مع تزايد انتشار متحور دلتا.. هل يصبح كورونا أكثر عدوى
فيما تتوالى الأيام ونقترب شيئاً فشيئاً من العام الثاني لظهور فيروس كورونا، يبدو أن لا شيء تغير أو حدث تغيير طفيف في مسألة معالجة جائحة كوفيد-19 التي أخضعت كافة دول العالم لسلطتها، وباتت متحكمة فينا وبصحتنا واقتصادنا وكافة مناحي حياتنا اليومية.
وما زال العالم يصارع للبقاء على قيد النجاة من عدوى الفيروس التاجي الذي أثبت ذكاء حاداً وقدرة فائقة على التحور والتطور يوماً بعد يوم على الرغم من محاولات دراسته وسبر أسراره والسعي للقضاء عليه، بالإجراءات الوقائية والتطعيم وغيرها من الوسائل.
وها نحن اليوم نشهد تفشياً سريعاً ومميتاً لمتحور "دلتا" الذي يعد الأعنف والأكثر حدة من سواه من متحورات فيروس كورونا المستجد المسجلة حتى الساعة. ما يطرح التساؤل المخيف: هل يصبح كورونا أكثر عدوى مع الوقت؟
متحور دلتا أكثر قوة من جهود مكافحة الوباء
هذا ما تبدو عليه الصورة القاتمة حالياً، إذ أنه وعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي قامت بها حكومات العالم والسلطات الطبية لكبح جماح عدوى كورونا، إلا أن متحور دلتا أصبح أكثر عدوى بفضل مزاياه في سرعة الإنتقال بين الأفراد خاصة الشباب، ومقاومته للقاحات ما يجعل الناس تتساءل: ما التالي الذي يمكن أن يفعله فيروس كورونا، ولا نعلم عنه شيئاً؟
ويبدو أن أجواء العلماء ليست إيجابية بتاتاً في هذا الصدد، مع تخوفهم من ظهور طفرات جديدة من فيروس كورونا مع الوقت، والتخوف من أن يصبح فيروس كورونا أكثر تهديداً من حيث ضرره على صحة الإنسان في ظل هذا التطور الذي لا يعيقه شيء.
لكن هذا التخوف ينقسم بين من يقول أن الفيروس سيصبح أكثر حدة، وبين من يتحدث عن سيناريوهات مشابهة لفيروسات أخرى شهدتها البشرية منذ نشأتها وانتهت أو خف تأثيرها مع إجراءات الوقاية والمناعة الجماعية التي تؤمنها اللقاحات.
ما يتفق عليه الخبراء حالياً، هو أن الفيروس مستمر في الإنتشار بشكل أو بآخر لسنوات قادمة، لكن لا تتوافر طريقة فعالة لتحديد ماهية هذا التطور مع الإشارة إلى أن جميع الطفرات ليست خطيرة أو مقلقة.
ونقل موقع "العربية.نت" عن صحيفة جنوب الصين الصباحية، تصريحاً للأستاذة المساعدة في برنامج الأمراض المعدية الناشئة في كلية الطب Duke-NUS في سنغافورة، إيفون سو جاء فيه: "لا بد أن تظهر متغيرات كوفيد-19، ولكن ليس كل الطفرات سيكون لها تأثير سلبي على الصحة العامة. من المهم مراقبة وتقييم المتغيرات الناشئة لأن بعضها قد يؤدي إلى زيادة المخاطر".
لكن ماذا عن لقاحات كورونا الحالية؟ هل هي قادرة فعلاً على كبح جماح متحورات فيروس كورونا والحد من أخطارها؟
فعالية لقاحات كورونا
لحسن الحظ، فإن حملات التطعيم التي شهدتها معظم دول العالم أتت بنتائج إيجابية لجهة خفض معدلات دخول المستشفى والوفيات الناجمة عن الإصابة بعدوى فيروس كورونا.
وبالتالي لا أدلة نهائية على أن متحورات كورونا تجعل اللقاحات غير فعالة في منع الإصابة بالأعراض الخطيرة للفيروس والوفاة، على الرغم من وجود أدلة تشير لانتقال متحور دلتا بسهولة بين الأشخاص الملقحين أكثر من سلالة ووهان الأصلية.
على سبيل المثال، فإن بريطانيا التي نجحت بتطعيم حوالي 75% من الأشخاص فوق 18 عاماً بشكل تام شهدت انخفاض حالات دخول المستشفى والوفيات لرقم بسيط من ذروتها بالرغم من آلاف الحالات الجديدة التي سجلتها البلاد على مدار الأسابيع الأخيرة.
ويبقى الأمل في قدرة هذه اللقاحات على الوقوف بوجه متحور دلتا شديد العدوى، للحد من تزايد الأمراض الخطيرة والوفيات الناجمة عنه.
ووفقاً لأستاذة علم الفيروسات في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، بولي روي، "فإن معظم الفيروسات تتطور تدريجياً مع الوقت لتكون أكثر فائدة للفيروس، ما يعني عدم فقدان المضيف".
مضيفة: "من المستحيل التنبؤ بجدول زمني لانتهاء فيروس كورونا، لكن معظم الأوبئة في الماضي قد نفدت قوتها بعد عامين، لذا قد يكون هذا النوع من الجدول الزمني واقعياً".
لكن كلام الخبيرة هذا لم يلغ تحذيرات خبراء عدة، من تهديدات تحملها متغيرات فيروس كورونا المستقبلية، لا سيما خطر ظهور متغير مقاوم للقاحات الحالية.
وقال نيكولاس أوستريدير، عميد كلية جوكي كلوب للطب البيطري وعلوم الحياة بجامعة سيتي في هونغ كونغ، إن التجربة السابقة تشير إلى أن المتغيرات الجديدة ستكون أكثر قابلية للانتقال ومقاومة للقاحات.
وأضاف: "ليس للفيروسات أي فائدة في أن تصبح أكثر ضراوة، فهي فقط مهتمة بالبقاء والانتشار". وبالتالي، لن يهتم الفيروس بما إذا كان سيصبح أكثر أو أقل ضراوة طالما يمكنه الإنتشار بكفاءة. وبشكل عام، هناك مقايضة بين الضراوة والانتقال، لذلك سيتم الوصول إلى التوازن".