سلمى بلير ممثلة أمريكية مصابة بمرض التصلب المتعدد

فهم التصلب المتعدد قبل يومه العالمي في 30 مايو: الأعراض والأسباب والعلاج

جمانة الصباغ

لا يكاد يمرَ شهر مايو هذه السنة أيضًا، دون الحاجة للإضاءة على مشكلةٍ صحية كبيرة يعاني منها البالغون في مرحلةٍ ما من حياتهم هي مرض التصلب اللويحي المتعدد Multiple Sclerosis المعروف اختصارًا بكلمة MS. ويؤثر التصلب اللويحي على ملايين الأشخاص حول العالم؛ وبحسب الإحصاءات الرسمية الأخيرة:

الدكتور مصطفى صيام مختص في مجال الأمراض العصبية من مستشفى فقيه الجامعي دبي
الدكتور مصطفى صيام مختص في مجال الأمراض العصبية من مستشفى فقيه الجامعي دبي

•             الانتشار العالمي: يعيش حوالي 2.9 مليون شخص مصاب بالتصلب المتعدد حول العالم.

•             الزيادة مع مرور الوقت: فقد ارتفع عدد المصابين بالتصلب المتعدد من 2.3 مليون في عام 2013 إلى 2.8 مليون في عام 2020، ليصل إلى 2.9 مليون في عام 2023.

•             التوزيع حسب الجنس: يُعدَ التصلب المتعدد أكثر شيوعًا لدى الشباب، ويحدث بشكلٍ أكثر تكرارًا لدى الإناث.

•             معدل الإصابة: حوالي 2.1 حالة لكل 100,000 شخص سنويًا، مما يعني أنه يتم تشخيص حالةٍ واحدة بالتصلب المتعدد كل 5 دقائق عالميًا.

تُبرز هذه الأرقام التأثير المتزايد للتصلب المتعدد، والحاجة إلى مواصلة البحث والدعم. لهذا تنضم "هي" كل عام، إلى مختلف وسائل الإعلام والتواصل حول العالم، للحديث عن هذا المرض والتوعية بشأنه؛ من خلال مقابلاتٍ تُجريها مع مختصين في مجال الأمراض العصبية، كون التصلب المتعدد يندرج ضمن هذه الفئة.

وفي مقابلة اليوم، مع الدكتور مصطفى صيام، مختص في مجال الأمراض العصبية من مستشفى فقيه الجامعي دبي؛ سوف نستعرض سويًا لأسباب وأعراض التصلب المتعدد، بالإضافة إلى طرق العلاج والوقاية. إنما بدايةً، دعينا عزيزتي نتعرف على المشاهير المصابين بهذا المرض، والذين عمدوا لاستخدام فنهم ومنصاتهم المختلفة، للتوعية والحديث عنه.

من هم المشاهير المصابين بالتصلب المتعدد؟

سلمى بلير ممثلة أمريكية مصابة بمرض التصلب المتعدد - رئيسية واولى
سلمى بلير ممثلة أمريكية مصابة بمرض التصلب المتعدد 

شاركت العديد من الشخصيات المعروفة تجاربها مع التصلب المتعدد (MS) علنًا، مما ساهم في رفع مستوى الوعي بهذا المرض. من بينهم:

•             كريستينا آبلغيت - الممثلة المعروفة بفيلمي Married with Children وDead to Me، أعلنت عن تشخيص إصابتها بالتصلب المتعدد عام 2021.

•             سلمى بلير - نجمة فيلم Cruel Intentions، كشفت عن تشخيص إصابتها بالتصلب المتعدد عام 2018؛ ومنذ ذلك الحين، عبّرت عن تجربتها مع المرض.

•             مونتيل ويليامز - مُقدّم البرامج الحوارية السابق، شُخّصت إصابته عام 1999، وعمل على رفع مستوى الوعي من خلال مؤسسته.

•             إيما كولفيلد فورد - كشفت نجمة مسلسل  Buffy the Vampire Slayer عام 2022 عن إصابتها بالتصلب المتعدد لأكثر من عقد.

•             جاك أوزبورن - شُخّصت شخصية تلفزيون الواقع بالتصلب اللويحي عام 2012، وتحدث عن تكيّفه مع الحياة مع المرض.

•             تريفور باين - كشف الفائز بسباق دايتونا 500 عن تشخيص إصابته عام 2013.

•             آرت أليكساكيس - كشف المغني الرئيسي لفرقة Everclear عن تشخيص إصابته بالتصلب المتعدد بعد ثلاث سنوات من تشخيصه.

