
أحد تداعيات السكري على صحة العين: إليكِ طرق الوقاية من اعتلال الشبكية السكري
يُمثَل داء السكري مصدر قلقٍ صحي عالمي متزايد؛ حيث يُعاني منه حاليًا 589 مليون بالغ (تتراوح أعمارهم بين 20 و79 عامًا)، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 853 مليونًا بحلول عام 2050.
وبحسب آخر الإحصائيات الرئيسية:
• يُعزى أكثر من 3.4 مليون حالة وفاة سنويًا إلى داء السكري.
• يجهل أكثر من 4 من كل 10 بالغين مصابين بداء السكري، إصابتهم به.
• أكثر من 90% من حالات داء السكري هي من النوع الثاني، وتتأثر بعوامل مثل التحضَر، وشيخوخة السكان، وتغييرات نمط الحياة.
• بلغ الإنفاق الصحي المرتبط بداء السكري تريليون دولار أمريكي، مُسجلاً زيادة بنسبة 338% خلال السنوات السبع عشرة الماضية.
فيما يُمثَل داء السكري تحديًا صحيًا كبيرًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يُسجل أعلى معدل انتشار إقليمي بنسبة 17.6%. إليكِ بعض الإحصائيات الرئيسية حول وضع السكري في منطقتنا:
• يُتوقع إصابة 84.7 مليون بالغ (20-79 عامًا) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمرض السكري بحلول عام 2024، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 163 مليونًا بحلول عام 2050، أي بزيادةٍ قدرها 92%.
• تحدث 21.6% من الوفيات المرتبطة بداء السكري في المنطقة لدى الأشخاص الذين تقلَ أعمارهم عن 60 عامًا، مما يجعلها من أعلى النسب عالميًا.
• لا يزال 37.2% من مرضى السكري في المنطقة دون تشخيص.
وتبلغ نسبة انتشار مرض السكري بين البالغين في دولة الإمارات العربية المتحدة 20.7%، مع توقع وصوله إلى 1.27 مليون حالة بحلول عام 2024.
تُسلط هذه الأرقام الضوء على الحاجة الملحة إلى تحسين الوعي والتشخيص المبكر وتعزيز استراتيجيات الرعاية الصحية في المنطقة. ويمكن أن تُساعد التدابير الوقائية، مثل الحفاظ على نظامٍ غذائي صحي، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والتشخيص المبكر، في إدارة مرض السكري والحد من آثاره، وفي طليعتها اعتلال الشبكية السكري الذي تُخبرنا الدكتورة عفراء سلمان، أخصائية طب العيون في المستشفى الدولي الحديث المزيد عنه في مقالة اليوم..

ما هو تأثير داء السكري على العين؟
وفقًا لشرح الدكتورة سلمان، يُعتبر مرض السكري من أكثر الأمراض المُزمنة التي تؤثر على العديد من أعضاء الجسم، ومن أبرزها العين. ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى تلف الأوعية الدموية الدقيقة في العين، مما قد يُسبَب ضعفًا في البصر أو حتى العمى، إذا لم يتم التعامل مع الحالة بالشكل المناسب.
ما هو اعتلال الشبكية السكري؟
أو (Diabetic Retinopathy) هو أحد مضاعفات مرض السكري، التي تؤثر على شبكية العين؛ وهي الجزء المسؤول عن تحويل الضوء إلى إشاراتٍ تُرسل إلى الدماغ لتكوين الصورة.
ينتج الاعتلال جراء تلف الأوعية الدموية الدقيقة في الشبكية، بسبب ارتفاع مستوى السكر في الدم. وتكون هذه الأوعية أكثر عرضةً للتسرب أو الانسداد، وقد تنمو أوعيةٌ جديدة بشكلٍ غير طبيعي، مما يؤدي إلى مشاكل في الرؤية.
ما أبرز أعراض اعتلال الشبكية السكري؟
غالبًا ما لا تظهر الأعراض في المراحل المبكرة، تقول الدكتور سلمان؛ ولهذا يُعدَ الفحص الدوري للعين أمرًا ضروريًا. ومع تقدم الحالة، قد تظهر الأعراض التالية:
1. رؤية ضبابية أو غير واضحة.
2. بقع داكنة أو عائمة في مجال الرؤية.
3. ضعف في الرؤية الليلية.
4. صعوبة في تمييز الألوان.
5. فقدان مفاجئ للرؤية في إحدى العينين.
6. رؤية خطوط مستقيمة بشكلٍ متموج.
هل يمكن أن يُسبَب اعتلال الشبكية السكري العمى؟
نعم، يمكن أن يؤدي اعتلال الشبكية السكري إلى العمى، خاصةً إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه في الوقت المناسب. ويُشخَّص اعتلال الشبكية السكري عادةً من خلال فحصٍ شامل للعين باستخدام قطرةٍ لتوسيع حدقة العين، مما يتيح للطبيب رؤية داخل العين بوضوح. كما قد يتضمن هذا الفحص استخدام صبغة في وريد الذراع لتصوير الأوعية الدموية في العين، أو استخدام التصوير المقطعي المتماسك البصري لقياس سمك الشبكية.
قد يلجأ الطبيب المختص أيضًا إلى فحص المصباح الشقي؛ ويُستخدم هذا الفحص لاكتشاف أي تغيَراتٍ في الشبكية، مثل الانتفاخات أو النزيف أو التغيرات في الأوعية الدموية. كذلك قد يطلب الطبيب من المريضة استخدام شبكة آمسلر لاختبار صفاء الرؤية المركزية؛ أو يُخضعها لفحص الأعصاب البصرية الذي يُمكن أن يساعد في تقييم مدى تأثير اعتلال الشبكية السكري على الأعصاب البصرية.
قد يتضمن الفحص أيضًا اختباراتٍ مثل اختبار الفتيل، واختبار الإحساس، وفحص توصيل الأعصاب. ويساعد الفحص المبكر لشبكية العين في الكشف عن اعتلال الشبكية السكري في مراحله الأولى، مما يتيح للمريض الحصول على العلاج المناسب لمنع فقدان البصر؛ وهو ما سوف نتعرف عليه بالتفصيل من الدكتورة سلمان.

