
لماذا يرفض جيل زد نصائح تطوير الذات التقليدية؟.. إليكِ الأسباب وكيفية التعامل معها
ذات يوم وقبل أن أتعمق في النوم، رن جوالي. فكانت صديقتي التي تصغرني تقريبًا بعشر سنوات. قالت لي :"ماذا تفعلين؟.. أريد أن أتحدث معكِ قليلًا". فقولت لها: "لا مجال للحديث الآن.. فأنا استمتع بقراءة كتاب بسيط عن تطوير الذات.
وهنا تعالت ضحكاتها وقالت:"لا زلتِ تطورين نفسكِ بخطوات السلحفاء"، فتعجبت من كلامها... وسألتها: "لماذا تقولين ذلك؟".
فأجابت: "لأن لديكِ الفرصة لتطوير نفسكِ باستبدال قراءة 100 صفحة بملخص الكتاب على اليوتيوب". وهنا كانت إجابتي صارمة: "لا غنى عن الأجيال السابقة عزيزتي.. فهم من صمموا الأدوات التي باتت في متناول يديكِ لتطويرها".
وهنا تداركت رفض جيل زد لمناهج تطوير الذات التقليدية، ما جعلني أنافش استشاري التنمية البشرية الدكتور محمود زيادة من القاهرة، لمعرفة أسباب الرفض وأهم الاستراتيجيات العملية لدمج مهاراتها بما يتناسب مع عصرنا الحالي، وطرحها عبر موقع "هي"، وذلك على النحو التالي:
ما هي الأسباب الرئيسية لرفض جيل زد نصائح تطوير الذات التقليدية؟

ووفقًا للدكتور محمود، رفض جيل زد (المولودون بين 1997–2012) لنصائح تطوير الذات التقليدية يعكس تحولًا قيميًا وجوهريًا في رؤيتهم للنجاح والرفاهية؛ وذلك للأسباب التالية:
يرفضون ثقافة "التضحية بالصحة النفسية من أجل النجاح"
يرى72 % من جيل زد أن التوازن بين الحياة والعمل أولوية تفوق المكاسب المادية، خلافًا لنصائح "اعمل بجد الآن واستمتع لاحقًا". وبما أن 25 %منهم يعانون من القلق أو الاكتئاب بسبب ضغوط العمل التقليدية، لذا يرفضون النصائح التي تهمل الصحة النفسية.
لديهم شكوك حول فعالية النماذج التقليدية للقيادة والنجاح
يرفض 52 % من جيل زد الترقي إلى مناصب إدارية وسطى؛ لأنهم يرونها "وظائف صورية" بسلطة محدودة وتضيف ضغوطًا من دون تمكين حقيقي. كما أن 47 % منهم يفضلون المسارات الفردية مثل (ريادة الأعمال أو الصناعة الرقمية) بدلًا من الصعود الوظيفي الهرمي، معتبرين أن النجاح يُقاس بالتأثير لا بالألقاب.
يتحدون ثقافة "المقارنة الاجتماعية" في وسائل التواصل
يعاني 40 % من جيل زد من "المقارنة السلبية" بسبب المحتوى المُصمم لإظهار الكمال الزائف، مما جعلهم يشككون في نصائح مثل "كن الأفضل دائمًا". كما أنهم يفضلون نماذج "النجاح غير التقليدي" على منصات مثل (TikTok)، التي تبرز قصصًاعن الابتكار المرن والتوازن بدلًا من الجهد المُنهك.
يركزون على القيم المجتمعية والاستدامة بدلًا من النجاح الفردي
يربط 74 % من جيل زد اختيارهم الوظيفي بمدى التزام الشركة بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية، ويرفضون النصائح التي تفصل النجاح الشخصي عن التأثير المجتمعي. كما أن 38 % منهم مستعدون لخفض رواتبهم بنسبة 2–5% للعمل في شركات تُحقق توازنًا حياتيًا أو تدعم قيمًا متوافقة مع مبادئهم.
يفضلون التعلم التطبيقي على النظريات المجردة
يعتبر 76 % من جيل زد "التعلم القائم على المهارات" مفتاح النجاح، ويرفضون نصائح مثل "احصل على شهادة عليا لضمان مستقبلك". كما أنهم يقضون وقتًا أطول بنسبة 12 % في تعلُّم مهارات رقمية جديدة مثل (البرمجة أو التسويق الإلكتروني) مقارنة بالأجيال السابقة، معتمدين على منصات مثلCourseraبدلًامن المسارات الأكاديمية التقليدية.
يرفضون ثقافة "الاستعداد للتضحية بالحاضر من أجل المستقبل"
يُشاهد 68 % من جيل زد "آباءهم الذين يعانون من الاحتراق الوظيفي في وظائف تقليدية"، مما يجعلهم دومًا يرفضون النموذج القائم على تأجيل الراحة. كما أنهم يفضلون "النجاح المرن" القائم على العمل الهادف (Purpose-driven Work) الذي يجمع بين الإنجاز المهني والرفاهية الفورية.
ماذا يريد جيل زد بدلًا من النصائح التطويرية التقليدية؟
وتابع دكتور محمود، هذا الجيل لا يرفض "التطوير الذاتي" بحد ذاته، بل يرفض نماذجَ عفا عليها الزمن لا تُحاكي عالمهم المتغير. علمًا أن الشركات والمُرشدون الذين يفهمون هذه التحولات سيكونون الأقدر على قيادة مستقبل العمل. عمومًا جيل زد يعتمد على:
- تطوير ذاتي قائم على المرونة: نصائح تدعم بناء مهارات رقمية مستقلةFreelancing، Content Creation.
- نجاح شامل: يدمج بين الإنجاز المهني، الصحة النفسية، والتأثير الاجتماعي.
- قدوات "غير كاملة":نماذج تُظهر التحديات الحقيقية بدلًا من صورة النجاح المثالي.
ما هي أهم الاستراتيجيات العملية المبنية على أحد الدراسات لدمج مهارات تطوير الذات التقليدية باحتياجات جيل زد؟

