أنتِ بوصّلة التوازن بين هويتكِ التقليدية والرقمية.. كيف ذلك؟
في عصرنا الحالي لم تعدّ الهوية التقليدية والهوية الرقمية ضفتين متقابلتين، بل هما نهران يلتقيان ليصنعا معًا نهرًا أكثر عمقًا وجمالًا، وأنتِ القادرة على الإبحار فيه بمهارة ووعي.
هكذا يبدو لي فكرة الربط بين الهويتين. ربما أحد الأسباب الرئيسية التي تراودني في ذهني حول هذه الفكرة، هو جلوسي في منزل جدتي، أتعلم منها الحكمة وعبق التقاليد، وفي نفس الوقت بين يدي جوالي للإطلاع على عالم لا حدود له، والذي يمكّنني من خلاله بناء مستقبلي، تطوير مهاراتي، والتأثير في محيطي.
هنا أدركت أنني وريثة تراث عريق وحاملة لهوية متجددة، حيث أقف على مفترق طريق فريد "بين عالمين يبدوان متناقضين"، لكني قادرة على نسج خيوطها معًا في نسيج متناغم، كذلك اكتشفت أنني أمتلك قوة مزدوجة تجمع بين "الجذور المتعمقة في تربة الأصالة والقيم التي أعيش فيها، والأجنحة التي تمكنني من التحليق في سماء الآفاق الرقمية".لذا حاون الوقت للتخلي عن فكرة الاختيار بينهما؛ والتركيز على فكرة كيف نستفيد من كنوز ماضينا لنبني مستقبلًا مشرقًا؟.
من هذا المنطلق، اكتشفي معي عبر موقع "هي" كيف تحققين التوازن بين الهوية التقليدية والرقمية؟، والذي سيمنحكِ القوة الحقيقية، الثقة العميقة، والتأثير الممتد؛ بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرية عبد الله محمد من القاهرة.
ما هو الفرق بين الهوية التقليدية والرقمية؟
ووفقًا للدكتور عبد الله، مع تطور التكنولوجي الذي نعيشه، بات هناك تداخل بين الهويتين حيث تؤثر كل منهما في الأخرى. وبما أن الهوية الرقمية تُشكل امتدادًا وتكملة للهوية التقليدية في كثير من الحالات؛ لذا سنتعرف أولًا على الفرق بينهما بالتفصيل، وذلك على النحو التالي:
الهوية التقليدية
تتميز بالثبات النسبي والاستمرارية، كما أنها ترتبط "بالتراث، الثقافة، اللغة، الدين، العادات والتقاليد"؛ وتتطور عبر فترات زمنية طويلة وتتوارث عبر الأجيال "محليًا أو إقليميًا أو وطنيًا". فضلًا عن ذلك تكون من خلال التفاعل المباشر والممارسات الواقعية.
الهوية الرقمية
تتميز بالديناميكية وسريعة التغير، وترتبط بالوجود الرقمي، المشاركات الإلكترونية، والسمعة الرقمية. فضلًا عن ذلك، تتشكل بسرعة عبر المنصات الرقمية والتواصل الافتراضي، كما أنها عابرة للحدود الجغرافية وعالمية النطاق، وتكون من خلال "المحتوى الرقمي، التفاعلات الافتراضية، والصور الرقمية".
كيف تحققين التوازن بين الهوية التقليدية والرقمية؟
وتابع دكتور عبد الله، يتحقق التوازن المثالي عندما تخدم الهوية الرقمية هويتنا التقليدية وتثريها، لا أن تحل محلها أو تضعفها. وهنا يمكن تحقيق ذلك من خلال التالي:
استراتيجيات عملية للتوازن
- تخصيص أوقات محددة للتفاعل الرقمي وأخرى للهوية التقليدية.
- تطبيق المبادئ الأصيلة في العالمين الحقيقي والرقمي.
- اختيار المنصات الرقمية التي تثري هويتكِ من دون أن تطغى على أصالتكِ.
تكامل إيجابي
- استخدام التقنية لتعزيز التراثمثل "مشاركة التقاليد عبر الوسائط الرقمية".
- استخدام الإمكانيات الرقمية لتطوير المهارات التقليدية.
- الحضور الواعي من خلالالانخراط في العالم الرقمي مع الحفاظ على الخصوصية والهوية الثقافية.
حماية الهوية
- التمييز بين العام والخاص والحفاظ على الجوانب الشخصية في نطاقها التقليدي.
