عبير الخاجة المدربة الرياضة الإماراتية للعبة الكروس فيت

في يوم المرأة الإماراتية.. من الإلهام إلى الإنجاز: عبير الخاجة تروي لـ"هي" كيف وجدت قوتها الحقيقية

جويل تامر

في يوم المرأة الإماراتية، نحتفي بنماذج مضيئة تجسّد قوة الإرادة، الإلهام، والعطاء. ومن بين هذه النماذج، تبرز عبير الخاجة، المدربة الرياضة الإماراتية للعبة الكروس فيت، التي وجدت في كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الشرارة التي غيّرت مسار حياتها، لتكتشف أن الاهتمام باللياقة البدنية ليس مجرد خيارٍ شخصي، بل أساس يمكّنها من خدمة مجتمعها عبر العمل التطوعي الذي تعشقه.

من لحظات عجزها عن أداء أبسط الحركات الرياضية إلى أن أصبحت شغوفة بالكروس فيت، أثبتت عبير أن التغيير يبدأ بخطوة صغيرة، وأن كل تحدٍّ هو فرصة للنمو والتطور. رحلتها تحمل رسالة قوية للنساء الإماراتيات: "خطوة بخطوة" يمكننا أن نكتشف شغفنا، نقوّي أنفسنا، ونفتح أبواباً جديدة لطاقاتنا الكامنة.

قصة عبير ليست مجرد تجربة رياضية، بل شهادة حيّة على أن التوازن بين القوة الداخلية والعطاء للمجتمع هو ما يمنح المرأة الإماراتية مكانتها الحقيقية، ويجعلها نموذجاً يُحتذى به في يومٍ خُصص للاحتفاء بإنجازاتها المستمرة.

1

ماذا يعني لكِ "يوم المرأة الإماراتية" على الصعيد الشخصي، وما الرسالة التي ترغبين في إيصالها للنساء الساعيات إلى إطلاق إمكاناتهن؟

يوم المرأة الإماراتية هو محطة للاحتفاء بإنجازاتنا، وتذكيرٌ بأن مسيرة العطاء والتميّز ما زالت مستمرة. رسالتي لكل امرأة تسعى لاكتشاف إمكاناتها أن تؤمن بذاتها، وأن تمضي بخطواتٍ ثابتة وإن كانت صغيرة، فكل تحدٍّ تواجهه يصنع منها نسخة أقوى وأقرب لما تريد أن تكون.

ذكرتِ أن كلمات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ألهمتك لبدء رحلتك في عالم اللياقة البدنية. ما الذي لامس وجدانك تحديداً وأشعل تلك اللحظة الفارقة؟

كانت كلمات صاحب السمو مؤثرة جداً بالنسبة لي، جعلتني أدرك أن خدمة الآخرين تبدأ من قدرتي على الاهتمام بنفسي أولاً، وأن الاعتناء بصحتي هو الطريق لأن أقدّم أفضل ما لديّ في العمل التطوعي وفي حياتي بشكل عام. تلك اللحظة لم تكن مجرد إلهام… بل كانت الشرارة التي غيّرت مساري وبدأت معها رحلتي في عالم الرياضة.

في بداياتك، واجهتِ صعوبة حتى في أداء الحركات الأساسية. كيف تمكنتِ من تجاوز تلك التحديات والحفاظ على حماسك؟

كان شغفي بالعمل التطوعي هو دافعي الأكبر للبدء والاستمرار في ممارسة الرياضة، فقد كنت أشعر بإرهاقٍ شديد أثناء التطوع وأنني غير قادرة على الاستمرار، فنصحني الطبيب بممارسة بعض التمارين لزيادة لياقتي وقوتي البدنية. كان الأمر صعباً بالبداية، لكني بدأت بتمارين بسيطة وتدرّجت خطوة بخطوة، وكل تقدّم صغير كان يمنحني القوة للاستمرار بما أحب.

عبير الخاجة

أصبح الكروس فيت شغفك الأكبر. ماذا تعلمت عن الصمود والانضباط والنمو، على المستويين الجسدي والذهني؟

الكروس فيت بالنسبة لي رحلة اكتشاف قبل أن تكون مجرد رياضة. تعلّمت من خلالها أن التقدّم الحقيقي يبدأ عند مواجهة الألم والتعب، وأن القوة الحقيقية تظهر عندما تظن أنك قدمت أقصى ما لديك، ثم تكتشف أنك قادر على تقديم المزيد. هذه التجربة زرعت في داخلي القدرة على مواجهة تحديات الحياة، والانضباط الذي انعكس على كل تفاصيل يومي، كأم وزوجة وامرأة مسؤولة عن عائلتها ومجتمعها.

الكروس فيت لم يمنحني قوة جسدية فقط، بل منحني ثقة بالنفس ورغبة دائمة في النمو والتطور.

غالباً ما ترددين أن "خطوة بخطوة" هي المفتاح. كيف تطبقين هذه الفلسفة ليس فقط في الرياضة، بل أيضاً في حياتك اليومية وتطورك الشخصي؟

بالفعل، أصبحت هذه الفلسفة جزءاً لا يتجزأ من حياتي، ليس في الرياضة فحسب. ففي كل تحدٍّ أواجهه، سواء أكان مشروعاً كبيراً في العمل، أو مسؤولية مع أسرتي، أو حتى هدفاً شخصياً، أتعامل معه بخطوات صغيرة. وعندما أُقسّم الهدف إلى مراحل بسيطة، يغدو أكثر يسراً، ومع مرور الوقت تتراكم هذه الخطوات الصغيرة لتصنع إنجازات عظيمة.

