يحرر الذكاء الاصطناعي المرأة من الأعباء الروتينية

في زمن الروبوتات: هل يحرر الذكاء الاصطناعي المرأة من الأعباء الروتينية أم سيخلق تحديات جديدة؟

عبد الرحمن الحاج

في خضم الثورة التكنولوجية المتسارعة، قد تتساءلين عزيزتي القارئة، -وأنتِ تسعين لتطوير ذاتك وتحقيق التوازن بين طموحاتك المهنية والشخصية-، عن موقعكِ، ففي الوقت الذي أصبح الذكاء الاصطناعي (AI) والروبوتات واقعاً ملموساً، يحمل في طياته وعوداً براقة بتحريرنا من الأعمال الروتينية الشاقة، إلا أنه يثير في الوقت ذاته مخاوف مشروعة بشأن مستقبلنا في العمل والمنزل. فهل ستكون هذه التقنية قوة تحرير حقيقية للمرأة، أم أنها ستزيد من تعقيد التحديات القائمة؟

الوعد بالتحرير: تخفيف عبء العمل المزدوج

تاريخياً، تتحمل المرأة العبء الأكبر من العمل المنزلي ورعاية الأسرة "العمل غير مدفوع الأجر"، وهو ما يقلل من وقتها المتاح للعمل مدفوع الأجر أو التطوير الشخصي، وهنا يبرز الدور الإيجابي للذكاء الاصطناعي والروبوتات:

  • أتمتة المهام المنزلية: يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي والروبوتات المنزلية أن تتولى جزءاً كبيراً من المهام المتكررة كالطبخ والتنظيف وجدولة المواعيد وإدارة المنزل الذكية، ما يوفر للمرأة وقتاً ثميناً يمكن استثماره في مسارها المهني، أو الدراسة، أو قضاء وقت نوعي مع العائلة، أو ببساطة في الاعتناء بالذات.
أتمتة المهام المنزلية
أتمتة المهام المنزلية
  • مرونة العمل: يشجع الذكاء الاصطناعي والروبوتات على زيادة العمل عن بُعد، ما يمنح الأمهات العاملات ساعات عمل أكثر مرونة، وهو عامل أساسي في التوفيق بين متطلبات الأسرة والعمل، خاصة في ظل استمرار الفجوة في تقاسم الأعباء المنزلية مع الرجل.
مرونة العمل
مرونة العمل
  • فرص النمو في مجالات جديدة: يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفتح آفاقاً لمهن جديدة تتطلب مهارات تحليلية وإبداعية واتصالات فعالة، وهي مجالات يمكن للمرأة أن تتفوق فيها وتكون رائدة.

التحديات الجديدة: خطر الأتمتة على الوظائف النسائية

على الرغم من الفرص الواعدة، تشير الدراسات والتحذيرات الأممية إلى أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يشكل تهديداً غير متناسب على وظائف النساء، خاصة في الاقتصادات المتقدمة، وذلك لعدة أسباب:

خطر الأتمتة على الوظائف النسائية
خطر الأتمتة على الوظائف النسائية
  1. التركيز في وظائف معرضة للخطر: تتركز النساء غالباً في وظائف إدارية ومكتبية وخدمية مثل السكرتارية، والمهام الكتابية، وخدمة العملاء، والمحاسبة الروتينية، وهي تحديداً المهن التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤتمت مهامها بشكل كبير وفعال وفقا لتقرير منظمة العمل الدولية، وفي بعض الدول ذات الدخل المرتفع، تتعرض حوالي 9.6% من وظائف النساء لخطر الأتمتة، مقارنة بـ 3.5% من وظائف الرجال بحسب تقرير أوردته صحيفة النهار.
  2. مفاقمة الفجوة بين الجنسين: إذا لم يتم تدارك هذا الخطر، فإن التحول الرقمي قد يؤدي إلى تفاقم الفجوة بين الجنسين في سوق العمل، ما يعيق جهود المساواة الاقتصادية التي لا تزال تحتاج إلى سنوات طويلة لتحقيقهابحسب منظمة العمل الدولية.
  3. التحيز في التصميم: غياب التمثيل الكافي للمرأة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى ظهور أنظمة تتضمن تحيزات على أساس الجنس متأصلة في بيانات التدريب، كمثال على ذلك: خوارزميات التوظيف التي تستبعد السير الذاتية النسائية بناءً على بيانات تاريخية متحيزة، ما يؤثر سلباً على قرارات التوظيف والترقية والفرص المتاحة للمرأة في المستقبل.

كيف تحولين التحدي إلى فرصة؟ طريقك نحو التمكين

لتحويل الذكاء الاصطناعي إلى أداة للتحرر بدلاً من التهديد، يتوجب عليكِ التركيز على النقاط التالية:

  1. اكتساب مهارات المستقبل (الرقمنة والبرمجة):

اكتساب مهارات المستقبل
اكتساب مهارات المستقبل

اكسبي مهارات في المجالات التي يكمل فيها الذكاء الاصطناعي عمل الإنسان، وليس تلك التي يستبدلها.

استثمري في التدريب على أدوات الذكاء الاصطناعي التوليديللاستفادة منها في أتمتة مهامك الروتينية في العمل وتوفير وقتك لمهام أكثر إبداعاً وتحليلاً، مما يرفع من قيمتك في سوق العمل.

شجعي الفتيات في محيطك على الانخراط في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضياتلزيادة تمثيل المرأة في تطوير هذه التقنيات.

  1. التركيز على المهارات البشرية الفريدة:

التركيز على المهارات البشرية الفريدة
التركيز على المهارات البشرية الفريدة

الذكاء الاصطناعي ممتاز في المهام المتكررة، لكنه يفتقر إلى التعاطف، والإبداع الأصيل، والتفكير النقدي المعقد، والقيادة البشرية. هذه هي المهارات التي يجب عليكِ صقلها باستمرار لضمان تفردكِ في أي مجال.

  1. المطالبة بسياسات داعمة:

المطالبة بسياسات داعمة
المطالبة بسياسات داعمة

ادعمي المبادرات التي تدعو إلى تطوير سياسات عمل مرنة كالعمل عن بعد والساعات المرنة، وتوفير خيارات رعاية أطفال معقولة التكلفة، والتي تعتبر حجر الزاوية في مشاركة المرأة في القوى العاملة.

أخيرا

عليك عزيزتي أن تدركي يقينًا أن زمن الروبوتات هو زمن التحول، وبدلاً من أن تخشي هذا التحول، احتضنيه كفرصة لإعادة تعريف دوركِ، الذكاء الاصطناعي لديه القدرة على أن يكون محررنا الأكبر من قيود العمل الروتيني، لكن هذا التحرير لن يتحقق إلا بوعينا واستعدادنا للاستثمار في مهاراتنا وتحويل التحديات إلى نقاط قوة. المستقبل لكِ، فلا تدعي الآلة تستبقكِ.