كيف تجعلين العمر صديقاً لا عدواً؟

احتضنوا سنواتكم: كيف تجعلين العمر صديقاً لا عدواً؟

عبد الرحمن الحاج

الشيخوخة ليست فقدانًا للشباب، بل هي مرحلة جديدة من الفرص والقوة، ولكن للأسف، بدلًا من تبني هذه المرحلة بترحاب وإقبال على الحياة، يخشى كثير من الناس اليوم عملية الشيخوخة، وذلك نظرًا لأن ثقافتنا مهووسة بالشباب والجمال، فبدلًا من أن تسعد النساء بمظهرهن الجميل، تلجأ النساء إلى الحقن عند أول علامات التجاعيد، وفي أعمار أصغر.

والموضوع لا يقتصر فقط على النساء العربيات، فنقلاً عن لينكد إن، أنفق الأمريكيون أكثر من 16.5 مليار دولار على جراحات التجميل والحشو في عام 2018، وتشير نتائج هذا الاستطلاع إلى أن المبلغ الذي تنفقه النساء على مظهرهن يكفي لدفع رسوم الجامعة أو شراء منزل، حتى الرجال بدأوا يتبعون هذا التوجه الباهظ.

وليس ذنبك أن تكوني قلقة بشأن مظهرك، ففي أغلبية الثقافات، نتعرض لوابل من مُثُل الجمال غير الواقعية وغير القابلة للتحقيق، ومع هذا الضغط الثقافي الكبير، يجب أن تشعرين بثقة كبيرة بنفسك حتى لا تشعرين بأي قدر من انعدام الأمن، فنحن نُحكم دائمًا على مظهرنا، وعلاوةً على ذلك، قد نشعر وكأننا في منافسة مع نساء أخريات، خاصةً عندما نتعرض للسخرية من وزننا الزائد أو نلاحظ حدوثها حتى للمشاهير الذين زاد وزنهم، وكذلك يتعرض الرجال أيضًا لهذا النوع من التمييز.

والتمييز على أساس السن متفشٍ بنفس القدر، وللأسف، تُظهر وسائل الإعلام كبار السن بمظهر التبعية، والعجز، وعدم الإنتاجية، أو المطالبين، وفي الواقع، معظم كبار السن مستهلكون مكتفون ذاتيًا، لديهم الوقت والمال والقدرات التي يمكنهم تقديمها للمجتمع.

وكيف يُمكنك أن تُفكّر في الشيخوخة إلا على أنها خسارة فادحة، وهي العدو الذي يجب عليك محاربته بكل ثمن، في ظلّ كل هذا الضغط للحفاظ على شبابك وجمالك؟ صدقي أو لا تصدقي، للشيخوخة فوائد عديدة يُمكنك أن تشعر بالامتنان لها، والأفضل من ذلك، أن تغيير نظرتك للشيخوخة يُمكن أن يُساعدك على بناء منظور أكثر توازناً.

وقد يكون التقدم في العمر متنفسًا من ضغوط السعي لإنجاز المزيد، وهروبًا من سطوة الجمال التي تفرضها ثقافتنا، وقد تكوني وقتًا للاسترخاء والاستمتاع بثمار سنوات من العمل الشاق، ووقتًا للتركيز على ما تريدين بدلًا من متطلبات تربية الأسرة أو العمل الشاق. قد تعتبريها وقتك.

والشيخوخة ليست عدوك، بل قد تكون صديقك، وبالتأكيد، لها إيجابياتها وسلبياتها، تمامًا كأي شيء آخر في الحياة، وربما يبدأ جيل طفرة المواليد باستعادة رونق الشيخوخة أو التقدم في العمر.

مميزات التقدم في العمر أو الشيخوخة

وفيما يلي إليكِ مميزات للشيخوخة يمكنك الاطلاع عليها ليصبح التقدم في العمر صديقًا لا عدوًا:

  1. الميزة الأولى للشيخوخة: سعادة أكبر

الميزة الأولى للشيخوخة سعادة أكبر
الميزة الأولى للشيخوخة سعادة أكبر

تُجري دراساتٍ حول الشيخوخة منذ سنوات. تُظهر نتائجها أن الناس عموماً يكونون أكثر سعادةً مع تقدّمهم في السن، وعلى الرغم من الخسائر المرتبطة بالتقدّم في السن، فإنّك لستَ أكثر عُرضةً للشعور بالاكتئاب والوحدة، فالشباب عموماً أكثر تعاسةً من كبار السن.

