
خاص لـ"هي": الفنانة البصرية أسيل آل يعقوب... تعيد رسم التراث السعودي بلغة معاصرة
في مشهد فني يتسارع فيه كلّ شيء، تحرص أسيل آل يعقوب على إعادة توجيه البوصلة نحو الجذور، لتُقدِّم عبر فنّها لحظة تأملٍ معاصرة في الذاكرة الثقافية.
أسيل فنانة بصرية متعددة التخصصات، تعمل في مجالات الفنّ التشكيلي، والطباعة الفنية، والتصميم الرقمي. تستوحي أعمالها من الحياة اليومية، والتراث السعودي، والثقافة الخليجية، وتدمج بين الألوان الزاهية والخامات المتنوعة بتقنيات تقليدية ومعاصرة، ما يمنح أعمالها طابعًا شخصيًّا وحسّيًّا مميزًا.

في هذا اللقاء تناقش "هي" الفنانة السعودية أسيل آل يعقوب دور الفن في ترجمة الهوية الثقافية للأجيال الجديدة، وتحديات العمل ضمن سياقات تجارية دون التنازل عن البصمة الفنية. كما نتطرق إلى حدود استخدام الرموز التقليدية بالإضافة إلى محطات وتقاطعات شكّلت ملامح مسيرتها الفنية المتميزة.
بين أثر المواقع القديمة ولمسات الوالدين
تفتتح أسيل حديثها عن البدايات حيث تعبر لـ"هي": "كبرتُ محاطة بعناصر التراث في حياتي اليومية، وكان والداي حريصين على غرس الهوية الثقافية فينا. زياراتي للمواقع الأثرية واهتمامي بالموروث الشعبي شكّلت لديّ وعيًا فنيًّا متجذرًا في التاريخ، لكنها أيضًا دفعتني إلى التعبير عنه بطريقة معاصرة تواكب الزمن وتحتفي بالهوية".
الفنّ لغة بين الأجيال
ترى أسيل أن الفن ليس فقط أداة جمالية، بل وسيلة ترجمة حقيقية تتجاوز اللغة، وتُقرّب الجيل الجديد من رموز الماضي. وتضيف: "الفنّ بالنسبة لي وسيلة تواصل بصري فعّالة. أحرص من خلال أعمالي على تبسيط مفاهيم التراث وإعادة تقديمها بلغة يفهمها الجيل الحالي، سواء عبر شخصيات رمزية أو عناصر مألوفة أعيد صياغتها بأسلوبي الخاص، بهدف خلق رابط حقيقي بين الماضي والحاضر".

بين السوق والبصمة الشخصية
في تعاوناتها الفنية مع علامات تجارية مثل "سيفورا" و"قهوة بِساط"، تحرص أسيل على الحفاظ على أسلوبها البصري مع احترام متطلبات المشاريع. تقول: "أؤمن أن أي تعاون ناجح يبدأ من احترام الأسلوب الفني. اختارتني هذه العلامات بسبب بصمتي الخاصة، وقد منحتني حرية التعبير ضمن هوية كل مشروع. وهذا ما أحرص عليه دائمًا: أن يرى العميل الفن كقيمة، لا كعنصر تسويقي فقط".
لكنها لا تنكر وجود تحديات حقيقية حين تطغى الأهداف التجارية على القيمة الفنية، موضحة: "عندما يُختزل المشروع في الربحية، تصبح المساحة المتاحة للتعبير محدودة. ومع ذلك، بعض التعاونات تشكّل فرصة حقيقية لخلق حوار ثقافي، إذا كانت النية صادقة في تسليط الضوء على الهوية البصرية والمفاهيم الثقافية".
احترام الرموز والتراث
عند سؤالها عن طريقة اختيار العناصر التراثية، توضح أسيل: "كوني من المنطقة الشرقية، أستلهم الكثير من تراثها المعماري والزخرفي، لكنني أحرص أيضًا على إبراز تنوّع التراث الخليجي عمومًا. وبالطبع، هناك خطوط حمراء عند استخدام الرموز التقليدية، ويجب أن تُوظَّف باحترام ووعي، دون أن تُفرغ من معناها أو تُستخدم بأسلوب سطحي".

توليفات تنبض بالحياة
تتميّز أعمال أسيل بتفاصيلها الحيوية وروحها المرحة، فتقول: "أنا بطبيعتي أحب الألوان ودمج الخامات لإضافة بعد بصري خاص. أستوحي توليفاتي من تغذيتي البصرية، ومن التأمل والبحث وتجربتي اليومية. أحرص على أن تحمل كل قطعة فنية توقيعي الخاص، وأن تعكس هوية ثقافتنا الخليجية بروح عصرية".
الحلم الذي لم يُنجز بعد
وعن المشروع الذي تتمنى تنفيذه، تعبّر أسيل بوضوح: "أحلم بالمشاركة في معرض عالمي خارج الخليج، أقدّم فيه عملًا فنيًّا يُعبّر عن جماليات الموروث السعودي والخليجي بأسلوبي الخاص. أريد أن أُري العالم كمّ الجمال الموجود في تراثنا، برؤية معاصرة وذات بُعد إنساني".

الفن كمساحة تشاركية
تفكّر أسيل اليوم بمستقبل أبعد من مجرد إنتاج أعمال فردية. تقول: "أطمح إلى إنشاء استوديو فني خاص أعرِض فيه أعمالي، وأبني من خلاله مجتمعًا فنيًّا يُتيح لي مشاركة معرفتي وتجربتي مع المبدعين، لأساعدهم على تطوير أساليبهم والتعبير عن أنفسهم بحرية".