وقد واجه كلٌّ من هؤلاء الأفراد تحدياتٍ فريدة مع التصلب المتعدد، لكن العديد منهم استخدموا منصاتهم للدعوة إلى البحث والتوعية.

وإذا ما أردنا تحديد ماهية التصلب، فإنه يشير إلى تصلبٍ غير طبيعي في أنسجة الجسم. ويمكن أن يوصف أيضًا على أنه مرضٌ مزمن ومتفاقم، يُلحق الضرر بأغلفة الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي، مما يؤدي إلى أعراضٍ مثل التنميل، وضعف الكلام، ومشاكل في تنسيق العضلات، وعدم وضوح الرؤية، وإرهاقٍ شديد. وبمعنى أوسع، قد يعني التصلب أيضًا مقاومةً مفرطة للتغيير.

هناك أنواعٌ مختلفة من التصلب؛ بما في ذلك التصلب المتعدد (MS)، والتصلب الجانبي الضموري (ALS)، والتصلب الجهازي، ويؤثر كل منها على أجزاءٍ مختلفة من الجسم.

التعرض الآمن للشمس للحصول على فيتامين د يحمي من التصلب المتعدد
التعرض الآمن للشمس للحصول على فيتامين د يحمي من التصلب المتعدد

ما هو التصلب المتعدد؟

بالعودة إلى الدكتور صيام من مستشفى فقيه الجامعي، يكشف لنا المختص في مجال الأمراض العصبية أن MS هو مرضٌ مزمن يصيب الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والنخاع الشوكي)؛ حيث يقوم جهاز المناعة بمهاجمة المادة التي تُغلَف الأعصاب وتُعرف باسم الميالين، مما يؤدي إلى تلفٍ في الأعصاب ويؤثر في قدرة الدماغ على إرسال الإشارات لباقي أجزاء الجسم.

ما هي أسباب التصلب المتعدد؟

السبب الرئيسي وراء هذا المرض غير معروف بشكلٍ دقيق، يجيب الدكتور صيام؛ لكن ثمة مجموعةً من العوامل التي يُعتقد أنها تساهم في حدوث المرض، منها:

1.            حدوث خللٍ في الجهاز المناعي: حيث يهاجم الجسم نفسه ويؤذي الأعصاب.

2.            نقص فيتامين د: نتيجة قلة التعرض لأشعة الشمس.

3.            الإصابة ببعض الفيروسات مثل فيروس إبشتاين-بار.

4.            التدخين: يزيد من خطر الإصابة ويجعل الأعراض أكثر حدةً.

5.            السمنة في سن مبكرة.

ما هي أعراض التصلب المتعدد؟

في حال رأيتِ شخصًا يعاني من التشنج أو التنميل في اليدين أو القدمين، والإرهاق الذي لا يتبدد حتى بعد اللجوء للنوم أو الراحة لوقتٍ كافٍ؛ فقد يكون مصابًا بمرض التصلب المتعدد.

ويشير الدكتور صيام إلى أن غالبية مرضى MS يعانون من الأعراض التالية:

•             تنميل أو وخز في اليدين أو القدمين.

•             ضعف أو صعوبة في الحركة.

•             فقدان التوازن أو الشعور بالدوار.

•             تشوش أو ضعف في الرؤية.

•             إرهاقٌ شديد لا يتحسن بالراحة.

•             مشاكل في التركيز أو تذكَر الأشياء.

•             صعوبة في التبول أو التحكم في الإخراج.

إن ظهور هذه الأعراض، أو بعضها، على البعض واستمرارها لفترة، قد يُنذر بالإصابة بمرض التصلب المتعدد؛ وعليه ينبغي استشارة الطبيب للقيام بالفحوصات اللازمة.

التدخين أحد أبرز أسباب التصلب المتعدد لذا الأفضل الاقلاع عنه
التدخين أحد أبرز أسباب التصلب المتعدد لذا الأفضل الاقلاع عنه

كيف يتم تشخيص مرض التصلب المتعدد؟

قد يكون تشخيص التصلب المتعدد (MS) مُعقَدًا، إذ لا يوجد اختبارٌ واحد لتأكيد الحالة. وبدلاً من ذلك، يستخدم الأطباء مجموعةً من الأساليب، بما في ذلك:

1.            الفحص العصبي: حيث يُقيّم الطبيب ردود الفعل، والتنسيق، والتوازن، وغيرها من الوظائف للتحقق من علامات التصلب المتعدد.

2.            فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي: يساعد (MRI) على اكتشاف آفات الدماغ والحبل الشوكي، وهي شائعةٌ لدى مرضى التصلب المتعدد.

