تبعات خطيرة لسوء تقدير مستويات الكوليسترول لدى مرضى القلب

أشار خبراء في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي"، إن أكثر من 70% من المصابين بأمراض القلب أو ممن لديهم عوامل مرتبطة بخطر الإصابة بأمراض القلب، لا يحافظون على مستويات الكوليسترول المناسبة لمنع الإصابات القلبية والوعائية الحادة.

ويمكن لكمية الكوليسترول الضار (LDL) الزائدة في الجسم أن تتراكم على شكل لويحات على جدران الشرايين، ما يؤدي إلى تضييقها ومنع تدفق الدم إلى القلب، ما قد يتسبب في حدوث إصابات قلبية أو وعائية إذا تُرك هذا الأمر من دون علاج مناسب. وبينما يُعتبر نطاق الكوليسترول الضار، الذي يتراوح بين 100 و129 ملغم/ديسيلتر مقبولًا للأشخاص الذين لا يعانون من مشاكل صحية، يُعد هذا المستوى مرتفعًا لدى المصابين بأمراض القلب أو من لديهم عوامل مرتبطة بخطر الإصابة بأمراض القلب.

وقد وجدت مراجعة أجريت بأثر رجعي لما يزيد على 30 ألفًا من المرضى المصابين بأمراض القلب أو لديهم عوامل مرتبطة بخطر الإصابة، ممن توجد سجلاتهم الطبية في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" ومركز إمبريال كوليدج لندن للسكري التابع لمبادلة للرعاية الصحية، أن متوسط الكوليسترول الضار لديهم يبلغ 140 ملغم/ديسيلتر، ما يُعد أعلى بثلاث مرات من المستوى المقبول لمنع حدوث نوبة قلبية لدى أمثالهم من المرضى أو المعرضين للمرض.

وكان لدى حوالي ثلثي المرضى الذين أصيبوا بنوبة قلبية خطرة وتلقوا العلاج في مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي" في السنوات الثلاث الماضية، مستويات غير طبيعية من الكوليسترول.

إرتفاع مستويات الكوليسترول الضار تزيد خطر النوبة القلبية

السكري سبب اخر لزيادة الاصابة بالامراض القلبية الوعائية

ويقول الدكتور هاني صبور، إستشاري أمراض القلب في معهد القلب والأوعية الدموية بمستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي: "ينبغي أن يهدف الشخص المصاب بأمراض القلب أو الذي لديه عوامل مرتبطة بخطر الإصابة بأمراض القلب، مثل السكري والسمنة، أو كان مدخنًا، إلى الحفاظ على مستويات من الكوليسترول الضار أقل من 70 ملغم/ديسيلتر. ونؤكد أن كل زيادة في هذا الكوليسترول بمقدار نقطة واحدة، تؤدي لرفع خطر الإصابة بنوبة قلبية بنسبة 25%. إن مستويات الكوليسترول الضار المرتفعة التي نراها في الدولة صادمة، وندعو لضرورة التعامل معها بصورة عاجلة، كما نحث الأفراد على إجراء فحوصات قلبية منتظمة حتى يتمكنوا من مراقبة هذه المعطيات الأساسية والإطمئنان على صحة القلب، وبالتالي تجنب الخسائر في الأرواح والإنتاجية على الصعيد الوطني، لا سيما بين الشباب".

موضحاً أن ثمة الكثير من العوائق التي تحول دون فهم أرقام الكوليسترول والدور الذي تلعبه هذه الأرقام في الحد من مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية، مشددًا على أن هذه العوائق "تتطلب نهج تدخل متعدد المستويات من الأطباء والمرضى على السواء".

وأضاف: "ثمة تراخٍ تجاه ضرورة الحصول على الرعاية الطبية، لا سيما في حقبة الإنترنت و"الدكتور جوجل" التي يزعم المرضى فيها أنهم قادرون على تشخيص أنفسهم واتخاذ القرارات المتعلقة بأفضل السبل لعلاج مشاكلهم الصحية، فيقعون ضحية المعلومات الخاطئة حول أدوية علاج الكوليسترول التي تساهم في إنقاذ حياتهم، ويرفضون اتباع خطط العلاج الموصوفة لهم بسبب ما قد يتصورونه حول آثارها الجانبية. كذلك نرى شبانًا معرضين لمخاطر إصابة عالية بالأزمة القلبية لكنهم غير مقتنعين بإمكانية تعرضهم لها، نظرًا لأنهم لا يريدون في الوقت الراهن التفكير في مستقبلهم بعد 10 سنوات".

