تحت مبدأ الرياضة حياة: طبيبات وظفن الرياضة لتحسين صحتهن

"الرياضة حياة، الرياضة سعادة وليست مجرد نشاط بدني يقوم به الفرد من أجل الترفيه او المشاركة في بطولات معينة"، هذا ما بدأت الحديث به الدكتورة جوهرة القحطاني في تعريفها للرياضة عندما سألناها عن أهمية الرياضة في تعزيز وتحسين الصحة النفسية للمرأة.

والدكتورة جوهرة القحطاني هي جراحة واعدة في مستشفى حمد العام في دولة قطر، بدأت مشوارها الرياضي عام 2015 متمثلاً في رياضة الجري بشكل أساسي، ثم انتقلت إلى رياضة الكروسفت وعالم رفع الاثقال.

ومثلها فعلت نور إسماعيل، أخصائية تقويم الأسنان من الكويت والتي تبلغ من العمر 30 عاماً. وتستمع نور بالجري لمسافات طويلة، وهي بدأت بالجري منذ عامين بعد تعافيها من مرض جريف وهو اضطراب في الجهاز المناعي ينتج عنه زيادة في إنتاج هرمونات الغدة الدرقية أو ما يُعرف بفرط نشاط الغدة الدرقية.

لقد ساعد الجري نور على تعزيز قوتها البدنية والنفسية أيضاً، وكذلك جوهرة التي شددت على أهمية الرياضة للمرأة في قولها: "إن الحياة في هذا العصر وخاصة للمرأة العاملة في كل المجالات تحتاج إلى متنفس حيوي وصحي لها، فالجري له تأثير سحري إيجابي على الصحة النفسية والعقلية والجسدية للفرد، وهذا يعني حياة صحية متوازنة".

اهمية الرياضة في تعزيز الصحة النفسية للمرأة
اهمية الرياضة في تعزيز الصحة النفسية للمرأة

الرياضة وفعاليتها في محاربة الإضطرابات النفسية

ضغوطات الحياة كثيرة، وتُعد هذه الضغوطات العامل الرئيسي المسبب للإضطرابات النفسية كالتوتر والإكتئاب وغيرها من المشاكل النفسية، مما يؤدي الى زيادة في المشاكل الإجتماعية والأسرية، تضيف نور إسماعيل مشيرة إلى وجود علاقة بين المشاكل الجسدية والضغوطات النفسية. وقد اثبتت الدراسات العلمية أن زيادة الضغوطات النفسية تؤدي بشكل مباشر الى ارتفاع ضغط الدم والصداع المزمن وانتفاخات في المعدة وتهيجات في القولون العصبي وغيرها من المشاكل الصحية.

وبحسب نور، هناك العديد من العوامل التي قد تساعدك على التخفيف من الضغط النفسي واسترجاع الهدوء والطمانينة في حياتك:

  • ممارسة الرياضة: تنصح نور بممارسة أي نوع من أنواع الرياضات، كالجري والسباحة والمشي، وتساعد الرياضة على التخفيف من الضغط النفسي وزيادة إفراز هورمون الإندورفين الذي يجعلك تشعرين بالسعادة. كما أن الرياضة تخفف التوتر، وتُحسن المزاج وتزيد الثقة بالنفس.
  • العبادة والتامل: يمنحك التأمل الشعور بالهدوء والسلام والراحة النفسية والجسدية. كما تساعدك العبادة في التخلص من الأفكار السلبية، والتركيز على الحاضر، واستشعار الإمتنان والطمأنينة.
  • اتباع نظام غذائي صحي: يسهم في تحسين صحة الجسم، وبالتالي تحسين الصحة النفسية. وذلك من خلال تناول الخضروات والفواكه، وشرب كمية كافية من الماء يومياً، والتقليل من الاملاح والسكر المضاف في الأكل، وخفض استهلاك الأطعمة غير الصحية.
  • التواصل مع الأهل والأصدقاء: التواصل الإجتماعي وسيلة مهمة جدًا لتخفيف الضغط النفسي وتوفير الدعم والمساعدة. كما أن مساعدة الاخرين و المشاركة في الاعمال التطوعية من مصادر السعادة. لذا احرصي على إحاطة نفسك بأناس يتمتعون بروح إيجابية وسعيدة وذات توازن نفسي مستقر.
  • التركيز بالحاضر: لكي تعيشي اللحظة وتستمتعي بها، يجب عليك التركيز على الحاضر كما تنصحك نور. كذلك الإبتعاد عن السلبيات بما فيها كثرة التذمر والشكوى والتفكير بالماضي أو الخوف من المستقبل.
  • النوم الجيد: أثبتت الدراسات أن قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى الإضطرابات النفسية، والتوتر، وعدم التركيز بالحاضر. لذا من الضروري أخذ قسط كاف من الراحة والنوم.
  • قضاء وقت ممتع مع نفسك: إنها طريقة رائعة لإعادة التواصل مع نفسك. على سبيل المثال، قراءة كتب تنمية الذات، الإستماع إلى الموسيقى، ممارسة هواياتك المحببة، التسوق، ممارسة الرياضة، السفر، وغيرها.
  • تقليل المسؤوليات الوظيفية والحياتية: وذلك من خلال توزيع المهام على فريق عمل من الأصدقاء أو الأهل، لتخفيف الأعباء والضغوطات الناتجة عن هذه الأعمال والتي من الممكن أن تؤدي إلى التوتر والإرهاق الذهني والجسدي.
  • الإستشارة النفسية: في بعض الحالات عندما لا يجد الشخص الحل بنفسه، يمكنه اللجوء إلى الأطباء النفسيين المختصين واللذين يمكنهم من خلال خبراتهم الوظيفية تشخيص المشكلة بصورة احترافية، وإيجاد الحلول المناسبة لما يعاني منه كل فرد.