ما هي طرق علاج اعتلال الشبكية السكري؟
في حال تشخيص اعتلال الشبكية السكري، تختلف خيارات العلاج حسب المرحلة، وتشمل ما يلي:
1. العلاج بالليزر (Photocoagulation)
يُستخدم لعلاج الأوعية الدموية المتسربة ومنع تطور الحالة. ويُقلَل هذا العلاج من خطر فقدان الرؤية، ولكنه لا يعيد البصر المفقود.
2. حقن العين بمضادات عامل النمو الوعائي (Anti-VEGF Therapy)
من أبرزها: أفليبرسيبت (Eylea)، بيفاسيزوماب (Avastin)، ورانيبيزوماب (Lucentis). وتمنع هذه الحقن نمو الأوعية الدموية غير الطبيعية، كما تُقلَل من التورم الشبكي، ويتم تكرار الحقن بشكلٍ دوري حسب الحالة.
3. العلاج بالستيرويدات
تُستخدم في بعض الحالات للحد من التورم في الشبكية، وقد تؤدي إلى مضاعفاتٍ مثل ارتفاع ضغط العين أو إعتام عدسة العين؛ لذا يجب أخذها تحت إشراف الطبيب المعالج.
4. جراحة استئصال الجسم الزجاجي (Vitrectomy)
تُستخدم في الحالات المتقدمة لإزالة الدم أو الأنسجة الندبية من العين، وقد تُحسن الرؤية بشكلٍ كبير في الحالات المتقدمة.
ما هي أحدث التطورات في علاج اعتلال الشبكية السكري؟
تستعرض لنا أخصائية طب العيون في المستشفى الدولي الحديث الدكتورة عفراء سلمان، لأحدث ما توصلَ إليه الطب في مجال علاج اعتلال الشبكية السكري، بغية تحسين جودة حياة مرضى السكري. وتتضمن ما يلي:
1. الأجهزة الذكية للمراقبة المستمرة
تساعد تقنيات مراقبة الجلوكوز المستمرة (CGM) في ضبط السكر بدقة وتقليل خطر المضاعفات العينية.
2. التصوير الشبكي بالذكاء الاصطناعي
عبارة عن أدوات حديثة تعتمد على الذكاء الاصطناعي، لفحص شبكية العين دون الحاجة لطبيبٍ مختص، مما يساهم في الكشف المبكر.
3. العلاجات الجينية والخلوية
ما زالت في مراحل التجارب، لكنها تحمل آمالًا كبيرة لإصلاح تلف الشبكية بدلاً من السيطرة فقط على الأعراض.
4. تقنيات الليزر الموجه الدقيقة (Micropulse Laser Therapy)
وهي نوعٌ متقدم من العلاج بالليزر يُسبَب ضررًا أقل للأنسجة المحيطة.
يبقى للوقاية دورٌ أساسي وكبير، في منع تدهور صحة العين جراء الإصابة بداء السكري؛ وهو ما نتعرف عليه في السطور التالية..

كيف أقي نفسي من اعتلال الشبكية السكري؟
رغم خطورة هذا الاعتلال، إلا أن الوقاية منه ممكنةٌ، تؤكد الدكتورة سلمان؛ وذلك من خلال:
1. التحكم الصارم في مستوى السكر بالدم (ضبط مستويات السكر قدر الإمكان).
2. المحافظة على ضغط الدم والكوليسترول ضمن الحدود الطبيعية.
3. اتباع نظامٍ غذائي صحي وممارسة النشاط البدني بانتظام.
4. الإقلاع عن التدخين.
5. إجراء فحص] شامل للعين مرة واحدة على الأقل سنويًا.
في الختام؛ فإن اعتلال الشبكية السكري هو تهديدٌ صامت للرؤية، لكنه قابل للوقاية والعلاج في حال الكشف المبكر عنه والالتزام بالعلاج. ودمج التكنولوجيا الحديثة في مراقبة السكري وفحص العين الدقيق، يمنح الأمل للملايين من المرضى حول العالم في الحفاظ على نعمة البصر.