
حين يصبح الحدس استراتيجية: الذكاء الطاقي يقود جيلًا جديدًا من رائدات الأعمال
في عالم تتسارع فيه القرارات وتتصاعد فيه الضغوط، يبرز نوع جديد من الذكاء بات يغيّر قواعد القيادة وريادة الأعمال وهو "الذكاء الطاقي" Energetic Intelligence. لم يعُد النجاح في قاعات الاجتماعات يُقاس فقط بالأرقام والاستراتيجيات، بل أصبح مرتبطًا بالوعي، والحدس، والقدرة على التناغم مع الذات قبل توجيه الآخرين. من هذا المنطلق، تتحدث "جودي شيلد" Jody Shield، رائدة أعمال، ومتحدثة عالمية، ومُرشِدة نسائية، عن فلسفتها التي تمزج بين الطاقة والاستراتيجية لبناء أعمال مؤثرة تقودها النساء بصفاء ووعي. بعد مسيرة ناجحة في عالم الإعلانات بلندن، وانتقالها إلى ريادة الأعمال في مجال العافية، أصبحت "جودي" صوتًا عالميًا في تمكين النساء على قيادة مؤسساتهن من الداخل إلى الخارج، حيث تتكامل الروح مع الرؤية، والنية مع الأثر. في هذا الحوار الحصري مع "هي"، تكشف "جودي" عن مفهوم "الذكاء الطاقي"، وتوضح كيف يُمكن للنساء اليوم أن يستخدمن حدسهن وممارسات العافية لإعادة تشكيل قرارات العمل، وبناء إرث طويل الأمد يوازن بين الثروة، والهدف، والروح.
كيف تعرّفين "الذكاء الطاقي"، ولماذا تعتقدين أنه أصبح ضروريًا لقادة اليوم؟
"الذكاء الطاقي" هو القدرة على فهم وإدارة وتوجيه طاقتك الشخصية – تلك القوة غير المرئية التي تؤثر على طريقة تفكيرك واتخاذ قراراتك وقيادتك. يتجاوز هذا المفهوم "الذكاء العاطفي" الذي يركّز على المشاعر، ليشمل الوعي بحالتك الجسدية والعقلية والروحية في كل قرار نتخذه. لقد أصبح هذا النوع من الذكاء ضروريًا لأننا نعيش في عالم أسرع وأكثر تعقيدًا، حيث لم يعد المنطق وحده كافيًا. أنجح القادة هم من يستطيعون قراءة الموقف، واستشعار التوقيت، والتعامل مع الغموض بحدس هادئ.. يمنحك "الذكاء الطاقي" هذه الأفضلية، إذ يوازن بين حالتك الداخلية وأهدافك الخارجية، لتصبح قيادتك جاذبة بطبيعتها وليست قسرية.
تقليديًا، كانت القرارات في قاعات الاجتماعات تُتخذ بناءً على البيانات والاستراتيجيات. كيف يُمكن للحدس أن يُكمل، أو حتى يتفوّق على هذه الأدوات التقليدية؟
لبيانات والاستراتيجية ضروريّتان، والمنطق ضروري، لكنهما يمثلان نصف المعادلة فقط. الحدس هو ما يسمح للقادة بتفسير البيانات بحكمة بدلاً من الخوف. المنطق يخبرك بما تعنيه الأرقام، بينما الحدس يخبرك بما يجب أن تفعله بها. وهذا أمر بالغ القوة والأهمية في عالم الأعمال. في البيئات ذات المخاطر العالية، غالبًا ما يتفوّق الحدس على المنطق لأنه أسرع وأكثر دقة، فهو يقرأ التفاصيل الدقيقة التي لا يمكن للبيانات قياسها مثل الطاقة، التوافق، التوقيت، والسلوك البشري. تُتخذ أفضل القرارات عندما يدمج القادة بين الاثنين: البيانات كأساس، والحدس كمرشح نهائي.
لماذا تعتقدين أن رائدات الأعمال تحديدًا يملن إلى ممارسات العافية والحدس في تشكيل أساليب قيادتهن؟
النساء بطبيعتهن قائدات طاقيات، أجسادنا وحدسنا أدوات دقيقة للغاية تلتقط الفرص والثقة والحقيقة قبل أن يتمكن المنطق من تفسيرها. بعد عقود من محاولة تقليد النماذج الذكورية للنجاح، أدركت النساء أن العافية والحدس والتوازن ليست نقاط ضعف، بل هي نقاط قوّة. ومع ذلك، لا يزال هذا العمل في تطور مستمر، فكلما ازدادت وعينا، تعمّق حدسنا.
ممارسات العافية تمكّن النساء من إعادة الاتصال بإيقاعهنّ الخاص، والتوقف عن الأداء طلبًا للموافقة. الحدس يوجّههن إلى اتخاذ قرارات يشعرن بأنها صحيحة. معًا، تُنتج هذه الممارسات قائدات متجذّرات، صاحبات رؤية.
هل يمكنك مشاركة مثال واقعي حيث أثّر "الذكاء الطاقي" مباشرة في قرار تجاري مصيري، سواء من خلال تجربتك الخاصة أو مع إحدى عميلاتك؟
قرار الاستحواذ على علامتي الجديدة للعطور غير السامة جاء بالكامل من "الذكاء الطاقي". على الورق، لم يكن القرار منطقيًا كثيرًا، الأرقام لم تكن العامل الحاسم – الطاقة كانت كذلك. شعرت بإمكانات العلامة ونقائها قبل أن أستطيع إثبات ذلك. قادني هذا الإحساس الحدسي إلى التعمّق أكثر، وكلما غصت أكثر، زادت قناعتي أن هذه الخطوة تتماشى مع رؤيتي طويلة الأمد. منحني الذكاء الطاقي الثقة للتحرّك قبل أن يبرّر المنطق ذلك.
