
متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي: اضطرابٌ عصبي قد يؤثر على حياتكِ اليومية
لا أعلمُ بعد إن كنتُ مصابةً بهذه المتلازمة أم لا، لكن كثيرًا من نواحيها يتعلق بي..
منذ مدة، عانيتُ بشدة من تعبٍ ودوخة وتسارعٍ في ضربات القلب، جراء قيامي بالتمرين الرياضي المُكثف مع مدربة شخصية. ليس لمرةٍ واحدة فقط، بل لمرتين وأكثر؛ ما جعلني أذهبُ للطبيب لتبيان ما إذا كانت لديَ مشكلةٌ في القلب.
لكن الفحوصات التي خضعتُ لها، أكدت أنني وبحمد الله، لا أعاني من مشكلةٍ في القلب أو الضغط، وطلبت مني الطبيبة عدم إجهاد نفسي كثيرًأ. مؤخرًا، شاهدتُ فيديوهات لسيدات يعانينَ من مشكلة POTS (متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي)؛ خاصةً بعد القيام بتمارينهنَ الرياضية في النادي. بعضهنَ قد يُصبنَ بدوخةٍ وحتى إغماءات متكررة، لكنها ليست بخطيرة، ما جعلني أبحثُ أكثر عن هذه المتلازمة، لربطها بما أعانيه جراء ممارستي للرياضة تحديدًا. وتحدثتُ إلى الدكتور خالد عوض؛استشاري طب القلب التداخلي والفيزيولوجيا الكهربية في مستشفى مركز كليمنصو الطبي في دبي، الذي استعرض لي وبشكلٍ مُفصَل، لحيثيات هذه المتلازمة، أسبابها وأعراضها، وطرق تشخيصها وعلاجها، وبالأخص الوقاية منها.

تابعي القراءة معنا في السطور التالية، في حال كانت لديكِ شكوكٌ حول إصابتكِ أو من تعرفين من الصديقات والمُقربات، بهذه المتلازمة؛ لمعرفة كيفية التعامل معها بشكلٍ صحيح.
ما هي متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؟
هي حالةٌ مرضية تُصيب الجهاز العصبي اللاإرادي، وتؤدي إلى ارتفاعٍ غير طبيعي في معدل ضربات القلب عند الوقوف من وضعية الجلوس أو الاستلقاء، دون أن يُصاحب ذلك انخفاضٌ في ضغط الدم.
وتعني كلمة "انتصابي" أي متعلّق بالوقوف، وتشير هذه المتلازمة إلى خللٍ في قدرة الجسم على تنظيم الدورة الدموية بشكلٍ سليم عند تغيير وضعية الجسم. ولفهم هذه المتلازمة أكثر، لا بدَ من توضيح كيفية عمل الجسم في حالته الطبيعية والسليمة.
كيف يعمل الجسم في الحالة الطبيعية؟
عند الوقوف، تؤدي الجاذبية إلى تجمع كميةٍ من الدم في الساقين. وفي الجسم السليم، يقوم الجهاز العصبي اللاإرادي بما يلي:
- انقباض الأوعية الدموية لرفع ضغط الدم.
- زيادة بسيطة في نبض القلب.
- إعادة ضخ الدم إلى القلب والدماغ للحفاظ على التوازن.
أما في حالة الإصابة بمتلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؛ يفشل الجسم في تنظيم هذه الاستجابات، فينتج عنها تجمع الدم في الأطراف ونقص التروية للدماغ، ويُعوَض الجسم هذا الخلل عن طريق تسارعٍ كبير في ضربات القلب.