- المراجعة الدورية من خلال تقييم تأثير العالم الرقمي على القيم والهوية.
- الحفاظ على العلاقات الواقعية إلى جانب الرقمية من خلال التواصل المباشر
ماذا عن المهارات التي تُعزز التوازن بين الهويتين؟
وأضاف دكتور عبد الله، سنتطرق إلى أهم المهارات التي ستساعد أي امرأة في بناء هوية متوازنة تجمع بين الأصالة والمعاصرة، وتحقق الاستفادة من إمكانيات العالم الرقمي مع الحفاظ على الهوية التقليدية وقيمها؛ وذلك على النحو التالي:
مهارات فكرية وذهنية
- التفكير النقدي لتمييز المحتوى القيمي عن الضار في العالم الرقمي.
- الوعي الثقافي لفهم الجذور التقليدية وتطبيقاتها في العصر الرقمي.
- المرونة الذهنية لتحقيق القدرة على التكيف مع المتغيرات الرقمية والحفاظ على الثوابت في آن واحد.
مهارات إدارة الهوية
- فهم الحقوق والمسؤوليات في الهويتين التقليدي والرقمي.
- بناء حضور رقمي إيجابي يعكس القيم الأصيلة من خلال إدارة السمعة الرقمية.
- تنمية الوعي العاطفي في التفاعلات الافتراضية من خلال الذكاء العاطفي الرقمي.
مهارات التكامل
- تقديم التراث والقيم التقليدية بصورة رقمية ملائمة.
- اختيار الأدوات والتطبيقات التي تخدم الهوية من دون تطرف
- توزيع الوجود بين العالمين الواقعي والافتراضي من خلال إدارة الوقت والتكامل بين الهويتين.
مهارات الحماية
- حماية البيانات والخصوصية من خلال الأمن الرقمي الإلكتروني
- التمييز بين العام والخاص والحفاظ على المساحات الشخصية غير الرقمية
- الحفاظ على التوازن النفسي والجسدي في العصر الرقمي
مهارات التواصل
- التواصل الفعال من خلال تطبيق آداب الحوار التقليدية في التفاعلات الرقمية.
- إتقان اللغة الأم في المقام الأول، واللغات العالمية للتواصل الفعال.
- استخدام الوساطة الثقافية لتجسيد الترابط بين الهويتين.
على الهامش.. نصائح للمرأة العصرية لتحقيق أقصى استفادة من الهويتين في آن واحد
- استخدمي المنصات الرقمية لتوثيق ومشاركة الحرف التقليدية، الوصفات التراثية، والعادات العائلية.
- أنشئي محتوى يعبر عن هويتكِ الثقافية الأصيلة بطريقة عصرية
- استخدمي التقنية للتواصل مع كبار العائلة والتعلم منهم ونقل خبراتهم رقميًا.
- ركزي على المنصات التي تتيح لكِ التعبير عن هويتكِ المتكاملة.
- قدمي محتوى يدمج الحكمة التقليدية مع احتياجات العصر
- ابني علاقات في العالم الرقمي تدعم مساركِ المهني والشخصي
- خصصي أوقاتًا محددة للعالم الرقمي وأخرى للتفاعلات التقليدية.
- احرصي على وجود أوقات وأنشطة بعيدة عن الشاشات الإلكترونية.
- استمتعي بطقوس تقليدية مثل "عشاء عائلي من دون أجهزة، أو أيام للراحة الرقمية".
- ابتكري مشاريع تجمع بين المهارات التقليدية والأدوات الرقمية.
- قدمي دورات أو ورش عمل حول المهارات التقليدية عبر منصات رقمية.
- انضمي لمجتمعات رقمية تدعم المرأة الملتزمة بهويتها.
- تبنّي ما يتوافق مع قيمكِ من التطورات الرقمية.
- احتفظي بثقتكِ في هويتك التقليدية كقوة وليس ضعف.
- ابقي على اتصال مع نماذج نسائية ملهمة توازن بين الأصالة والعصرية.
- ضعي حدود واضحة وحدّدي ما تشاركينه رقميًا وما تحتفظين به في إطارك التقليدي.
- تعلمي مهارات الحماية الرقمية لحساباتكِ وبياناتكِ.
- احتفظي بمساحتكِ الشخصية بعيدًا عن العالم الرقمي.
وأخيرًا، المرأة العصرية الناجحة هي التي تستطيع استخراج كنوز تراثها وتقديمها للعالم بلغة العصر، مع الحفاظ على جوهرها وقيمها الأصيلة.
