ما هي مشروبات الطاقة وهل هي مضرة بالصحة

مشروبات الطاقة.. هل هي خيارٌ صحي

جمانة الصباغ

شاهدتُ البارحة، فيديو على تيك توك؛ يعرض فيه أحد الأفراد لمخاطر المواد التي تحتويها مشروبات الطاقة على الصحة. إذ يقوم الرجل خلال الفيديو، بسكب عبوة من مشروب الطاقة على زجاج السيارة الخلفي؛ وبعد أقل من دقائق، ينكسر الزجاج بشكل مفاجئ ومخيف.

ما يطرح الأسئلة مجددًا حول محتويات هذه المشروبات التي غزت العالم بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة؛ وبات لها معجبون كثر، خاصةً من جيل الشباب والمراهقين، الذين يسعون للحصول على "جرعة إضافية" من القوة والنشاط، يحصلون عليها بعد تناول هذه المشروبات.

وسواء كان الفيديو حقيقيًأ أم مُركبَا بطريقة الفوتوشوب، وهو ما نشهده كثيرًا على مواقع التواصل الإجتماعي؛ إلا أننا نرغب بمعرفة المزيد حول محتوى هذه المشروبات، وما إذا كانت خيارٌ صحي أم أنها مضرةٌ بالصحة.

وعليه بحثنا في موقع "مايو كلينك" عن بعض الإجابات حول هذا الموضوع، فوجدنا التالي:

زيادة مدخول الكافيين الموجود في مشروبات الطاقة له أثر سلبي على الصحة
زيادة مدخول الكافيين الموجود في مشروبات الطاقة له أثر سلبي على الصحة

تدخل مادة التورين في تركيب العديد من مشروبات الطاقة . هل مادة التورين آمنة للاستعمال؟

تجيب كاثرين زيراتسكي، اختصاصية تغذية مسجلة، واختصاصية تغذية مرخَصة على هذا السؤال قائلةً:

يُعد التورين الذي يحتوي على كيمياء مشابهة للأحماض الأمينية الأخرى، مادةً مهمة في العديد من عمليات الأيض التي تحدث في الجسم. ويُعتقد أن لمادة التورين خصائص مضادة للأكسدة؛ لكننا لا نعرف إلا القليل عن آثار استخدام مادة التورين المُكمّلة على المدى الطويل.

تتواجد مادة التورين بشكل طبيعي في اللحوم والأسماك ومنتجات الألبان وحليب الأم، وهي متوفرة أيضًا على شكل مُكمل غذائي. وفيما يخص دراسة هذه المادة، فإن نتائج الأبحاث جاءت مختلطة؛ فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن إضافة مادة التورين للأغذية، قد تُحسَن من الأداء الرياضي. فيما أوضحت دراسةٌ واحدة، أن الأشخاص المصابين بفشل القلب الاحتقاني ممن يتناولون مادة التورين في صورة مكملات ثلاث مرات في اليوم لمدة أسبوعين، أظهروا تحسنًا في قدرتهم على أداء التمارين الرياضية.

مشروبات الطاقة تتسبب بعدم انتظام ضربات القلب

ما حصل مع إحدى السيدات البريطانيات منذ عدة أعوام، وتم توثيقه في مقالة نُشرت على موقع DW الألماني؛ يناقض نتائج الدراسة المذكورة أعلاه.

سامنثا شارب، أمٌ لثلاثة أولاد؛ كادت تفقد حياتها بسبب إدمانها على تناول مشروبات الطاقة. ما اضطرها لاستخدام جهاز تنظيم ضربات القلب كانت سامنثا تتناول 6 علب من مشروبات الطاقة كل يوم، كي تستطيع الاعتناء بأطفالها والعمل؛ لكنها بدأت تفقد الوعي في المنزل، وتشعر بالتعب الشديد وعدم القدرة على النوم، إضافةً لتسارع نبضات قلبها عن الطبيعي.

وقال سامنثا في لقاء لها مع صحيفة ليستر ماركوري The Leicester Mercury البريطانية: "جعلت المشروبات قلبي ينبض بشكل أسرع، كما تسببت لي بالصداع. وكنتُ أشعر بالغضب وبحاجتي لشرب علبة اخرى، لأبقى قادرةً على الاستمرار". 

مشروبات الطاقة وتحسين الأداء الذهني

نعود لاختصاصية التغذية زيراتسكي من "مايو كلينك"، والتي أضافت المزيد عن نتائج الدراسات حول فعالية مادة التورين الموجودة في مشروبات الطاقة. منها بعض الدراسات التي أشارت إلى أن جمع مادة التورين مع الكافيين، يُحسَن الأداء الذهني. لكن مزيدًا من الأبحاث ضروريٌ لتأكيد هذه العلاقة من عدمها.

