
في عيد الأضحى المبارك.. خبيرة نفسية تشرح لـ"هي" تأثير الطبيعة على الصحة النفسية
باتت الصحة النفسية من أبرز القضايا التي تتطلب اهتماماً بالغًا، وبخاصة مع تزايد ضغوطات الحياة. ومع قدوم عيد الأضحى المبارك، توجد فرصة كبيرة للاستجمام، والانفصال عن هذه الضغوط. وهي فرصة يجب اغتنامها، والتخطيط للاستمتاع بعطلة العيد مع الطبيعة، سواء بحر أو بين الأشجار والمساحات الخضراء، من خلال السفر إلى أماكن تحظى بطبيعة خلابة وذات طقس معتدل.
أثبتت دراسات علمية حديثة أن التفاعل مع الطبيعة وقضاء الوقت بين أحضانها له تأثير بالغ في تعزيز الصحة النفسية، إذ أنها تساهم بشكل ملحوظ في تخفيف التوتر، وتعزيز الشعور بالراحة النفسية، وتحسين المزاج العام.
وتأكيدًا على تأثير الطبيعة على الصحة النفسية، تقدم لنا الدكتورة "ناهدة نياز احمد"، المدير الطبي التنفيذي – "سكينة" توضيح أكثر لهذا التأثير من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:

كيف يؤثر التفاعل مع الطبيعة على الصحة النفسية من وجهة نظر علم النفس؟
يساهم التواجد في البيئات الطبيعية في خفض مؤشرات التوتر الجسدية، ورفع الحالة المزاجية، واستعادة التوازن الذهني. تدعم نظريات مثل "استعادة الانتباه" لكابلان (1995) و"التعافي من التوتر" لأولريتش (1991) هذا المفهوم، حيث تؤكد أن الطبيعة تفعّل الجهاز العصبي الباراسمبثاوي وتساعد الجسم على الانتقال من التوتر إلى التعافي. كما أظهرت دراسات حديثة في علم الأعصاب (Bratman وآخرون، 2019) أن قضاء الوقت في الطبيعة يقلل من نشاط مناطق الدماغ المرتبطة بالاجترار السلبي. في سكينة، ندمج الطبيعة بشكل مقصود في مسارات العلاج، ونعاملها كعنصر مساعد في الشفاء النفسي والروحي.
هل توجد علاقة بين قضاء الوقت في الأماكن الطبيعية وانخفاض معدلات الاكتئاب والقلق؟
نعم، فالدراسات الحديثة تشير إلى أن الانغماس في الطبيعة له دور وقائي وعلاجي فعال في تقليل أعراض القلق والاكتئاب. أظهرت دراسة نُشرت عام 2015 في مجلة PNAS أن المشي في المساحات الخضراء يقلل من النشاط العصبي المرتبط بالاجترار، وهو من المؤشرات المبكرة للاكتئاب. كما أظهرت بعض الأبحاث الصادرة عن "المركز الأوروبي للبيئة وصحة الإنسان" في العام 2019 أن قضاء 120 دقيقة أسبوعياً في الطبيعة يرتبط بمستويات أعلى من الرفاهية النفسية وانخفاض ملحوظ في معدلات القلق والاكتئاب. في سكينة، نوصي مرضانا بالاندماج المنتظم في الطبيعة كجزء من الخطة العلاجية والوقائية، بما يشمل المشي وممارسة التأمل في بيئات هادئة وطبيعية.

هل هناك فرق في التأثير النفسي بين المشي في الطبيعة وممارسة التأمل أو اليوغا في الهواء الطلق؟
لكل منهما أثره العلاجي المختلف. فالمشي في الطبيعة يحفز الحواس ويساهم في تحسين الحالة المزاجية والوظائف الإدراكية، بينما تعزز اليوغا والتأمل في الهواء الطلق من الوعي الداخلي وتنظيم العواطف. تشير بعض الأبحاث إلى أن الدمج بين الطريقتين – وهو ما يسمى بـ"الانغماس الواعي في الطبيعة"، الذي يعزز الفوائد العلاجية بشكل أكبر. في سكينة، نشجع على مثل هذه الممارسات المتكاملة كجزء من نهج علاجي شامل ومراعٍ للثقافة والصدمة النفسية.
كيف يمكن استخدام الطبيعة كأداة داعمة للعلاج النفسي والسلوكي، خاصة في فئة المراهقين أو كبار السن؟
توفّر الطبيعة بيئة آمنة وغنية بالحواس تساعد على الانخراط في العلاج، خاصة للفئات التي قد تتردد في خوض جلسات العلاج التقليدية داخل العيادات. بالنسبة لكبار السن، أثبتت برامج مثل "الرعاية الخضراء" والزراعة العلاجية فعاليتها في تقليل العزلة وتعزيز الوظائف المعرفية. أما المراهقون، فيستفيدون من المساحات المفتوحة التي تقلل الضغط الاجتماعي وتُسهم في بناء الثقة بالنفس والتعبير عن الذات. في سكينة، نقوم بتطوير برامج علاجية في الهواء الطلق تتضمن أنشطة جماعية، وفنون تعبيرية في الطبيعة، وعلاج بيئي لتعزيز التعبير العاطفي والشعور بالسيطرة وبناء العلاقات.
هل يمكن اعتبار التواصل مع الطبيعة وسيلة وقائية للحفاظ على الصحة النفسية على المدى الطويل؟
نعم، فالتعرض المبكر والمستمر للطبيعة يُسهم في تقليل احتمالية الإصابة بالاضطرابات النفسية لاحقاً. فالتواصل مع الطبيعة يُعزز التنظيم العاطفي، ويُنمّي الشعور بالدهشة والانتماء، ويقوّي المرونة النفسية. في سكينة، نُدرج هذا النوع من التواصل ضمن أربع ركائز أساسية نعتمدها في الرعاية النفسية طويلة الأمد:
- التواصل مع الذات لتعزيز الوعي والذكاء العاطفي
- التواصل مع المجتمع والأحبة لدعم الانتماء والعلاقات
- التواصل مع الخالق أو البُعد الروحي لإضفاء المعنى وبث الطمأنينة
- التواصل مع الطبيعة لاستعادة التوازن من خلال الانسجام مع إيقاع الحياة الطبيعي
من خلال تغذية هذه الروابط المتكاملة، نبني شبكة دعم متينة للصحة النفسية تنسجم مع رؤية سكينة في تقديم رعاية إنسانية، شمولية، وروحية.

خلاصة القول:
للطبيعة سحر أخاذ، فهي تسحر الأعين، وتأسر النفس في عالم كله إيجابية وومضات مضيئة تعزز من الصحة النفسية، وتساهم في تحسين المزاج، لذا تغلبوا على ضغوطات الحياة بالتواصل الدائم مع الطبيعة، واغتنموا عطلة عيد الأضحى المبارك لتعزيز صحتكم النفسية، ولمساعدتكم على استئناف الحياة العملية ومسؤوليات الحياة من جديد.
كل وعام وأنتم بخير وعيد مبارك وسعيد،،،