6 طرق فعّالة لتحسين مهاراتكِ في التواصل مع الآخرين

خاص "هي": 6 طرق فعّالة لتحسين مهاراتكِ في التواصل مع الآخرين

مجلة هي

بقلم الدكتورة ريم محمود، دكتوراه في علم النفس (بريطانيا)، ماجستير العلوم (بريطانيا)

علم النفس الصحي

"لايت هاوس أرابيا"  The LightHouse Arabia

 

1

تسلط عقود من الأبحاث الضوء على أنّ التواصل هو المبدأ الأساسي في بناء العلاقات بين الأشخاص والعلاقات العاطفية الناجحة. وفي الواقع، تتمثل أحد الموضوعات الرئيسية في علاج الأزواج في التركيز على بناء مهارات تواصل جيدة. وبشكلٍ أساسي، يعمل التواصل على إيصال رسالة إلى الشخص الآخر مفادها أنّك تهتم لأمر الشخص الآخر وتقدره وتثق به وتحترمه- بمعنى آخر أنّك مستثمر في العلاقة بشكلٍ تام! لذلك، يمكنكِ أنّ تتخيلي كيف يمكن أنّ يساهم التواصل في تحسين جودة علاقاتنا وإطالة أمدها- سواء كانت رومانسية أو عائلية أو أفلاطونية.

يعتبر التواصل الجيد أكثر من مجرد وسيلة لتسوية النزاعات بشكلٍ فعّال وفهم احتياجات بعضنا البعض، بل هو عبارة عن عملية ديناميكية للإفصاح عما يدور في أعماق أنفسنا- بما في ذلك رغباتنا وتطلعاتنا وحتى مخاوفنا وشعورنا بعدم الأمان. كما أنّه عبارة عن بناء رؤية مشتركة تجاه الحياة- بما في ذلك معنى الحياة والمعتقدات والقيم والعمل من أجل تحقيق هدف مشترك. لذلك، فإنّ التواصل هو أكثر من مجرد التحدث والاستماع...إنّه ينطوي على الرغبة في أنّ نكون ضعفاء ومتعاطفين ومنفتحين مع بعضنا البعض.

لماذا يعتبر التواصل عملية صعبةً للغاية؟

يتطلب التواصل الحضور والإنتباه والإلتزام. وفي عالم اليوم سريع الخطى والمدفوع بالتكنولوجيا، قد يُشكّل هذا الأمر تحدياً ولا يعتبر سهلاً دائماً. غالبًا ما نقوم بمهام متعددة ويسهل تشتيت انتباهنا كما لدينا مدى انتباه أقصر - مما يجعل من الصعب الاستماع والفهم والاستجابة. تشير الأبحاث إلى أنّ عمق وجودة محادثاتنا قد تضاءلت أكثر من أيّ وقت مضى، مما ساهم في الحدّ من فرصنا في بناء روابط حميمية وهادفة في علاقاتنا مع الآخرين.

وبالنسبة للبعض منا، قد يُشكل التواصل الجيد تحدياً لأنّه يتطلب مستوى من الضعف والإنفتاح؛ خاصةً في العلاقات الحميمة حيث ينطوي التواصل غالبًا على مناقشة مواضيع حساسة مثل الشؤون المالية والسلطة والرغبات. ومن أجل السماح لأنفسنا بأنّ نكون ضعفاء مع الآخرين، نحتاج إلى الشعور بأنّه يمكننا الكشف عما يدور في أعماق أنفسنا من دون الخوف من إساءة فهمنا أو الحكم علينا أو رفضنا. وذلك لأنّه بسبب هذه الخوف، ينتهي المطاف بالكثير منا بتجنب الكشف عن ذاتنا الحقيقية.

نحن على دراية تامة بأنّ النزاع أمر حتمي وطبيعي في أيّ علاقة؛ ومع ذلك، عادةً ما تزداد الأمور سوءاً عند محاولة حل هذه النزاعات. سواء كان هذا النزاع ناجماً عن سوء تفسير أو سوء فهم أو ببساطة عدم فهم بعضنا البعض، فقد يؤدي إلى التوتر والانفصال ومشاعر الإحباط والغضب والاستياء وحتى انهيار العلاقة. يكمن مفتاح حل النزاعات في مهارات التواصل الفعّال. فمن خلال التعبير عن مشاعرنا واحتياجاتنا والإصغاء بشكلٍ فعّال إلى وجهة نظر شريكنا (يعتبر من الضروري جداً القيام بهذين الأمرين) يمكنكِ العمل بشكلٍ تعاوني على إيجاد الحلول التي تحترم إحتياجات كلّ واحد منكم. يُعزّز هذا النهج لحل النزاعات بيئة صحية يشعر فيها كلا الشريكين بالتقدير والاستماع.

ستة طرق فعّالة لتحسين مهاراتكِ في التواصل في علاقتكِ:

أثناء متابعتكِ للقراءة، تذكري أنّ روما لم تُبنى في يوم واحد كما أنّه من الصحيح أيضاً أنّك لن تكوني قادرة على تغيير أنماط التواصل الخاصة بكِ بين عشية وضحاها. فبدلاً من ذلك، ركزي على ممارسة مهارة تواصل واحدة حتى تصبح جزءاً من نمط حياتك. وذلك لأنّ بناء مهارات التواصل يتطلب الكثير من الممارسة لإتقانها.