ولهذا أؤمن أن لا عُمر يُحدد بداية الطريق؛ فالخطوة الأولى كفيلة بأن تفتح لك الأبواب. وخطوة بعد خطوة تصبح أكثر صحةً ولياقةً وقوةً… كل ما عليك هو أن تبدأ.

ما هي أهم الدروس التي تعلمتِها عن نفسك من خلال اللياقة البدنية والعمل التطوعي؟

أهم درس تعلمته عن نفسي من خلال الرياضة والعمل التطوعي هو أنني أقوى بكثير مما كنت أتصوّر. مررت بلحظات شعرت فيها أنني عاجزة عن الاستمرار، لكنني اكتشفت أن الإصرار والالتزام قادران على تغيير كل شيء. الرياضة منحتني صلابةً جسدية وذهنية، والعمل التطوعي منحني معنى ورسالة. ومن خلال الجمع بينهما، أدركت أن العطاء لا يكون كاملاً إلا إذا اعتنيتُ بنفسي أولاً، وأن التوازن بين طاقتي الداخلية وخدمة الآخرين هو سر الاستمرار والنجاح.

تؤمنين أن كل تحدٍ هو فرصة للتعلم والنمو. هل يمكنك أن تشاركينا مثالاً عن موقف تحوّل فيه التراجع إلى نقطة انطلاق؟

 في ماراثون أدنوك عام 2019 كنت أخوض أول سباق لي لمسافة 42 كيلومتراً. بعد وصولي لـ 30 كيلومتراً شعرت أنني لم أعد أستطيع الاستمرار، وراودتني فكرة التوقف. سألت نفسي: لماذا أركض؟ لماذا أرهق نفسي؟ لكن بعد لحظات قلت لنفسي: هذا هو الهدف الذي تعبتِ كثيراً لتحقيقه، ولا يمكن أن تتوقفي الآن. استجمعت قواي، خطوة بخطوة، حتى أنهيت السباق. وعندما عبرت خط النهاية، بدأت أبكي لكنها كانت دموع فرح، فقد كان ذلك لحظةً اكتشفت فيها أن لا شيء مستحيل مع العزيمة.

كيف تنمين ذهنية ترين من خلالها في العقبات فرصاً للارتقاء بدلاً من اعتبارها حواجز تعيق الطريق؟

أتعامل مع كل عائق كفرصةٍ لاكتشاف طريقٍ جديد، لا كحاجزٍ يوقفني. فالعقبات تكشف لي نقاط القوة التي لم أكن أراها، وتعلّمني أن المثابرة قادرة على تحويل أصعب اللحظات إلى بداية إنجازٍ أكبر.

مسيرتك في اللياقة البدنية وأعمالك التطوعية مترابطتان بشكل عميق. كيف ساعدك التمتع بالقوة الجسدية على العطاء بشكل أكبر لمجتمعك؟

صحيح، فقد كان العمل التطوعي هو الحافز الأول الذي دفعني إلى ممارسة الرياضة. ومع الوقت اكتشفت أنّ القوة البدنية التي اكتسبتها لم تمنحني القدرة على الاستمرار فقط، بل منحتني طاقةً إضافية لأبذل المزيد دون أن يرهقني التعب أو يوقفني الحر. وهكذا أصبحت الرياضة سنداً حقيقياً لشغفي بالعمل التطوعي، كلاهما يصبّ في تحقيق هدفٍ واحد: العطاء للمجتمع بأفضل صورة.

وهذا هو جوهر ألعاب الماسترز أبوظبي 2026؛ فهي ليست مجرد منافسة، بل تجربة مجتمعية على مستوى غير مسبوق، يلتقي فيها المشاركون والمتطوعون، وتتوحّد الجهود يداً بيد لتشكيل مجتمع أقوى وأكثر ترابطاً.

ماذا تعني لك ألعاب الماسترز أبوظبي 2026؟

إقامة ألعاب الماسترز أبوظبي 2026 في دولة الإمارات تعني لي الكثير، فهي ليست مجرد بطولة رياضية، بل فرصة لنثبت لأنفسنا أولاً أننا قادرات على التحدي والتفوق، ولنمثل وطننا خير تمثيل أمام العالم. أدعو كل امرأة أن تغتنم هذه اللحظة لتختبر قدراتها، وتتجاوز حدودها، وتسهم برفع علم الإمارات عالياً في هذا الحدث العالمي.

بأي طرق تأملين أن تُلهم قصتك النساء الإماراتيات، خصوصاً اللواتي قد يشعرن بالتردد في اتخاذ الخطوة الأولى نحو أسلوب حياة أكثر نشاطاً؟

أتمنى أن تكون قصتي دليلاً لكل امرأة إماراتية مترددة في اتخاذ الخطوة الأولى نحو حياة أكثر نشاطاً. البداية قد تبدو صعبة، لكن بخطوة صغيرة يبدأ التغيير الكبير. رسالتي لكل فتاة وأم وأخت: امنحي نفسك الفرصة لتجدي قوتك الداخلية، وكوني أنت مصدر التشجيع والإلهام لمن حولك. فحين تختارين الاستمرار، سواء في الرياضة أو في أي مجال تحبينه، ستكتشفين أن الطريق يفتح لك أبواباً لم تكن في الحسبان.