بحسب المكتب الفيدرالي لتقييم المخاطر في ألمانيا BfR، فإن كوبًا واحدًا من القهوة يحتوي على 90 ملغ من الكافيين؛ فيما تحتوي علبة من مشروبات الطاقة على 80 ملغ من الكافيين. ورغم تقارب النسب إلا أن مشروبات الطاقة تُشكَل خطرًا أكبر بكثير من المشروبات الساخنة، كوننا نتناول الأخيرة ببطء؛ فيما يتم تناول مشروبات الطاقة عادةً بسرعة، مما يرفع من خطر الجرعة الزائدة.

الحد الأقصى المُوصى به للبالغين هو 200 ملغ من الكافيين يوميًا، تؤكد مصادر المكتب الفيدرالي لتقييم المخاطر في ألمانيا؛ كما يجب عدم الخلط بين مشروبات الطاقة ومشروبات الرياضة الغنية بالكاربوهيدرات، والتي تهدف إلى تعويض فقدان الطاقة والماء الناتج عن النشاط البدني.

يميل الكثيرون لتناول مشروبات الطاقة لزيادة النشاط والتركيز
يميل الكثيرون لتناول مشروبات الطاقة لزيادة النشاط والتركيز

بدورها، تنصح زيراتسكي بوجوب الإعتدال في شرب مشروبات الطاقة، وتقول:" تذكّروا أن مشروبات الطاقة ربما تحتوي على كميات كبيرة من مُكونات أخرى، مثل المنبهات العشبية أو الكافيين أو السكر. وقد يؤدي تناول الكثير من مادة الكافيين إلى ارتفاع معدل نبضات القلب وارتفاع ضغط الدم، بالإضافة إلى الأرق والشعور بالقلق. كما قد يؤدي السكر المُضاف إلى زيادة في عدد السعرات الحرارية غير المرغوب فيها."

ماذا يحصل في حال الإكثار من تناول مشروبات الطاقة؟

سألت إحدى السيدات، المختصين في "مايو كلينك" حول المضار التي قد يتسبب فيها الإكثار من تناول مشروبات الطاقة على صحة زوجها. وقالت في سؤالها للمستشفى:

"لقد استبدل زوجي قهوته الصباحية المعتادة بمشروب طاقة. هل هذه المشروبات خيارٌ صحي للحصول على جرعته اليومية من الكافيين؟ هل تحتوي مشروبات الطاقة على كمية كافيين أكبر من القهوة العادية؟ وما هو حد الإفراط في تناول الكافيين؟

أجاب جيمي برونشينسك، اختصاصي تغذية مسجل، واختصاصي النُّظم الغذائية في نظام مايو كلينيك الصحي في لاكروس، ولاية ويسكنسن، على سؤالها بالآتي:

يحب الناس الحصول على الكافيين، سواء من القهوة أو الشاي أو المشروبات الغازية أو مشروبات طاقة كما هو الحال مع زوجك. فهو المنبّه الأكثر شيوعًا في العالم، حيث يستهلك 90% من البالغين الكافيين بشكل من الأشكال كل يوم. ويسهُل الحصول على الكافيين بخياراته ونكهاته العديدة والمختلفة من المقاهي والمطاعم ومحلات البقالة والدكاكين. وتُعبّأ مشروبات الطاقة بالتحديد في عُلب برّاقة، وتُسمى بأسماء مميزة.

كما أن للكافيين سوق تجاري كبير. حيث بلغ إجمالي المبيعات العالمية لمشروبات الطاقة وحدها حوالي 57 مليار دولار في 2020. ومشروبات الطاقة هي ثاني أكثر المُكمّلات الغذائية شيوعًا في الولايات المتحدة بين المراهقين واليافعين، بعد الفيتامينات المتعددة.

تختلف تأثيرات الكافيين على الصحة من شخص لآخر وتعتمد على الجرعة المُتناولة . ولقد ثبتت فاعليته في تحسين الانتباه وسرعة رد الفعل واليقظة والقدرة على التركيز؛ ويمكنه التخفيف من الآثار الضارّة الناتجة عن الحرمان من النوم. كما أن مَدخول الكافيين يرتبط بتقليل خطر الإصابة بداء باركنسون وداء الزهايمر والتشمع الكبدي الكحولي والنقرس.

ولكن في الوقت نفسه، فإن مَدخول الكافيين يرتبط أيضًا بالتوتر والأرق وسهولة الاستثارة ونوبات الهلع. وقد يكون المصابون مسبقًا باضطراب القلق، أكثر عرضةً لهذه الآثار. قد يؤدي الكافيين إلى ارتفاع مؤقت في ضغط الدم، كما يرتبط المَدخول العالي بزيادة طفيفة في مستويات الكوليسترول.

