تجربة ثرية لتوثيق العمارة النجدية بالرياض.. جناح المملكة في بينالي البندقية 2025 يختتم مشاركته بمعرض "مدرسة أم سليم"
قدم جناح المملكة المشارك في بينالي البندقية للعمارة 2025، من خلال معرضه المعماري "مدرسة أم سليم: نحو مفهوم معماري مترابط"، تجربة ثرية لتسليط الضوء على الجهود البحثية والعملية لتوثيق العمارة النجدية في مدينة الرياض، وجاءت هذه المشاركة التي اختتمها الجناح مؤخرا تأكيدا على التزام المملكة بتعزيز الحوار الثقافي العالمي، وتطوير التعليم التجريبي في مجالات العمارة، بما يعكس رؤية المملكة 2030 في دعم الجيل الجديد من المعماريين، وتوسيع مشاركتهم في رسم مستقبل عمراني مستدام ومترابط.
جناح المملكة في بينالي البندقية 2025 يختتم مشاركته بمعرض "مدرسة أم سليم"

اختتم جناح المملكة مشاركته في بينالي البندقية للعمارة 2025، من خلال معرضه المعماري "مدرسة أم سليم: نحو مفهوم معماري مترابط"، الذي استمر على مدى (6) أشهر، خلال الفترة من 10 مايو وحتى 23 نوفمبر من العام الجاري، حيث مثّل المملكة في هذه الدورة مكتب "سين معماريون" بإدارة المعماريتين سارة العيسى ونجود السديري، تحت إشراف القيّمة الفنية بياتريس ليانزا، وبالتعاون مع القيّمة المساعدة سارة المطلق.
وقدّم الجناح تجربة ثرية لتسليط الضوء على الجهود البحثية والعملية لتوثيق العمارة النجدية في مدينة الرياض، وذلك من خلال مبادرة "مختبر أم سليم" البحثية التي انطلقت عام 2021، وتُعنى بدراسة أساليب العمارة المحلية والتحولات التي تشهدها العمارة النجدية، حيث شكلّ المعرض أرشيفًا تفاعليًا مفتوحًا يُتيح للزوار استكشاف مواد البناء التقليدية والمعاصرة، وصورًا أرشيفية وحديثة، ومجسّمات، وأفلامًا، ومقاطع صوتية.
جلسة حوارية ختامية للبرنامج الثقافي لجناح المملكة

ونظم الجناح في ختام برنامجه الثقافي جلسة حوارية بعنوان "تطوير بنية تحتية تشاركية: الممارسَات والمنظمات الترابطية"، وذلك بمشاركة القائمين على المشروع، وعدد من الفاعلين في المشهد الثقافي الإقليمي من بينهم مكتب "سين معماريون" والمعمارية نورة السايح "هولتروب"، والكاتب والقيّم شومون بصار.
وجاءت الجلسة الختامية بعد سلسلة من الجلسات البحثية واللقاءات التي نظمها الجناح السعودي على مدار فترة البينالي، التي انطلقت بورشة عمل في الرياض في فبراير 2025، وتواصلت بمشاركة أكثر من (40) متخصصًا ناقشوا ثلاثة محاور رئيسة تضمنت: "أرشفة مختلفة: المشاركة بإعداد أرشيف ومعارف مشتركة"، و"الممارسات ذات الصلة بالمواد: الإرث المادي وسُبل تخفيف الأثر والترميم وإعادة الاستخدام"، و"المنهجيات المعرفية والعلاقات: نماذج أولية لتعليم بديل"، حيث أسهمت هذه الاجتماعات في بلورة رؤى ومقارَبات وموضوعات بحثية مبنية على الثقافات المحلية والظروف السائدة في الخليج العربي والمنطقة المحيطة به، تمهّد لوضع مخططات لمدرسة المستقبلية.
إطلاق الكتاب الثاني لمشروع مدرسة أم سليم

وشهدت الجلسة الختامية إطلاق الكتاب الثاني لمشروع مدرسة أم سليم تحت عنوان "مناهج في الوصل: التعليم والمشاركة في الممارسات المكانية"، الذي يوثّق جهود وأبحاث مدرسة أم سليم في عامها الأول، ويستعرض مبادرات التعاون في منطقة الخليج العربي وخارجها، ويُسلِّط الضوء على عدد من المشاريع ويتناول مفاهيم تتحدى المنظومات المعمارية القائمة، ويُقدِّم سرديات تاريخية وممارَسات متعلقة بالمواد تفتح آفاقًا جديدة، حيث يضم مقالات وصورًا وحوارات ميدانية، ومناهج تجريبية شارك فيها أكثر من (60) معماريًا ومصممًا وفنانًا وباحثًا من أنحاء العالم.
وجاء إصدار الكتاب الثاني لمشروع مدرسة أم سليم استكمالًا للمحتوى المنشور في الكتاب الأول الذي صدر بعنوان "مدرسة أم سليم: نحو مفهوم معماري مترابط" لتوثيق الجهود البحثية والدراسات المتعلقة بالسرديات المكانية.
مستقبل العمارة وفق رؤية المعماريتان سارة العيسى ونجود السديري

وأوضحت المعماريتان ومؤسِّستا مكتب سين معماريون، سارة العيسى ونجود السديري، أن تأسيس مختبر أم سليم انبثق من قناعة راسخة بأن مستقبل العمارة يقوم على التقاء أشكال معرفية متعددة، ترتكز في جوهرها على إعادة النظر في العلاقة بين دراسة العمارة ومقاربتها، وبين العناصر المتنوعة التي تُشكّل في مجموعها المشهد العمراني؛ إذ يجسّد المعرض هذا النهج عبر مكوّنات تجمع بين مواد وأبحاث مختلفة، حيث أسهمت المدرسة في عامها الأول في تعزيز الحوار وتبادل المعارف في بلورة رؤى جديدة لكيفية تطوير مناهج معمارية مبتكرة من قبل المعماريين والمختصين، ونحن اليوم نتطلع إلى المشاريع المستقبلية التي ستنطلق من حي أم سليم، مستندةً إلى هذه الشبكة الجديدة من المتعاونين.
ومن جانبها، أكدت القيّمة الفنية لجناح المملكة بياتريس ليانزا، أن مدرسة أم سليم تُعد أنموذجًا يُحتذى به لنهج يجمع بين التعليم والبحث والتعاون ضمن بيئة متغيرة ومعقدة، معربةً عن تطلعها إلى أن تتسع شبكة المدرسة وأن يتعاظم أثر أعمالها عبر مبادرات ذات حضور عالمي تسهم في صقل مهارات أجيال جديدة من المصممين، مع تركيز خاص على احتياجات المجتمع المحلي.
معرض مدرسة أم سليم: نحو مفهومٍ معماري مترابط

يُذكر بأن معرض مدرسة أم سليم: نحو مفهومٍ معماري مترابط، قد قدم إطاراً جديداً لفهم التحولات الحضرية المتسارعة والممارسات المكانية التي تشهدها بيئة المملكة، ومثل أرشيف تفاعلي يهدف إلى التعريف بمبادرة المختبر، حيث انطلق المعرض من الإرث المعماري العريق لمدينة الرياض، وما يتعلق به من مواضيع البيئة والهوية والتحوُّلات الحضرية، سعيا إلى دراسة السُّبل التي يُمكن من خلالها أن تتعامل المؤسسات التعليمية مع التحديات الطارئة لعالمٍ سريع التطور، سواءً ارتبط ذلك بالمملكة أو خارجها.