وكبار السن ليسوا مُتسرّعين في حياتهم، بل لديهم مشاعر مُختلطة ومُعقدة، لكنهم عموماً أكثر سعادة.

  1. الميزة الثانية المهمة للشيخوخة: قدرة أكبر على الصمود في مواجهة المواقف العصيبة

الميزة الثانية المهمة للشيخوخة قدرة أكبر على الصمود في مواجهة المواقف العصيبة
الميزة الثانية المهمة للشيخوخة قدرة أكبر على الصمود في مواجهة المواقف العصيبة

ويُبدي كبار السن مشاعر إيجابية أكثر ومشاعر سلبية أقل مقارنةً بالشباب، وحتى خلال جائحة كوفيد-19، حيث كان كبار السن أكثر عرضة للخطر، حيث تعامل كبار السن عمومًا مع الضغوط بشكل أفضل، مع ذلك، من المهم ملاحظة أن هذه الدراسات تستبعد الأشخاص الذين يعانون من فقر مدقع.

  1. الميزة الثالثة المهمة للشيخوخة: الحكمة والتعاطف

الميزة الثالثة المهمة للشيخوخة الحكمة والتعاطف
الميزة الثالثة المهمة للشيخوخة الحكمة والتعاطف

ومع تقدمك في السن، تقل احتمالية تركيزك على تحقيق الأهداف وتركز أكثر على حياتك الحالية، ويصبح وعيك بمرور الوقت أكبر، وهذا غالبًا ما يؤدي إلى رغبة في الاستمتاع بالحياة، وتتعلمي من التجربة أن أسوأ الأوقات العصيبة مؤقتة، مما يُسهّل عليكي التعافي، وقد تتعلمي أيضًا من أخطائك، ما قد يُمكّنك من اتخاذ قرارات أفضل مع تقدمك في السن، وغالبًا ما يُطوّر كبار السن تعاطفًا عاطفيًا أكبر مع الآخرين.

  1. الميزة الرابعة المهمة للشيخوخة: التواصل الاجتماعي طويل الأمد

الميزة الرابعة المهمة للشيخوخة التواصل الاجتماعي طويل الأمد
الميزة الرابعة المهمة للشيخوخة التواصل الاجتماعي طويل الأمد

وعلى الرغم من أننا نفقد الأصدقاء والشركاء مع تقدمنا في العمر، إلا أن تفاعلاتنا مع شبكاتنا الاجتماعية تكون أكثر إرضاءً، ويبقى مقدار الدعم الاجتماعي كما هو، وقد يتخلى الناس عن الصداقات الصعبة، ويتفاعلون أكثر مع الأشخاص في حياتهم الذين يمنحونهم معنى أكبر، ومع تقدمنا في العمر، قد نصبح أيضًا أفضل في تجنب الخلافات.

  1. الميزة الخامسة المهمة للشيخوخة: فوائد أكبر للمجتمع

الميزة الخامسة المهمة للشيخوخة فوائد أكبر للمجتمع
الميزة الخامسة المهمة للشيخوخة فوائد أكبر للمجتمع

وعلى الرغم من أن الناس يعيشون حياة أطول وأكثر إنتاجية، إلا أن الناس يميلون إلى تصنيف كبار السن على أنهم يعانون من مشاكل صحية متفاقمة ويصبحون عبئًا على المجتمع، وتُظهر الأبحاث أن أكبر تراجع في القدرة الإدراكية لا يبدأ إلا في الثمانينيات من العمر، وحتى لو كنتِ أبطأ في الإدراك، فمن المرجح أن تمتلكين خبرة واسعة ونصائح تُقدميها لمن لا يمتلكون هذا المستوى من الحكمة أو الخبرة.

وتُظهر الأبحاث أن هناك العديد من المزايا المجتمعية لشيخوخة السكان، بما في ذلك: انخفاض النشاط الإجرامي، وزيادة المشاركة السياسية، ومهارات العمل، والعمل التطوعي، وغيرها، وعلى مرّ التاريخ، تم التعامل مع كبار السن باحترام وتقدير لقدرتهم على تقديم المشورة الحكيمة للشباب نتيجة لخبرتهم الهائلة وحكمتهم.