راجعي كمية الكافيين في مشروب الطاقة الذي يتناوله زوجك. إن تناول حتى 400 ميليغرام من الكافيين يوميًا، كميةٌ آمنة لأغلب البالغين. تحتوي أغلب المشروبات على 100- 300 ميليغرام من الكافيين في كل حصة غذائية، فيما تحتوي القهوة المُعدّة منزليًا على 80-100 ميليغرام من الكافيين في كل حصة غذائية. وبالطبع قد تختلف هذه الكميات؛ إذا كان مشروبه المُفضل يحتوي على 210 ميليغرام أو أكثر من الكافيين في كل حصة غذائية، فإن استهلاك أكثر من مشروب في اليوم قد يتجاوز المَدخول الموصى به.

أما عن تداعيات الحصول على مدخول زائد من الكافيين يوميًا، فيحددها برونشينسك بالتالي:

قد يُسبَب تناول مَدخول زائد من الكافيين، أي أكثر من 400 ميليغرام يوميًا؛ خفقانًا ورُعاشًا وهياجًا واضطرابًا مَعديًا مَعويًا. كما يرتبط تناول كميات كبيرة من الكافيين بزيادة خطر اكتساب سلوكيات إدمانية أخرى، مثل التدخين والإفراط في تناول الكحوليات. وقد يُصاب الأشخاص الذين يستهلكون الكافيين بصورة روتينية باعتماد بدني ونفسي عليه، كما قد يعانون من أعراض انسحابية إذا توقف المَدخول فجأة.

المكون الآخر الذي يجب التحقق منه في مشروبات الطاقة، هو السكر. تحتوي العديد من هذه المشروبات على كميات كبيرة من السكر المُضاف أو غيره من المُحليّات. قد يسهم مَدخول السكر العالي في الإصابة بالعديد من المشاكل الصحية، لذا توصي التوجيهات الغذائية للمواطنين الأمريكيين بالحد من مَدخول السكريات المُضافة إلى نسبة لا تتجاوز 10% من إجمالي السعرات الحرارية اليومية.

إذا كان زوجك يتبع نظامًا غذائيًا يحتوي على 2,000 سعرة حرارية في اليوم، فيجب ألا تتعدى السكريات المضافة 200 سعرة حرارية في اليوم؛ أي ما يعادل نحو 12 ملعقة صغيرة في اليوم. يمكن أن تحتوي علبة واحدة من مشروبات الطاقة بسعة (0.4 لتر) على 210 سعرة حرارية و47 غرمًا من السكر المضاف، وهو ما يعادل 12 ملعقة صغيرة؛ أي المَدخول اليومي من السكر المُضاف بالكامل.

ما هي مشروبات الطاقة وما اضرارها على الصحة-رئيسية واولى
ما هي مشروبات الطاقة وما اضرارها على الصحة

ماذا ينصح برونشينسك السيدة المهتمة بصحة زوجها؟

يقول برونشينسك: "مشروبات الطاقة ليست سيئة بالكامل، خاصة إذا اسُتهلكت باعتدال. حيث يحتوي بعضها على الفيتامينات والمعادن والأحماض الأمينية؛ ويحتوي بعضها الآخر على المُكمّلات العشبية، مثل الجينسنغ والغرنا، والتي يمكن تناولها لزيادة الطاقة واليقظة العقلية. إنما يجب توخي الحذر عند تناول هذه المواد، حيث إن الأبحاث حول سلامتها وفاعليتها محدودة. كما يمكن أن تتفاعل المُكمّلات العشبية مع الأدوية، لذا يجب استشارة فريق الرعاية الصحية المتابع لزوجك إذا كان يأخذ أدوية مصروفة بوصفة طبية."

مضيفًا أنه ينبغي تنبيه النساء الحوامل أو المُرضعات، بضرورة التقليل من مَدخول الكافيين إلى 200 ميليغرام أو أقل يوميًا. لم تحدد إدارة الغذاء والدواء الأمريكية المستوى الآمن للأطفال، ولكن توصي الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال بعدم تناول الأطفال والمراهقين للكافيين وغيره من المُنبهات. 

في الختام، ننصحك عزيزتي بوجوب الاعتناء بصحتك وصحة أحبتك؛ خاصة الأطفال الصغار والمراهقين، ممن قد ينجرون وراء الدعايات المغرية لتناول مشروبات الطاقة. واحرصي على توعيتهم حول مخاطرها، واستشارة الطبيب حول أية مضاعفات أو أعراض غير طبيعية قد تظهر عليكم في حال تناول هذه المشروبات بكثرة.