هل متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي خطيرة؟
المتلازمة ليست مُهدَدة للحياة، يقول الدكتور عوض؛ ولكنها قد تكون شديدة الإزعاج ومُعيقة للأنشطة اليومية. فبعض المصابين يعانون جراءها من تعبٍ مُزمن ودوخة، قد تمنعهم من الدراسة أو العمل أو حتى الوقوف لفتراتٍ قصيرة.
ما هي أعراض متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؟
بالتأكيد يُساعد التشخيص الطبي في كشف ما إذا كنتِ مصابةً بهذه المتلازمة أم لا؛ لكن بعض الأعراض، بحسب الدكتور عوض، قد تُنبأ بهذه الإصابة. وتتمثل في نواحٍ أربع:
-
أعراض عند الوقوف: وتشمل
- تسارع ملحوظ في نبض القلب (قد يصل إلى 120 نبضة أو أكثر في الدقيقة).
- دوخة أو شعور بعدم التوازن.
- غشاوة في الرؤية.
- شعور بالضعف أو الإغماء.
-
أعراض عصبية: ومنها
- صعوبة في التركيز والتفكير.
- صداع متكرر.
- اضطرابات في النوم.
- قلق أو توتر نفسي.
-
أعراض في الجهاز الهضمي: وتأتي على الشكل الآتي
- غثيان.
- شعور بالامتلاء بعد تناول كميةٍ قليلة من الطعام.
- إمساك أو إسهال.
-
أعراض عامة: ومنها
- الإصابة بتعبٍ شديد حتى بعد الراحة.
- برودة في الأطراف.
- تعرقٌ زائد أو اضطراب في درجة حرارة الجسم.

ما أسباب متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي والعوامل المؤثرة فيها؟
يشرح استشاري طب القلب التداخلي والفيزيولوجيا الكهربية في مستشفى مركز كليمنصو الطبي في دبي، لكافة الأسباب وعوامل الخطر التي قد تقف وراء الإصابة بهذه المتلازمة، على النحو الآتي:
- بعد التعرض لعدوى فيروسية:الكثير من المرضى أُصيبوا بهذه المتلازمة بعد الإصابة بنزلات بردٍ شديدة أو أمراضٍ فيروسية مثل الإنفلونزا.
- ضعف في الأعصاب الطرفية: قد لا تعمل الأعصاب التي تتحكم بانقباض الأوعية الدموية بكفاءةٍ كما يجب، مما يؤدي إلى ضعف رجوع الدم من الأطراف إلى القلب.
- انخفاض حجم الدم في الجسم:قلة السوائل أو اضطراب الهرمونات قد يُقلَلان من كمية الدم المتدفقة، مما يُسبَب دوخةً عند الوقوف.
- نشاطٌ مفرط للجهاز العصبي السمبثاوي:وهو الجزء المسؤول عن ردود الفعل "القتالية"، مما يؤدي إلى إفرازٍ مفرط لهرمون الأدرينالين وتسرّعٍ شديد في نبضات القلب.
- عوامل وراثية: بعض المصابين بمتلازمة تسرَع القلب الانتصابي الوضعي، قد يكون لديهم استعدادٌ جيني للإصابة في بعض العائلات.
- اضطرابات مناعية:ترتبط بعض الحالات بهذه المتلازمة، بأمراض المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمراء.
ما الفئات الأكثر عرضةً للإصابة بمتلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؟
يؤكد الدكتور عوض، أن ثمة فئاتٍ معينة من الناس، قد يكونون أكثر عرضةً للإصابة بهذه المتلازمة التي تؤثر بشكلٍ سلبي على حياتهم ونشاطهم اليومي. وهم كما يلي:
- النساء من عمر 15 إلى 45 سنة.
- الأشخاص الذين أصيبوا بعدوى فيروسية شديدة.
- مرضى اضطرابات المناعة.
- المصابون بمتلازمة التعب المزمن.
- الأفراد الذين تعرضوا لإصاباتٍ جسدية، أو صدماتٍ نفسية، أو إجهادٍ شديد.
- المرضى الذين يعانون من متلازمات ضعف الأنسجة الضامة.
ما هي طرق تشخيص متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؟
نعود ونؤكد دومًا، على ضرورة استشارة الطبيب المختص، في حال داهمتكِ أيٌ من الأعراض المذكورة أعلاه، واستمرت لمدةٍ معينة؛ كي يقوم بالتشخيص الطبي الصحيح والذي يتضمن كما أفادنا الدكتور عوض:
- مراقبة معدل ضربات القلب عند الوقوف:إذيتم قياس النبض أثناء الاستلقاء، ثم بعد الوقوف بدقائق. وإذا زاد النبض بأكثر من 30 نبضة في الدقيقة، أو تجاوز 120 نبضة، يتم الاشتباه في المتلازمة.
- اختبار الطاولة المائلة: حيث يُثبّت المريض على طاولةٍ مائلة بزاويةٍ معينة، ويتم مراقبة نبضه وضغط دمه عند تغيير وضعية الجسم.
- إجراء تحاليل مخبرية:للتأكد من عدم وجود أمراضٍ أخرى مثل فقر الدم أو اضطرابات الغدة الدرقية أو مشاكل في القلب.