وأضاف موضحًا: "يختلف نطاق كوليسترول LDL المستهدف لدى الشخص السليم عن الشخص المعرَض لعوامل الخطر، وهذا الأمر قد يصبح مضللًا إذا لم يكن مفهومًا، لأن المرضى قد يظنون أنهم ضمن المستويات المستهدفة في حين أنهم ما زالوا في الواقع معرَضين لخطر كبير. ومن الأشياء التي ينبغي فهمها أن الأطعمة الغنية بالكوليسترول لا تؤثر في مستويات الكوليسترول الموجودة في الدم مثلما تؤثر الجينات فيها، لهذا فإن تغيير نمط الحياة وحده لا يكفي لعلاج المشكلة".

أسباب أخرى لزيادة الإصابة بالأمراض القلبية

يُعد مرض السكري عامل خطر آخر يتسبب في ارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية في دولة الإمارات. ووفقًا للاتحاد الدولي للسكري، يوجد أكثر من مليون شخص مصاب بمرض السكري في دولة الإمارات و1.2 مليون آخرين لديهم مقدمات الإصابة بالمرض.

وقال الدكتور صبور أن الأشخاص المصابين بمرض السكري أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بما يتراوح بين مرتين وأربع مرات. موضحاً  أن مقاومة الأنسولين تتسبب في تشكّل الكوليسترول بصورة غير طبيعية، فتقلل من الكوليسترول الحميد وتزيد من الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية، وهي الدهون الشمعية التي تمد الجسم بالطاقة، ما يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبية، حتى وإن كان مريض السكري يتحكم بمستويات السكر في الدم تحكمًا جيدًا، الأمر الذي يستدعي مراقبة الكوليسترول والحفاظ عليه في النطاق الصحي المناسب للشخص، وهو ما يقترن عادة باتباع نهج قائم على مزيج من العادات المعيشية الجيدة والأدوية والستاتينات الخافضة للكوليسترول.

ويعتبر الدكتور صبور، من ناحية أخرى، عدم تشخيص فرط كوليسترول الدم العائلي سببًا مهمًا آخر لارتفاع مستويات الكوليسترول بصورة غير طبيعية لدى السكان في منطقة الخليج، واصفًا هذه الحالة المرضية بأنها عيب وراثي في طريقة تدوير الجسم للكوليسترول الضار. ويولد المصابون بفرط كوليسترول الدم العائلي ولديهم مستويات عالية من كوليسترول LDL، قد تتجاوز 190 ملغم/ديسيلتر بمرور الوقت، إذا لم يتم التعامل بطريقة صحيحة مع هذه المشكلة.

وكشف الخبير الطبي، بصفته أحد المشاركين في وضع دراسة نُشرت حديثًا حول هذه المسألة في المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت والبحرين، عن أن انتشار فرط كوليسترول الدم العائلي في بلدان المنطقة "يزيد عن تقديرات المعدل العالمي بنحو ثلاثة أضعاف.

ومضى إلى القول: "وجدنا في 34,366 سجلًا من سجلات المرضى التي أخضعناها للفحص، أن واحدًا من كل 112 مريضًا مصاب بفرط كوليسترول الدم العائلي، والمرضى الذين يعانون من هذه الحالة معرضون أكثر من غيرهم بعشرين مرة للإصابة بأمراض القلب. وأظهرت دراستنا أن لدى معظم المرضى المصابين بهذه الحالة لويحة دهنية مرتفعة، ونحن نوصي، إزاء هذه الأرقام، بوضع برنامج وطني وسياسات يُعمل بها في جميع أنحاء الدولة للتوعية بفرط كوليسترول الدم العائلي، وإجراء الفحص المبكر وإدارة المرض".