وأضاف دكتور محمود، لدمج مهارات تطوير الذات التقليدية مع احتياجات جيل زد، يجب تحويلها إلى صيغ رقمية مرنة تُحفِّز الإبداع وتُحقق التوازن النفسي والمهني؛ باتباع الاستراتيجيات العملية التالية:
تحويل القراءة إلى تجربة تفاعلية رقمية
بما أن 75 % من جيل زد يفضلون الفيديو على القراءة التقليدية؛ لذا يجباستبدال الكتب الورقية بملخصات مرئية على يوتيوب أو تطبيقات مثل ( Blinks تلخيص كتب في 15 دقيقة). كذلك استخداممنصات Skillshare أو Khan Academy لدمج المعرفة مع التمارين التفاعلية، وتحويل السير الذاتية لبودكاست أو قصص مصورة على إنستغرام لجذب الانتباه.
إدارة الوقت عبر أدوات رقمية "قابلة للتخصيص"
بما أنهم يرفضون الجدولة الصارمة لصالح المرونة؛ لذا يجب استخدام تطبيقات مثل Notion أو Trello لدمج التخطيط اليومي مع التعلُّم والمشاريع الشخصية في مكان واحد، كذلك تحويل المهام إلى "ألعاب" عبر Habitica أو Forest App، حيث يُكافَأ التركيز بزرع أشجار افتراضية.
التوازن بين التطوع والتأثير المجتمعي الرقمي
بما أنهميرفضون التطوع التقليدي غير المرتبط بقيمهم، لذا يجب تنفيذمبادرات رقمية مثل تصميم حملات توعية على Canva لخدمة قضايا اجتماعية. كذلك التطوع في تعليم المهارات الرقمية عبر منصات مثل Coursera أو Udemy .
تحويل "الخروج من منطقة الراحة" إلى مشاريع إبداعية
بما أنهم يُقيِّمون المخاطرة بحساب الربح والخسارة؛ لذا يجب بدء مشاريع جانبية صغيرة مثل متجر إلكتروني على Etsy أو قناة تيك توك تعكس شغفهم، كذلك استخدام أدوات مثل Figma لتصميم منتجات افتراضية، أو ChatGPT لتطوير أفكار مبتكرة.
تعزيز الصحة النفسية عبر التكنولوجيا
بما أن 25 % منهم يعانون من القلق بسبب ضغوط النجاح التقليدية؛ لذا يجباستبدال نصائح "النوم مبكرًا" بتطبيقات مثل Headspace للتأمل الموجه. كذلك دمج الرياضة مع الترفيه عبر ألعاب VR مثل Oculus Fitness .
على الهامش.. نصائح ذهبية للقائمين على التطوير الذاتي

- دمج الذكاء الاصطناعي:استخدام أدوات مثل ChatGPT لتوليد خطط تطوير شخصية سريعة.
- التقييم عبر التحديات الرقمية:تنظيم مسابقات مثل "هاكاثون المهارات" على منصات Miro للعصف الذهني الجماعي.
- ربط النمو بالهوية الرقمية:مساعدتهم على بناء "علامة شخصية" Personal Brand عبر LinkedIn أو Medium.
وأخيرًا، التطوير الذاتي لجيل زد ليس تغييرًا في المضمون، بل تحولًا في الشكل: "من التلقين إلى التفاعل، ومن الصلابة إلى المرونة، ومن النجاح الفردي إلى التأثير المجتمعي". وبدمج الاستراتيجيات العملية السالفة الذكر، تُصبح مهارات التطوير الذاتي التقليدية جسرًا بين حكمة الماضي وابتكار المستقبل، من دون التضحية بقيم الجيل الجديد أو طموحاته.