
الوعي العاطفي.. فكّ حصار مشاعركِ السلبية وتحويلها إلى طاقة إيجابية لا مثيل لها باتباع هذه الطرق
كم مرة وجدتِ نفسكِ تتفاعلين بعصبية مع موقف بسيط ثم تندمين لاحقًا؟، هل تشعُرين بتعب غامض أو صداع من دون سبب طبي واضح؟، وهل تواجهين صعوبة في قول "لا" رغم شعوركِ بالإرهاق والاستنزاف؟
هذه ليست عيوبًا في شخصيتكِ، بل هي إشارات خفية من مشاعركِ تطلب منكِ الانتباه والاستماع من خلال امتلاك مهارة الوعي العاطفي التي تُعتبر بمثابة أداة قوية تمكنكِ من تحويل التوتر إلى طاقة إيجابية، بناء حدود صحية تحمي طاقتكِ ووقتكِ، تعزيز علاقاتكِ من خلال التواصل الواضح، واستعادة السيطرة على مشاعركِ بدلًا من أن تتحكم هي بكِ.
عمومًا، عندما تتعلمين فك شفرة مشاعركِ باكتساب مهارة الوعي العاطفي، ستتحولين من ردة فعل إلى استجابة واعية، ومن الانسحاب إلى المواجهة الواثقة، ومن الشك الذاتي إلى الثقة العميقة.
من هذا المنطلق، اكتشفي مع "هي" طرق فعّالة لزيادة الوعي العاطفي؛ والتي ستُساعدكِ على فهم رسائل مشاعركِ، واستعادة توازنك الداخلي؛ بناءً على توصيات استشاري الطب النفسي الدكتور كريم فرح من القاهرة.
ما هو الوعي العاطفي؟

ووفقًا للدكتور كريم، الوعي العاطفي هو القدرة على التعرف على مشاعرنا الخاصة وفهمها في اللحظة التي تحدث فيها، ومعرفة سبب وجودها، وإدراك كيف تؤثر هذه المشاعر على أفكارنا وسلوكنا؛ فهو بمثابة حجر الأساسي للذكاء العاطفي.
ما هي مكونات الوعي العاطفي؟
وتابع دكتور كريم، ينقسم الوعي العاطفي إلى ثلاث مستويات حسب تصيف علماء النفس، وهي
- الإدراك (الاعتراف بالمشاعر): وهو القدرة على ملاحظة وجود المشاعر وتسميتها. على سبيل المثال: "أشعر بالتوتر".
- الفهم (سبب المشاعر): وهو القدرة على ربط المشاعر بأفكار أو أحداث معينة. على سبيل المثال: "أشعر بالتوتر لأن لدي مقابلة عمل غدًا".
- التحليل (تأثير المشاعر): وهو فهم كيف تؤثر المشاعر على الأفكار والسلوكيات الحالية والمستقبلية. على سبيل المثال: "قلقي هذا يجعلني أركز أكثر وأستعد بشكل أفضل، ولكنه أيضًا يجعلني أفقد شهيتي".
لماذا الوعي العاطفي مهم جدًا للمرأة وما هي أبرز فوائده لها؟
وأضاف دكتور كريم، لأنه يُمثل الخطوة الأولى نحو إدارة حياة المرأة العاطفية بشكل صحي. ومن دون هذه الخطوة، ستتحكم فيها مشاعرها بدلًا من أن تتحكم هي بها. أما عن فوائده لها، فهي كالتالي:
تحسين عملية اتخاذ القرارات
عندما تدرك أن غضبها أو خوفها قد يدفعها لاختيار خاطئ، يمكنها تأجيل القرار حتى تهدأ.
إدارة التوتر والقلق بشكل أفضل
تسمية مشاعرها،مثل "أنا أشعر بالقلق بسبب هذا الموعد النهائي"يُقلل من حدّتها ويجعلها أقل إرباكًا.
تحسين التواصل والعلاقات
يُساعدها فهم مشاعرهاعلى التعبير عنها بوضوح للآخرين مثل قول "أشعر بالإحباط عندما..." بدلًا من "الصراخ أو الانسحاب".
تعزيز التعاطف مع الآخرين
تمنحها قدرتها على فهم مشاعرها الخاصة أدوات لفهم مشاعر من حولها.
منع الانفجارات العاطفية
عندما تتعرف على مشاعرها مبكرًا، يمكنها التعامل معها قبل أن تتراكم وتنفجر بشكل غير لائق.
ما هي الطرق الفعالة لزيادة الوعي العاطفي لدى المرأة؟