تخشى الكثير من النساء أن يُنظر إليهن على أنهنّ "أقل مهنية" إذا اعتمدن على الحدس في الأعمال. كيف تتعاملين مع هذا التوتر بين الثقافة المؤسسية التقليدية والقيادة المتّصلة بالروح؟
أذكّر النساء دائمًا بأن الحدس ليس عاطفة، بل معلومة، إنه ذكاء الجسد يتحدث في الوقت الحقيقي. الثقافة المؤسسية بدأت تدرك تدريجيًا أن القيادة ليست عقلانية فحسب بل هي أيضًا علاقة طاقية وإنسانية عميقة.
الاحتراف لا يعني قمع الغريزة، بل إتقانها. القادة الأقوياء حقًا هم من يبقون متّزنين وهادئين وحاسمين بينما يتفاعل الآخرون بعاطفية، وهذا يأتي من الوعي الطاقي، لا من الانفصال.
الإرهاق هو أحد أكبر التحديات التي تواجه النساء ذوات الأداء العالي. كيف يساعد دمج العافية والتوازن في الاستراتيجية التجارية على الوقاية منه مع الاستمرار في تحقيق النمو؟
يحدث الإرهاق عندما يتجاوز استهلاك الطاقة القدرة الطاقية. التوسّع للنساء في عالم الأعمال سيحدث من خلال "الوجود" أي القيادة من التوافق بدلاً من الجهد.. إنها القدرة على التأثير من خلال الحضور لا الضغط.
بالنسبة للنساء في عالم الأعمال، يعني ذلك الثقة بأن طاقتهن وصفاءهن يخلقان النتائج بشكل أقوى من العمل المستمر.. عندما تكونين في حالة انسجام، تصبح قراراتك مدروسة، وقيادتك هادئة، ونجاحك جاذبًا بدلاً من أن يكون مرهقًا.
دمج العافية في الاستراتيجية التجارية يخلق استدامة لأنه يستعيد تدفق الطاقة.. عندما تحترم النساء تصميمهنّ الطبيعي – أي الطريقة التي خُلِقن بها للقيادة – يمكنهن العمل بانسجام مع طاقتهن بدلًا من مقاومتها. يصبح النمو حتميًا لأن الأساس صحي. الراحة، والحدود، والتوازن تصبح جزءًا من خطة العمل وليست مجرد إضافات.
تؤكدين على بناء أعمال قائمة على الإرث. كيف يساعد "الذكاء الطاقي" روّاد الأعمال في إنشاء شركات تدوم، بدلاً من تلك التي تنهار بانهيار أصحابها؟
عندما يعمل القادة من التوافق والنية، تتغلغل هذه الطاقة في أعمالهم – في الثقافة، والعلاقات، والنتائج.. الشركة التي تُبنى بهذا المستوى من النزاهة تصبح مستدامة لأنها تعكس الحقيقة لا الأنا.
"الذكاء الطاقي" يضمن أن القرارات تُتخذ بناءً على الانسجام طويل المدى وليس المكاسب القصيرة.. إنه يحافظ على وضوح الرؤية، واستقرار القيادة، وثبات تردّد العلامة التجارية عبر جميع مراحل النمو.
كيف يُعيد "الذكاء الطاقي" تشكيل ثقافة قاعات الاجتماعات مستقبلًا، خصوصًا مع صعود المزيد من النساء إلى المناصب التنفيذية ومقاعد المؤسسين؟
ستبدو قاعات الاجتماعات في المستقبل مختلفة تمامًا.. ستتحوّل الاجتماعات إلى مساحات للإبداع والحدس والابتكار بدلًا من السيطرة. سيُختار القادة بناءً على طاقتهم بقدر خبرتهم، وستصبح الاعتبارات الطاقية جزءًا من التوظيف. الوعي العاطفي، والتعاطف، والحضور سيُعتبرون أصولًا استراتيجية.
ومع صعود المزيد من النساء، سيُدخلن هذا التوازن بطبيعتهن إلى القيادة. سيُعيد "الذكاء الطاقي" تشكيل الثقافات التي تُقدّر الحدس إلى جانب العقل، والتعاون بدلًا من التنافس. النتيجة ستكون مؤسسات مزدهرة وإنسانية في الوقت نفسه.
بالنسبة لرائدة أعمال تشعر بانفصال عن حدسها، ما هي الخطوة الأولى الصغيرة التي يمكن أن تتخذها لإدخال مزيد من الوعي الطاقي في قراراتها؟
ابدئي بالوعي. خذي لحظة للتهدئة قبل اتخاذ القرارات الكبيرة.. تنفّسي، وراقبي، ولاحظي كيف يستجيب جسدك لكل خيار.. هل ينقبض أم يتمدد؟ هل تشعرين بثقل أم خفة؟ هذه الإشارات الدقيقة هي طريقة حدسك في التواصل.
وإذا رغبتِ في التعمق أكثر، لدي أداة مجانية على موقعي تكشف لكِ كيف صُممتِ لاتخاذ القرارات حدسيًا (www.jodyshield.co.uk) . تعتمد هذه الأداة على تاريخ ميلادك وتمنحك تقريرًا شخصيًا يوضح ما إذا كان وضوحك يأتي من العاطفة أو الغريزة أو التوقيت. إنها خطوة أولى قوية لإعادة الاتصال ببوصلة داخل.