الشفاء من الامراض يتطلب علاج الاسباب وليس الاعراض

هل سبق لكم وأن تساءلتم فيما إذا كنتم - وأطباءكم - تتعاملون بشكل سليم مع أجسامكم؟ 

الحقيقة انه معظم الاوقات، يتم التعامل مع الاعراض المصاحبة للمرض والسعي لعلاجها بدلا من علاج الامراض ذاتها، وهذا ما يزيد صعوبة التخلص من بعض الامراض التي تلازمنا بقية الحياة.

في هذا السياق، تستعرض الدكتورة لانال دان، مؤسسة عيادة The Chiron Clinic ومديرة الصحة والعافية في المدين المستدامة، لابرز تحديات الشفاء من الامراض.

السعي لشفاء الامراض ذاتها وليس الاعراض

تقول دان ان استمرار الأعراض لفترة طويلة يبرهن على وجود مشكلة مرضية عميقة ومزمنة. فعلى سبيل المثال، إذا واصلنا علاج أعراض مثل الغمغمة والعطاس لفترة طويلة، فلن نتمكن من حل مشكلة التحسس الغذائي التي قد تشكل المسبب الرئيسي لهذه الأعراض.

وعند الاستمرار بصرف الوصفات الطبية للحصول على مسكنات الالم للتخفيف من الام الرقبة المزمنة، فلن نتمكن من حل المشكلات النفسية التي قد تكون المسبب الحقيقي للالتهاب في هذه المنطقة من الجسم. 

وتؤدي الممارسات الطبية القائمة على تقديم علاجات سريعة لاعراض المشاكل الصحية المزمنة، إلى جعل المرضى في مختلف أنحاء العالم يشعرون بالعجز والإحباط. كما يسلط ذلك الضوء على مشكلة عالمية حقيقية تطال قطاع الرعاية الصحية بأكمله. 

وكانت هيئة الصحة بدبي قد نوهت في عام 2015 إلى هدر يصل إلى 40 مليار دولار أمريكي من الأموال التي ينفقها العالم العربي على قطاع الرعاية الصحية، وأشارت إلى الإفراط في وصف الأدوية وإجراء الاختبارات الطبية كمسبب رئيسي لهذه الخسائر.

ومن هنا، يتبادر إلى الاذهان السؤال التالي: في ضوء المشهد الصحي الراهن لدولة الإمارات، ما هي الحالات المرضية الأكثر خطورة وانتشاراً والتي تؤثر على التعداد السكاني للبلاد؟ تشير د. دان انه سبق لهيئة الصحة بدبي التأكيد بأن الأسباب الرئيسية لحالات الوفاة في البلاد تتمثل في أمراض القلب والأمراض التنفسية ومرض السرطان والإصابات الناجمة عن الحوادث، حيث بلغت نسبة الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية 30% من إجمالي عدد الوفيات التي تطال التعداد السكاني في الدولة.

ويمكن للمخاطر الناجمة عن مرض السكري (أحد الحالات المرضية الشائعة والمرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية) أن تزداد بشكل كبير تحت أشعة الشمس الحارقة في منطقة الشرق الأوسط، وأن تتفاقم أعراضه بوتيرة متسارعة. فعلى سبيل المثال، يمكن لانخفاض نسبة السوائل في الجسم أن يؤدي لارتفاع مستويات السكر في الدم، مؤديا لحدوث هبوط مفاجئ في سكر الدم والشعور بالإرهاق وتشوش الرؤية وانخفاض مستويات الإدراك والتعرق الشديد والشعور بالدوار والجوع وزيادة نبضات القلب فوق المعدلات الطبيعية. 

لذا من الضروري اعداد خطة تغذية مخصصة لكل مريض على حدة بهدف مساعدته على التحكم بهذه الأعراض، إذ يمكن ان يسهم النظام الغذائي الجيد وبشكل ملحوظ في تحقيق الشفاء الكامل من الأمراض؛ بينما قد تؤدي الأنماط الغذائية السيئة لظهور مشاكل صحية جديدة.

الاكتئاب

من ناحية أخرى، يشكل الاكتئاب أحد الأمراض النفسية الأكثر انتشاراً في دولة الإمارات، ويصيب 5% من الرجال والنساء في البلاد ويجعلهم يشعرون بحالة من الحزن واليأس والوحدة.

وبينما يتم تقديم الوصفات الطبية للأدوية المضادة للاكتئاب على نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم، إلا أن استخدام هذه الأدوية لفترة طويلة يمكن أن يؤدي لحدوث تأثيرات جانبية من شأنها أن تسهم في زيادة الاعتماد على هذه الأدوية، بدلاً من تشجيع الناس على إحداث تغييرات إيجابية في حياتهم. 

كما يؤدي الإفراط في الاعتماد على هذه الأدوية إلى وضع أعباء هائلة على كاهل أنظمة الرعاية الصحية. وقد أظهرت الدراسات بأن العلاج المعرفي يضاهي في فعاليته الأدوية المستخدمة في علاج الاكتئاب، كما يسهم في خفض مخاطر حدوث الانتكاسات حتى بعد التوقف عن تقديمه للمرضى.