أكد دكتور كريم، أن الوعي العاطفي ليس هدفًا نهائيًا تُحققه المرأة وتنتهي منه، بل هو رحلة مستمرة من الاستكشاف الذاتي. إنه مهارة حياتية أساسية تمنحها القوة لتكون قائدة لحياتها العاطفية بدلًا من أن تكون عبدًا لها، مما يؤدي بها إلى حياة أكثر توازنًا وصدقًا وإنجازًا؛ باتباع الطرق المقدمة مع مراعاة (بعض الضغوط والتوقعات الاجتماعية التي قد تواجهها بشكل خاص)، وذلك على النحو التالي:
مارسي تمرين التوقف اللحظي
- اضبطي منبهًا على هاتفكِ في ثلاث أوقات مختلفة؛ على سبيل المثال: "بعد الاستيقاظ، بعد الظهر، قبل النوم".
- عندما يرن المنبه، توقفي واسألي نفسكِ: "ما الشعور المسيطر علي الآن؟ وأين أشعر به في جسدي؟".
- لا تحكمي على الشعور، فقط لاحظيه؛ على سبيل المثال:"أشعر بقلق خفيف وأحسه في معدتي".
استفيدي من التدوين العاطفي
يُمكنكِ كتابة مذاكرات ليست طويلة، بل عبارة عن جدول بسيط لعمودين"الشعور" و "السبب المحتمل". اكتبي كلمة أو كلمتين فقط. وهنا الهدف هو التسمية وربط المشاعر بالمحفزات؛ على سبيل المثال: "السبب المحتمل (مكالمة من صديقة مقربة)، الشعور ( فرح).
طوّري قاموس المشاعر الخاص بكِ
تجاوزي المشاعر الأساسية (سعيدة، حزينة، غاضبة). استخدمي مفردات أدق: (بدلًا من "متوترة"، قولي "مرهقة، مشتتة، تحت ضغط"، بدلاً من "حزينة" قولي "منعزلة"؛ وبدلًا من "سعيدة" قولي "ممتنة، مبتهجة، هادئة، فخورة"). كذلك يُمكنكِ طباعة قائمة كلمات لمشاعر محفزة وتعليقها في مكان ترينه يوميًا، ثم اختاري الكلمة التي تعبر عنكِ بدقة يوميًا.
اربطي مشاعركِ بأحاسيسكِ الجسدية
غالبًا ما تظهر عليكِ الضغوط جسديًا. لذا، تعلمي "قراءة" إشارات جسدك من خلال التالي:
- التوتر والقلق: قد يظهر كألم في الرقبة والكتفين، عسر هضم، ألم الأسنان.
- الحزن: قد يظهر كثقل في الصدر، خمول شديد، نوم مفرط أو أرق.
- الغضب المكبوت: قد يظهر كصداع، نوبات قلق ليلية، حدة في الطباع.
وهنا عندما تشعرين بأي انزعاج جسدي، توقفي واسألي نفسكِ: "ما العاطفة التي قد يكون جسدي يعبر عنها؟".
مارسي الحدود الصحيةكشكل من أشكال الوعي العاطفي
بما أن الوعي العاطفي سيُخبركِ بما يزعجكِ؛ لذا، ضّعي حدود بناءً على هذا الوعي. على سبيل المثال: "إذا شعرتِ بالإرهاق والاستنزاف (وعي عاطفي) بعد لقاء عائلة معينة، فإن الحد الصحي قد يكون تقليل مدة الزيارة أو تحديد مواضيع نقاش معينة".
ابّني طقوس يومية من الرعاية الذاتية
تعلمي أن الرعاية الذاتية ليست أنانية، بل هي صيانة ضرورية. وهنا اسألي نفسكِ كل يوم: "ما الذي أحتاجه حقًا اليوم؟". وطبقي التالي:
- إذا شعرتِ بالتشتت: اجلسي 5دقائق في صمت أو تنفس عميق.
- إذا شعرتِ بالإرهاق: خذيحمام دافئ أو تصفحي بضع صفحات من كتاب.
- إذا شعرتِ بالفراغ أو الحزن: تكلميمكالمة مع صديقة تشعركِ بالدعم.
اطلبي الدعم وتحدثي مع الآخرين
يُساعد التحدث عن مشاعركِ مع صديقة موثوقة أو مجموعة دعم على التحقق من صحتها أويجعلها أقل إرباكًا. كذلك اسألي نفسكِ:"هل شعرتِ بهذا من قبل؟".
استخدمي التكنولوجيا لصالحكِ
هناك تطبيقات ممتازة للمساعدة في تتبع المزاج والوعي العاطفي، مثل:
- Daylio : لتتبع المزاج والأنشطة عبر الرموز.
- Moodnotes : تساعد على تسمية المشاعر وتحديد أنماط التفكير.
- Headspace: لتمارين التأمل واليقظة التي تزيد الوعي باللحظة الحالية.
كيف تنعكس التأثيرات الإيجابية للوعي العاطفي على حالتك اليومية؟
أكد دكتور كريم، أن اتباع المرأة للطرق الفعّالة السالفة الذكر لزيادة وعيّها العاطفي سينعكس عليها بالأشكال التالية:
- تقليل الصراعات الداخلية: عندما تسمّي مشاعركِ، ستفقّدينجزءًا كبيرًا من سلطتها السلبية، وستشعرين بضغط أقل وهدوء أكثر.
- علاقات أوضح: ستتمكنين من التواصل بطريقة تُغير من نمط حواركِ مع الآخرين.
- تحسين إدارة الوقت والطاقة: سيُساعدكِ معرفة ما يسبب لكِ الإرهاق أو الفرحعلى تنظيم يومكِ ليكوني أكثر توازنًا.
- قدرة أكبر على التعاطف مع الذات: ستتعلمين أن تكوني ألطف مع نفسكِ، لفهم أن جميع المشاعر مقبولة وليست ضعفًا.

وأخيرًا، الوعي العاطفي للمرأة هو مهارة البقاء على اتصال مع ذاتها الداخلية وسط ضغوط العالم الخارجي. لذا، ابدئي بخطوات صغيرة، وتذكّري أن الأمر يتطلب التدريب واللطف مع الذات؛ فكل خطوة تتخذينها هي انتصار لصحتك النفسية.