كيف يتم علاج متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؟
وفقًا للدكتور عوض، هناك عدة خياراتٍ للعلاج يضعها الطبيب مع المريض، بعد عملية التشخيص الكاملة والضرورية؛ وتشمل ما يلي:
-
العلاج بدون أدوية: إدخال بعض التعديلات أو الطرق الحياتية المهمة لتخفيف حدة هذه المتلازمة؛ ومنها
- شرب كمياتٍ كبيرة من الماء (من 2.5 إلى 3 لترات يوميًا).
- زيادة كمية الملح في الطعام (بإشراف الطبيب).
- ارتداء جوارب ضاغطة لتقليل تجمع الدم في الساقين.
- تجنّب الوقوف لفترات طويلة أو التعرّض للحرارة.
- ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة مثل الدراجة الثابتة أو السباحة.
- رفع رأس السرير أثناء النوم.
-
العلاج بالأدوية (حسب الحالة): ويتضمن
- أدوية لتقليل تسارع القلب.
- أدوية لرفع ضغط الدم في حال انخفاضه.
- أدوية لتحسين حجم الدم وزيادة الاحتفاظ بالسوائل.
- أدوية تعمل على تهدئة الجهاز العصبي وتنظيم عمله.
مع التنويه إلى أنه يجب أن يتم العلاج الدوائي بإشراف الطبيب المختص فقط، لأن استخدام الأدوية الخاطئة قد يؤدي إلى مضاعفاتٍ سلبية.
هل يمكن الشفاء التام من متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؟
نعم، يجيب الدكتور عوض؛ بعض الحالات تتحسن تمامًا خاصةً إذا كانت بعد مرضٍ فيروسي مؤقت. لكن لدى بعض المرضى، تكون الحالة مُزمنةً وتحتاج إلى خطة علاجٍ طويلة الأمد تشمل تعديل نمط الحياة والمراقبة الدورية.
كيف أحمي نفسي من متلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؟
رغم أنه لا توجد طريقةٌ مضمونة للوقاية منها، إلا أن الالتزام بنمط حياةٍ صحي قد يُساهم في تقليل خطر الإصابة بمتلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي؛ لذا كل ما عليكِ فعله عزيزتي هو الالتزام بالآتي:
- شرب كمياتٍ كافية من السوائل.
- النوم الجيد.
- تجنب الوقوف المفاجئ.
- معالجة أي عدوى فيروسية بجدية.
- ممارسة النشاط البدني المنتظم.

في الخلاصة؛ تُعدَمتلازمة تسارع معدل ضربات القلب الموضعي الانتصابي من الاضطرابات المُعقدة التي تؤثر في عدة أجهزة بالجسم، لكنها ليست مُهدَدة للحياة. ومع التشخيص الصحيح والرعاية المناسبة، يمكن للمرضى أن يتحكموا بالأعراض ويعودوا لحياتهم الطبيعية تدريجيًا.
فإذا كنتِ عزيزتي تعانين من أعراضٍ مشابهة لما سبق ذكره، من الأفضل مراجعة طبيبٍ مختص في القلب أو الأعصاب أو الجهاز العصبي الذاتي لتبيان المشكلة وحلها بسرعة وفعالية.