  1. تعزيز الوعي الذاتي: يساعد قضاء بعض الوقت في التحقّق من أفكاركِ واحتياجاتكِ ومشاعركِ على تحسين محو الأمية العاطفية وتجنب الإحباط أثناء التحدث عن المشكلات. لاحظت أنّ الأزواج يعبرون عن تفسيرهم لمشاعر شريكهم بدلاً من مشاعرهم الخاصة. ومن الأمثلة الأكثر شيوعًا على ذلك، عبارة "أنت لا تهتم بي" المنتشرة بين الأزواج بدلاً من التعبير عن الشعور بالانفصال أو الإهمال أو عدم الاستماع إليه، إلخ. لذلك في المرة المقبلة التي تجدين فيها نفسكِ تفترضين أو تفسرين سلوكيات شريككِ، اطرحي على نفسكِ هذه الاسئلة- "كيف أشعر؟ ما الذي أحتاجه حقًا الآن؟" إلخ.

  2. ممارسة الإستماع الفعّال: غالبًا عندما نستمع، ننتظر دورنا للتحدث مرة أخرى. يتضمن الاستماع الفعّال التركيز الكامل على كلمات شريكك وطرح أسئلة توضيحية وتقديم ملاحظات لفظية أو غير لفظية لإثبات فهمكِ. يساعد ذلك على ضمان شعور شريككِ بأنّه مسموع ومفهوم، مما يعزز أيضًا التعاطف والثقة في العلاقة. لذلك في المرة المقبلة، حاولي الإنتباه إلى تصرفاتكِ عندما تبدأين في التدريب على ما ستقولينه أو مناقشة ما ستقولينه لاحقاً أو الإعتقاد بأنّك "تعرفين" ما سيقوله شريككِ...كوني على دراية بأنّكِ قد توقفتِ عن الإستماع... واحرصي على العودة  مُجدداً للتركيز على ما يقوله شريككِ.

  3. استخدام العبارات التي تبدأ بكلمة "أنا": تأطير مشاعركِ واحتياجاتكِ من وجهة نظركِ - "أشعر بالوحدة وعدم الأهمية عندما تنظر إلى هاتفك بينما نتحدث." يسمح لنا هذا النهج بالتعبير عن مشاعرنا واحتياجاتنا بصراحة أكبر من دون أنّ يشعر الشخص الآخر بأنّه يتعرض للهجوم أو بحاجة إلى الدفاع عن نفسه لأنّ هذا التصرف يساعد على تجنب إلقاء اللوم.

  4. إعطاء الأولوية للمحادثات الهادفة: تحديد وقت مُخصّص في "مكان خالٍ من التكنولوجيا" للانخراط في مناقشات صادقة وواعية ودون انقطاع. على سبيل المثال، تخصيص وقت على الأقل مرة واحدة في الأسبوع حيث يركز كلّ منكما على إجراء محادثات هادفة حول تجاربكِ ومشاعركِ وأفكاركِ من دون أيّ إلهاء رقمي.

  5. وضع حدود بين العمل والحياة الشخصية: مع ظهور التكنولوجيا والعمل عن بُعد، أصبح الخط الفاصل بين عملنا وحياتنا الشخصية غير واضح. نحن جميعًا مذنبون بمناقشة شؤون العمل في السرير أو إجراء مكالمة عمل "مهمة" أثناء تناول العشاء... يعتبر من المهم أكثر من أيّ وقت مضى أنّ نضع حدودًا واضحة للحفاظ على توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية. يساعد ذلك على أنّ نكون أكثر حضوراً وتركيزاً عند الانخراط في العلاقات. على سبيل المثال، الاتفاق على تجنب مناقشة القضايا المتعلقة بالعمل أثناء الوقت الشخصي أو تخصيص مساحة عمل في المنزل.

  6. تقبّل الضعف والحقيقة: من خلال الكشف عما يدور في أعماق نفسكِ بشكلٍ علني بما في ذلك أحلامكِ ورغباتكِ واحتياجاتكِ وانعدام الأمان والمخاوف، يمكنك تعزيز الثقة والألفة في العلاقة الحميمة. على سبيل المثال، احرصي على توفير مساحة أكبر للحديث عن الأمور الصعبة. ابدئي من الصفر وطوري قدرتكِ على التسامح. قد يساعد أيضاً الإستماع بتعاطف والإطمئنان والتطبيع في تعزيز مساحة آمنة، خالية من الأحكام المسبقة مما يساهم في توفير تواصل أكثر صدقًا وانفتاحًا.

خلاصة القول هي أنّ التواصل الجيد هو علامة على التقدير. يمثل التواصل الجيد طريقتكِ في إظهار أنّك فضولية...أنّك مهتمة...أنّك مهتمة بما يقوله شريكك... أنّك مستمتعة بالتحدث معه وتقديرن علاقتكما ووقتكما معاً. وتذكر إنّ التواصل مهارة تتطلب الممارسة تماماً مثل الجري أو الرقص. لذلك، احرصي على الممارسة ثم الممارسة ثم الممارسة.