حياة صحية وعقلية أكثر توازناً بفضل الرياضة

الرياضة تخفف الضغط النفسي وتعزز الراحة والطمأنينة
الرياضة تخفف الضغط النفسي وتعزز الراحة والطمأنينة

بدورها، أكدت جوهرة القحطاني على أهمية الرياضة، كونها تجعل حياة الفرد صحية أكثر جسدياً وعقلياً. فممارستها بشكل يومي يؤدي إلى مزاج متوازن وانفعالات أقل وقرارات أكثر واقعية وصحيحة. وقد اشارت الدكتورة جوهرة في حديثها إلى موقع "هي" بشكل خاص في هذا الصدد قائلة: "إن الحياة في هذا العصر وخاصة للمرأة العاملة في كل المجالات، تحتاج إلى متنفس حيوي وصحي لها، فالجري له تأثير سحري إيجابي على الصحة النفسية والعقلية والجسدية للفرد، وهذا يعني حياة صحية متوازنة."

يتحدث الناس عن نشوة العداء، أو ضجة الإندورفين بعد التمرين. لكن فوائد التمرين على الصحة العقلية أكثر تعقيدًا واتساعًا من هذا فقط بحسب ما قالت جوهرة التي بدأت بتجارب فردية في مجال الرياضة، ثم استطاعت من خلال التدريب المتواصل والقراءة والدورات المشاركة في سباقات الماراثون العالمية والسباقات المحلية.

ووفقاً للدكتورة القطرية، ففي حين أن فعالية مضادات الإكتئاب وآثارها الجانبية معروفة، إلا أن التمارين الرياضية في الواقع لها أيضًا تأثيرات عميقة على بنية الدماغ، كما أنها توفر فوائد أخرى أكثر دقة مثل التركيز، والشعور بالإنجاز، وفي بعض الأحيان التحفيز الإجتماعي، وكلها مفيدة في العلاج.

أدركت الدكتورة جوهرة بشكل مباشر مدى أهمية خلق التوازن والحفاظ عليه في حياتها، من خلال دمج التمارين البدنية المنتظمة طوال أسبوع مزدحم وممتلئ بساعات عمل طويلة في غرف العمليات وطوارئ وأقسام المستشفى، مما خلق عامل الإستمرارية والدافع للبناء  والتحفيز المستمر لهذه الرياضة.

للدكتورة جوهرة مشاركات عديدة في الجري، فقد شاركت في ماراثونات عالمية خارج دولة قطر منها هولندا وفرنسا، وكذلك العديد من المشاركات المحلية. ولم تكتف بالمشاركات فقط، بل حملت على عاتقها حب نشر رياضة الجري خاصة لفئة النساء في مجتمعها، وقامت بإنشاء أول فريق متخصص للجري خاص بالنساء مع منيرة الكواري.

فريق Run The World بالنسبة للدكتورة جوهرة ليس فريق جري فقط، وإنما مجتمع نسائي متعدد الأنشطة والفعاليات يهدف لخلق بيئة صحية متوازنة لكل أعضائه.

التمارين الرياضية تجعل عقلك أقوى وأسعد، وتُعزز أيضاً الوظائف الإدراكية، مما يُسهل اتخاذ القرارات في البيئات المختلفة. فيما يؤدي الجلوس بشكل منحن على المكتب لساعات طويلة إلى العديد من المشاكل، فوضعية الجلوس السيئة والطويلة تُسبب الصداع النصفي والتهاب الظهر والرقبة وضعف العضلات.

البشر مصممون على التحرك، هذا ما أكدت عليه القطحاني مضيفة: "إن ممارسة الرياضة تعينك على نمو شغفك بالحياة وتعرفك على قدراتك ونفسك بشكل اكبر، تميزك عن الكثيرين وتعزز فيك الشعور بطعم النجاح. احرصي على نشر ثقافة الجري والرياضة إلى الجميع، شجعي الأجيال القادمة واجعليها أسلوب حياة، فالمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف." 

خلاصة القول، علينا كأفراد أن نهتم بأنفسنا بشكل جيد وفعال وذلك من خلال مراعاة عدة عوامل منها التواصل مع الأخرين، القراءة، ممارسة الرياضة، توزيع المهام الوظيفية والحياتية، واللجوء الى الأطباء النفسيين والعديد من الأمور التي يمكن أن تلعب دوراً هاماً في تخفيف التوتر والضغوطات النفسية التي نعاني منها في حياتنا اليومية.