إماراتية تنجح في تجنب مخاطر مرض القلب من خلال إدارة مرض السكري

نجحت أم إماراتية مصابة بداء السكري في تجنب خطر الإصابة بأمراض القلب الوعائية بمساعدة أطباء مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، الذين وضعوا لها برنامجاً علاجياً شاملاً ودقيقاً ساعدها على إدارة مستويات السكر في الدم وإحداث تغييرات مهمة في نمط حياتها، مما أثر إيجاباً على حالتها الصحية العامة. 

وعندما تم تشخيص إصابتها لأول مرة بمرض السكري من النوع الثاني في عام 2019، لم تكن المواطنة الإماراتية هدى العلي تدرك أن ارتفاع مستوى السكر في الدم يمكنه مع مرور الوقت أن يلحق أضراراً بصحة القلب.

 هدى العلي وبناتها

كانت هدى، التي تبلغ من العمر 51 عاماً، وهي أم لابنتين بالغتين، تعاني منذ عام 2002 من داء كرون أو ما يعرف بـ "متلازمة كرون"، وهو نوع من أنواع مرض التهاب الأمعاء (IBD)، والذي يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني. ومن أجل تخفيف أعراض هذه الحالة المرضية، وصف لها الأطباء حقن الكورتيزون، التي يمكن أن تؤدي إلى رفع مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري.

وواصلت هدى أخذ هذه الحقن لعدة سنوات دون فحص مستويات السكر في الدم، كونها لم تكن على دراية بالمضاعفات التي يمكن أن تنتج عن حالتها المزمنة الأساسية، وذلك حتى العام 2014، حينما توقفت أخيراً عن أخذ حقن الكورتيزون وتحولت بدلاً من ذلك إلى العلاج عن طريق التسريب الوريدي.

وتقول هدى: "في مرحلة ما، أحسست أن حالتي الصحية تفاقمت بالفعل نظراً لأنني لم أكن أراقب مستويات السكر في الدم أثناء أخذ جرعات الكورتيزون. ومنذ عامين تقريباً، بدأت أشعر أكثر فأكثر بالخمول والنعاس والعطش، فأيقنت حينها أن الأمور ليست على ما يرام".

قامت هدى بزيارة مركز طبي في أبوظبي حيث أخبرها الطبيب أن مستويات السكر في الدم لديها مرتفعة بشكل خطير. وتضيف: "لقد شعرت بالصدمة عندما علمت أن نسبة السكر في دمي كانت 500 مجم / ديسيلتر. وطلب الطبيب استشارة أحد خبراء مرض السكري في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري".

ارتفاع الكوليسترول بالتوازي مع ارتفاع السكر

مرضى السكري عرضة للاصابة بامراض القلب الوعائية

وعندما تم تقييم حالتها المرضية من جانب فريق الرعاية الصحية في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، صدمت هدى عندما اكتشفت أن تشخيص إصابتها بمرض السكري مؤخراً لم يؤثر على صحتها العامة فحسب، بل أدى أيضاً إلى ارتفاع مستويات الكوليسترول وضغط الدم، مما شكل خطراً على صحة قلبها.

وأوضح البروفيسور أفتاب أحمد، استشاري الغدد الصماء والسكري في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري الذي اشرف على حالة هدى، أنه نظراً لأن جسم مريض السكري لا يستطيع توظيف الأنسولين - وهو هرمون ينظم نسبة السكر في الدم - على النحو الصحيح، فإن لذلك تأثير غير مباشر على المؤشرات الصحية الأخرى، مما يزيد من احتمالية الإصابة بمرض في القلب. لافتاً إلى أن الأشخاص المصابين بداء السكري أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بمقدار الضعف، وفي سن أصغر مقارنة بأولئك الذين لا يعانون منه. ووفقاً للاتحاد الدولي للسكري، هناك أكثر من مليون شخص مصاب بمرض السكري في الإمارات العربية المتحدة.

