
جروح رقمية: أثر التنمر الإلكتروني على الصحة النفسية لأطفالنا
معروف عن التنمر الإلكتروني أنه سلوك عدواني متكرر ومقصود باستخدام وسائط التكنولوجيا الرقمية الحديثة مثل الهواتف الذكية والكمبيوتربهدف إيذاء شخص آخر أو مضايقته أو إهانته عبر منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة والألعاب ومنتديات الإنترنت.كما ينطوي على نشر محتوى سلبي أو كاذب، ومشاركة معلومات شخصية خاصة، أو إرسال تهديدات. كذلك يكون لهذا النوع من السلوك تأثيرات سلبية كبيرة على الضحايا، مثل القلق والخجل والتوتر.أيضًا يتسم بصعوبة إزالته والتتبع، وانتشاره لجمهور واسع، وكونه غالبًا مجهول الهوية.
ويرتبط التعرض للتنمر الإلكتروني ارتباطًا وثيقًا بارتفاع خطر الإصابة بالاكتئاب لدى الأطفال والمراهقين. وقد تستمر هذه الآثار السلبية على الصحة النفسية لفترة طويلة. كما تشير الأبحاث إلى أن الإناث غالبًا ما يتأثرن سلبًا بشكل أكبر. كما أن خطر وشدة أعراض الاكتئاب قد يزدادان مع تقدم عمر الضحية. كذلك ثمة عوامل أخرى مثل ضعف الكفاءة الاجتماعية والتفاؤل قد تزيد من آثار التنمر الإلكتروني على الاكتئاب عند الأطفال.
تعريف التنمر الإلكتروني

التنمر الإلكتروني هوالاستخدام المتكرر للتكنولوجيا الرقمية لمضايقة الطفل أو تهديده أو إذلاله والذي يحدث غالبًا عبر منصات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات المراسلة، ومنصات الألعاب، وغيرها من الخدمات الإلكترونية. كما يشمل نشر الأكاذيب أو الشائعات، أو نشر محتوى محرج أو جنسي، أو إنشاء حسابات وهمية، أو إرسال رسائل مؤذية، أو استبعاد شخص ما من مجموعات إلكترونية.
الأشكال الشائعة للتنمر الإلكتروني

- نشر الشائعات والأكاذيب: نشر معلومات كاذبة أو محرجة عن شخص ما عبر الإنترنت.
- مشاركة المعلومات الشخصية: الكشف عن تفاصيل خاصة أو صور/مقاطع فيديو محرجة دون إذن.
- إرسال رسائل مؤذية: إصدار التهديدات أو الإهانات أو المحتوى المسيء من خلال الرسائل النصية أو رسائل البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي.
- إنشاء حسابات وهمية: انتحال شخصية شخص ما لإثارة المشاكل أو نشر محتوى سيء.
- الاستبعاد: إبعاد الطفل عمدًا عن المجموعات أو الألعاب أو المنتديات الاجتماعية عبر الإنترنت.
- التصيد: نشر رسائل مزعجة أو تهديدية في البيئات عبر الإنترنت.
- تشجيع إيذاء النفس: حث شخص ما على إيذاء نفسه أو الانتحار.
خطورة التنمر الإلكتروني على الأطفال

بسبب سهولة وصول الأطفال إلى الأجهزة الرقمية، لذا قد يشعرون بأن التنمر الإلكتروني أمر لا مفر منه ويمكن أن يلاحقهم في كل مكان. كما يمكن للمحتوى عبر الإنترنت أن ينتشر بسرعة، مما قد يؤدي إلى وصوله إلى جمهور كبير في فترة قصيرة. لكن في المقابل يترك التنمر الإلكتروني بصمة رقمية (رسائل، منشورات، رسائل بريد إلكتروني) يمكن استخدامها للإبلاغ عن المشكلة ومعالجتها.
آثار التنمر الإلكتروني على الطفل

عند حدوث التنمر الإلكتروني على الطفل، قد يشعر كما لو أنه عُرضًة للهجوم في كل مكان، حتى داخل منزله.كما قد يبدو الأمر بلا مفر ولا منجا له منهوقد تستمر التأثيرات لأمٍد طويل. وعقليًا،سيصاب الطفلبشعور بالضيق والحرج وحتى الغضب. وعاطفيًا،سيكون هناك الشعور بالخجل أو فقدان الاهتمام بالأشياء التي يحبها. أيضًا سيكون هناك شعور مزمن بالإنهاك الجسديوالارق.كما قد تتطر الحالة إلى المعاناة من أعراض مثل آلام المعدة والصداع. كذلك قد يؤدي ذلك إلى امتناع الطفل عن التحدث أو محاولة التعامل مع المشكلة. كما أنها قد يشعر بتدني احترام الذات والالتحاق بالمدرسة وإكمال التحصيل الدراسي.
وتشير الدراسات العلمية المتخصصة إلى وجود علاقة إيجابية بين التعرض للتنمر الإلكتروني وتطور أعراض الاكتئاب. حيث يتعرض ضحايا التنمر الإلكتروني لخطر أكبر للإصابة بالاكتئاب والقلق والأفكار الانتحارية مقارنة بأقرانهم. كما يمكن أن تستمر التأثيرات السلبية للتنمر الإلكتروني على الصحة العقلية لفترة أطول. ومن المثير للاهتمام أن الذين يرتكبون التنمر الإلكتروني معرضون أيضًا لخطر متزايد للإصابة بأعراض الاكتئاب والقلق.
العوامل التي تزيد من تفاقم تأثيرالتنمر الإلكتروني:

بطبيعة الحال قد تتأثر الإناث بالتنمر الإلكتروني بشكل أكثر خطورة من الذكور. كما يميل التأثير الضار للتنمر الإلكتروني على الاكتئاب إلى الازدياد مع تقدم العمر. كذلك يمكن أن يؤدي انخفاض مستويات الكفاءة الاجتماعية التي يدركها الضحايا إلى زيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب بسبب التنمر الإلكتروني. أيضًا الأطفال الذين لديهم مستويات منخفضة من التفاؤل هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بسبب التنمر الإلكتروني. علاوة على ذلك فإن بُعد الطفل عن المدرسة أو عن الإحساس بالأمان في المدرسة يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق.
ماذا نفعل إذا تعرض الطفل للتنمر الإلكتروني؟

هناك العديد من الإجراءات يجب اتخاذها إذا تعرضالطفل للتنمر الإلكتروني مثل حفظ الأدلة. حيث يجب الاحتفاظ بلقطات للشاشة للرسائل والمنشورات. ثم الإبلاغ عن السلوك المتنمر إلى المنصة أو التطبيق الذي حدث فيه النشاط. كذلك التحدث مع الوالدين أو المعلم أو شخص بالغ موثوق به للحصول على الدعم والتوجيه.
ومن الأهمية بمكان حظر المتنمر فورًا من الحسابات والملفات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي. ثم طلب المساعدة المهنية من متخصصي الصحة العقلية أو خدمات حماية الطفل إذا كان التنمر شديدًا. أيضًا يجب ملاحقة المتنمر قضائياً وشرطياً بتقديم بلاغ رسمي في مخفر الشرطة أو شرطة الانترنت ورفع قضية في الحكمة المتختصة. وهذا هو أفضل طريقة للحد من التنمر وأذية الأطفال والبالغين، على حد سواء، من قِبل المجرمين الذين يستغلون التقنيات الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأجهزة الاتصال الحديثة لإرهاب الناس أو إزعاجهم وخصوصًا الأطفال.