تعديل جرعة العلاج الإشعاعي حسب الجينوم لمرضى السرطان

العلاج الإشعاعي هو واحد من أبرز علاجات مرض السرطان على اختلاف أنواعه، وقد يتم اللجوء إليه لوحده أو بعد تلقي العلاج الكيميائي. وكما هي علاجات السرطان المعروفة، فإن للعلاج الإشعاعي العديد من الفوائد وكثير المضاعفات الصحية التي تؤثر على صحة مريض السرطان.

ومؤخراً، صرّح خبير من المستشفى الأمريكي "كليفلاند كلينك" أنه يجب توظيف علاج السرطان الإشعاعي وفق متطلبات الطب الدقيق، حيث تقود البيانات الجينية الخاصة بالمريض لاتخاذ القرارات العلاجية بدلاً من اتباع نهج "حل واحد يناسب الجميع".

وقال الدكتور جاكوب جي سكوت، أخصائي علاج الأورام بالإشعاع في "كليفلاند كلينيك" وأستاذ مشارك في كلية الطب بجامعة كيس ويسترن ريزيرف، إن علاج الأورام بالإشعاع لا يواكب متطلبات مجال طب الأورام من حيث توظيف التطورات الحديثة في جينوم السرطان. مشيراً إلى أن العلاج الإشعاعي لا يزال يُوصف لحد كبير من خلال مراعاة موقع تشخيص السرطان أو الورم فقط لاتخاذ قرار بشأن الجرعات المعيارية، على افتراض أن التأثير البيولوجي سيكون هو نفسه في جميع المرضى والأورام وأنواع السرطان.

تعديل جرعة العلاج الإشعاعي حسب اختلافات الأورام البيولوجية

في محاولة للتقدم في هذا المجال، عمل الدكتور سكوت ومعاونيه من كلية الطب بجامعة كيس ويسترن ريزيرف ومركز موفيت للسرطان في الولايات المتحدة، لعدة سنوات على إثبات فوائد نموذج الجرعة الإشعاعية المعدلة الجينوم (GARD). وقد نجحوا في ابتكار وتقديم مفهوم تعديل جرعة العلاج الإشعاعي بناء على الإختلافات البيولوجية بين الأورام أو داخلها، وتم نشر نموذج GARD المقترح في مجلة "ذا لانسيت أونكولوجي" في العام 2017.

وفي أغسطس من العام الحالي الذي يشارف على النهاية، نُشرت دراسة في مجلة "ذا لانسيت أونكولوجي" تؤكد فعالية استخدام GARD لزيادة التأثير العلاجي لجرعة معينة من العلاج الإشعاعي الفيزيائي. وقد أثبتت تلك الدراسة والتي كان المؤلف الأول لها الدكتور سكوت بصفته عضوًا في فريق أبحاث السرطان في معهد ليرنر التابع لكليفلاند كلينك، الإرتباط بين GARD ونتائج العلاج الإشعاعي في مجموعة كبيرة من المرضى عبر 7 أنواع مختلفة من السرطان.

واستندت هذه الدراسة إلى البيانات المنشورة سابقًا عن سرطانات الثدي والرأس والعنق وبطانة الرحم وسرطان الجلد والورم الدبقي والبنكرياس والرئة لاختبار الإرتباط بين GARD وجرعة العلاج الإشعاعي ونتائج العلاج، من خلال نقطتي نهاية لتقييم الأثر هما: وقت التكرار الأول والبقاء الكلي. وعلى عكس الافتراضات السابقة، أظهرت الدراسة أن تأثير العلاج الإشعاعي على استجابة الورم، والسمية، والتسرطن والعوامل المماثلة ليس واحداً بين المرضى.

وأوضح الدكتور سكوت أنه "على عكس جرعة العلاج الإشعاعي الفيزيائي، والتي هي مقياس ما يتم إعطاؤه للمريض، تحدد GARD التأثير البيولوجي على المريض واستجابته بصورة فردية للجرعة المعطاة. وبالنظر إلى أكثر من 1600 مريض وجدنا أن الجرعة الفيزيائية للإشعاع لا ترتبط بالنتيجة، بل ترتبط بـ GARD، ما يوفر لنا معياراً قياسياً للتأثير الإكلينيكي للإشعاع، ويمنح أطباء الأورام طريقة موضوعية لفهم الفائدة العلاجية النسبية للعلاج الإشعاعي الموصوف، ويسمح لهم بتعديل الجرعة الفيزيائية للعلاج الإشعاعي من أجل تحسين فائدته فردياً لكل مريض".

مضيفا: "الجزء المهم هو أن GARD ليس معياراً بيولوجياً قائم بذاته، بل هو عامل ديناميكي يتغير وفق جرعة العلاج الإشعاعي الموصوفة، ما يسمح للطبيب بتعديلها مباشرة. وبالرغم من أنه كلما زادت قيمة GARD، زادت الفائدة العلاجية المتوقعة من العلاج الإشعاعي عند تلك الجرعة المحددة، قد لا تستحق هذه الزيادات المخاطرة بزيادة الجرعة في كل الحالات. فبعض المرضى لديهم زيادات كبيرة في GARD مع جرعة أكبر، وبعض المرضى لا يستجيبون أيضًا في نطاق الرعاية المعيارية. وفوق كل ذلك، تظل الأهمية الأكبر للمناقشة مع الطبيب، بالإضافة إلى فهم أخصائي علاج الأورام لتوازن المخاطر والفوائد بين فوائد تصعيد الجرعة مقابل زيادة السمية".

وأعرب الدكتور سكوت عن تفاؤله بأن المجال سيتبنى GARD قريبًا كأداة قيمة لتقديم العلاج الإشعاعي بناءً على التقييم الفردي لكل مريض، حيث سيستغرق التخلي عن طريقة "العمر بالعقود من الزمن" لوصف العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان بعض الوقت.