3.            البزل القطني (البزل الشوكي): يفحص هذا الاختبار السائل الدماغي الشوكي، بحثًا عن أيَ تشوهاتٍ مرتبطة بالتصلب المتعدد.

4.            اختبارات الجهد المُستحث: تقيس هذه الاختبارات النشاط الكهربائي في الدماغ للكشف عن تلف الأعصاب.

5.            فحوصات الدم: على الرغم من أنها لا تُشخّص التصلب المتعدد مباشرةً، إلا أنها تساعد في استبعاد الحالات الأخرى ذات الأعراض المشابهة.

بما أن أعراض التصلب اللويحي قد تُحاكي اضطرابات عصبية أخرى، غالبًا ما يتبَع الأطباء معايير صارمة لتأكيد التشخيص؛ وهو ما يستدعي الحاجة دومًا للجوء إلى الأطباء المختصين، ليس فقط لتشخيص الإصابة بالمرض وإنما أيضًا وصف العلاجات المناسبة.

هل يوجد علاج نهائي للتصلب المتعدد؟

للأسف، لا توجد علاجات نهائية لهذا المرض، يقول الدكتور صيام؛ ولكن ثمة علاجات متوفرة حاليًا، تساعد في السيطرة على الأعراض وتخفيفها، منها:

•             أدويةٌ تُنظّم نشاط جهاز المناعة لتقليل عدد الانتكاسات.

•             أدوية الكورتيزون لعلاج الانتكاسات المفاجئ.

•             العلاج الطبيعي لتحسين الحركة والتوازن.

•             الدعم النفسي لمواجهة التوتر والقلق.

فلنقف قليلًا عند النقطة الأخيرة، لأنها مهمة للغاية؛ إذ تُعدّ تحديات الصحة النفسية شائعةً بين مرضى التصلب المتعدد (MS)، كون المرض يؤثر على كلٍّ من الجهاز العصبي والصحة النفسية. وفيما يلي بعض الجوانب الرئيسية:

1.            الاكتئاب - يُعاني ما يصل إلى 50% من مرضى التصلب المتعدد من الاكتئاب، مما يجعله أكثر شيوعًا بثلاث مرات مقارنةً بعامة السكان.

2.            القلق - تُعدّ اضطرابات القلق أكثر شيوعًا بثلاث مرات لدى مرضى التصلب المتعدد، وغالبًا ما ترتبط بالانطواء الاجتماعي، وزيادة مستويات الألم، وصعوبات الإدراك.

3.            التغيرات العاطفية - يُمكن أن يُسبَب التصلب المتعدد تقلباتٍ مزاجية، وتوترًا، وحتى انفعالًا كاذبًا؛ وهي حالةٌ يُعاني فيها الأفراد من ضحكٍ أو بكاء لا يُمكن السيطرة عليه.

4.            استراتيجيات التأقلم - يُمكن إدارة الصحة النفسية من خلال العلاج، والأدوية، ومجموعات الدعم، وتغيير نمط الحياة.

بما أن التصلب المتعدد يؤثر بشكلٍ مباشر على الدماغ، فإن الأعراض العاطفية قد تكون رد فعل على المرض وعرضًا عصبيًا في الوقت نفسه. لذا فإن طلب الدعم المهني والحفاظ على نمط حياةٍ صحي، يُمكن أن يُساعدا في تحسين الصحة النفسية لمرضى التصلب المتعدد.

هل يمكن الوقاية من التصلب المتعدد، وكيف؟

وفقًا للدكتور صيام، فمرض التصلب المتعدد لا يمكن الوقاية منه تمامًا؛ إنما بالإمكان تقليل فرص الإصابة أو تطور الحالة من خلال:

•             التعرض الصحي للشمس أو تناول مكملات فيتامين د حسب وصفة الطبيب.

•             الإقلاع عن التدخين.

•             الحفاظ على وزنٍ صحي,

•             الاهتمام بالنشاط البدني والتغذية.

•             علاج أي عدوى فيروسية مبكرًا.

في الختام؛ لا بدَ من ذكر بعض الحقائق السريعة حول التصلب المتعدد. منها أنه غالبًا ما يُشخَص المرض بين عمر 20 و40 سنة، النساء أكثر عرضةً للإصابة من الرجال، بعض المرضى يعيشون حياةً مستقرة لسنواتٍ طويلة دون مضاعفات، والتشخيص المبكر والعلاج يساعدان في السيطرة على المرض وتقليل تأثيره.

لذا لا تتواني عزيزتي عن القيام بالفحوصات الطبية الدورية للكشف مبكرًا عن أي حالة مرضية، مثل التصلب المتعدد، قد تكون في بداياتها.