الأمراض المزمنة المرتبطة بالعمر. وإذا كان الكركمين يساعد حقًا في الوقاية من أمراض القلب والسرطان ومرض ألزهايمر، فقد يكون له فوائد لإطالة العمر أيضًا.
خلاصة القول؛ يجب أن نشكر من ابتكر ترند الكركم بشكلٍ أو بآخر، لأنه أتاح لنا فرصة استكشاف ميزات وخصائص هذه العشبة الفريدة من نوعها، وبصورةٍ محددة مُركبها الحيوي الكركمين الذي يُظهر فعاليةً كبيرة في محاربة الأمراض المزمنة وألزهايمر والتجاعيد، كما يساعد في إدارة الوزن كونه قابل للذوبان في الدهون.
إنما من الضروري والمهم دومًا، عدم التسرع في اعتماد الكركم كعنصرٍ أساسي في نظامنا الغذائي اليومي وبشكلٍ مفرط، كما يفعل البعض. لأن الإفراط في تناول الكركم قد تكون له تداعيات سلبية على الصحة مثل التقيؤ والإسهال أو الإمساك.