وقال البروفيسور أحمد: "يمكن أن يؤدي ارتفاع مستويات السكر في الدم إلى انخفاض نسبة كوليسترول البروتينات الدهنية عالية الكثافة HDL أو ما يُعرف بالكوليسترول الجيد، وبالمقابل زيادة نسبة الدهون الثلاثية، وهي دهون ضارة بالدم. وفي الوقت نفسه، يمكن أن تؤدي مقاومة الأنسولين إلى تصلب الشرايين الضيقة، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم. وعندما زارتنا هدى في مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري، كانت تعاني من كل عوامل الخطر هذه، مما حتم علينا إخضاعها لبرنامج مكثف لإدارة مرض السكري ومساعدتها على اتباع نمط حياة صحي في محاولة لخفض هذه النسب".

اتباع نظام صحي لادارة مرض السكر وتجنب امراض القلب

وتضمن البرنامج الشامل الذي وضعه فريق الأطباء في المركز لمساعدة هدى على إدارة مستويات الجلوكوز وتقليل عوامل خطر إصابتها بالأمراض القلبية الوعائية، نظاماً مناسباً ومنظماً لجرعات الأنسولين، إضافة إلى تغييرات في نمط الحياة والنظام الغذائي المتّبع مع المراقبة المنتظمة للمؤشرات الصحية.

وفي غضون ثلاثة أشهر فقط، انخفض مستوى الهيموجلوبين السكري التراكمي HbA1c لدى هدى، وهو اختبار يقيس مستوى التحكم في نسبة السكر في الدم لدى المريض على مدى الثلاثة أشهر الماضية، بشكل ملحوظ من 13.7% إلى 6%. وتمكنت هدى أيضاً من خفض وزنها وتقليل مستويات الدهون وضغط الدم لديها من 140/70 ملم زئبقي إلى متوسط ​​125/65 ملم زئبقي، إضافة إلى خفض "الكوليسترول الضار LDL" بنسبة 50% تقريباً من 2.6 ملمول / لتر إلى 1.3 مليمول / لتر خلال عام. وقد ساهمت هذه النتائج الجيدة في خفض درجة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بشكل عام من نسبة عالية جداً بلغت 17% إلى نسبة ضئيلة لا تكاد تذكر.

ولفت البروفيسور أحمد إلى أن هذه النتيجة استثنائية للغاية خاصةً وأنها تحققت خلال فترة زمنية قصيرة، وفي الحقيقة يمكن تحقيق ذلك فقط عندما نكون قادرين على مساعدة المريض على فهم الفيزيولوجيا المرضية لمرض السكري وكيف أنه يؤثر على كل عضو ووظيفة في الجسم.

تصف هدى خيارات نمط حياتها الجديد بأنها "استثمار في مستقبلها"، قائلة: "كنت أعلم أن ارتفاع مستوى السكر في الدم يمكن أن يلحق أضراراً بوظائف الكلى، لكن لم يكن لدي أدنى فكرة أنه يمكنه أيضاً أن يشكل خطراً على صحة القلب".

نصائح للحفاظ على صحة القلب

يقدم البروفيسور أفتاب أحمد 5 نصائح للحفاظ على صحة القلب:

 تجنب مخاطر مرض القلب من خلال ادارة مرض السكري

  1. مراقبة المؤشرات الصحية واستخدام سجل أو مخطط للتبع معدل السكر التراكمي ومستويات ضغط الدم وسكر الدم والكوليسترول.
  2. تخصيص حوالي 150 دقيقة كل أسبوع لممارسة الرياضة، بمزيج من التمارين الهوائية الخفيفة إلى المتوسطة وتمارين المقاومة من أجل الصحة البدنية العامة. وحتى المشي لمدة 15 دقيقة يومياً يساهم بتأثير إيجابي كبير على صحة القلب على المدى الطويل!
  3. إتباع نظام غذائي مستدام غني بالعناصر الغذائية لا يسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم. واستخدام منهجية اللوحة لحساب النظام الغذائي الخاص بمرض السكري لتحضير حصص غذائية ذات توازن صحي من الخضروات والبروتينات والكربوهيدرات.
  4. تناول الأدوية الخاصة بك حسب توجيهات الطبيب لأن ذلك يشكل أفضل خطوط الدفاع ضد خطر الإصابة بأمراض القلب. وضبط المنبه أو استخدام علبة حبوب إذا كانت لديك مشكلة في التذكر.
  5. الحرص على إدارة التوتر من أجل سلامتك العاطفية والجسدية، إذ يمكن أن تؤدي هرمونات التوتر إلى ارتفاع ضغط الدم وجعل إدارة مرض السكري أكثر صعوبة.