الفنانة السعودية رحاب الغذامي

خاص لـ"هي": الفنانة السعودية رحاب الغذامي تعرض "الروح" في Rome International Art 2025.. سردية بصرية من نواة التمرة

رهف القنيبط
24 يوليو 2025

في قلب العاصمة الإيطالية، ووسط أعمال فنية من مختلف أنحاء العالم، تشارك الناقدة الفنية والفنانة التشكيلية السعودية رحاب الغذامي في معرض Rome International Art 2025، مقدّمة عمل فني مفاهيمي يحمل عنوان "الروح"، مستنداً إلى رموز بصرية متجذرة في الثقافة السعودية.

رحاب الغذامي
الناقدة الفنية والفنانة التشكيلية السعودية رحاب الغذامي

تمثيل عالم تلتقي فيها الهويات... وتتشظّى

في نسخته الخامسة عشرة، يُعد معرض Rome International Art 2025 من أبرز المنصات الدولية التي تسلّط الضوء على تجارب الفن المعاصر، مركزًا هذا العام على محورين: تشابك الهويات، حيث تتقاطع الذوات مع الذاكرة والمجتمع؛ وفضاءات المستقبل، التي تطرح تساؤلات حول المدينة، والفراغ، والامتداد الذهني للإنسان.
وهو ما شكل سياقًا مثاليًا لطرح عمل الغذامي، الذي يتقاطع مع هذه الأسئلة ويذهب بها إلى عمقها الرمزي.

رمز بسيط... بفكرة ثقيلة

في مشاركتها، اختارت رحاب الغذامي أن تذهب إلى ما هو أبعد من الشكل، مستحضرة رمزاً بسيطاً في ظاهره، عميقاً في دلالته. حيث تقول لـ"هي":" يحمل عملي الفني عنوان الروح، والتي تم تمثيله عبر نواة التمرة ذات التعرجات المختلفة، وهي هنا تمثّل تجاربنا وحياتنا. "

وتكمل الحديث قائلة: "أما القطمير الذي يحيط بالنواة، فهو كناية عن العلاقات والمجتمع والظروف المحيطة، ورغم شفافيته الظاهرة، فإن له تأثيراً كبيراً على الروح وتشكيل هويّتها. وقد استعرت معنى المساحة السوداء التي تحيط بهما، من الكعبة المشرفة، والتي تمثل موطن هذه الروح."

وتختتم حديثها موضحة:" وهنا أحاول أن أخاطب الجمهور المتلقّي، وأدعوه للتفكّر بهذه الروح: هل نحن على وعي بقيمة أرواحنا في ظل هذا الزمن الذي أصبح فيه الجسد هو الظاهر والأول؟"

عمل رحاب الغذامي "الروح"
تقول الغذامي:" كأي فنانة سعودية، أسعى إلى أن أُمثّل نفسي ووطني برموز لا يمتلكها أحد سوانا"

من نواة التمرة إلى الكعبة

لا تكتفي الغذامي باستحضار رموز بصرية، بل تعيد توظيفها كأدوات لهوية لا تُخطئ مرجعها الثقافي، تشرح رحاب قائلة:" يقوم العمل على رمزين هما نواة التمرة واللون الأسود، وهما رمزان يعكسان هوية المملكة العربية السعودية؛ الأول متمثّل في الجود والكرم والرخاء."

وتكمل الحديث موضحة:" والثاني في القوة والوحدة والعلو والمجد. وكأي فنانة سعودية، أسعى إلى أن أُمثّل نفسي ووطني برموز لا يمتلكها أحد سوانا، على أن السواد في اللغة العربية هو أيضاً رمز للنماء والخُضرة."

بطاقة التعريف التي قالت كل شيء

وعن تجربتها في تمثيل المملكة ضمن هذا الحدث الدولي، تصف لحظة دخولها المعرض بلحظة شعورية فريدة، قائلة:" أكثر ما أسعدني لم يكن رؤية عملي معروضاً، بل رؤية اسم المملكة العربية السعودية على بطاقة التعريف. أن تمثّل وطنك في سياق عالمي... هذا شعور لا يُشبهه شيء."

رحاب الغذامي
حقوق الصور محفوظة لـ ITSLIQUID Group

حيث ترى الغذامي أن المشاركة السعودية في معارض دولية مثل معرض Rome International Art 2025 تحمل بُعداً يتجاوز التمثيل الفني، وتقول: "هي فرصة لتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية، من خلال إبراز الفن السعودي ونقل ثقافتنا وإرثنا الحضاري، وإيصالها إلى العالم على هيئة صورة بصرية وكلمة منطوقة."

وتكمل:" فحين يسمع الآخر عنّا بشكل مباشر، نكون قد ساهمنا في تشكيل صورة هويّتنا الثقافية داخل عقولهم."

حين تُصغي العيون للرموز

تشير الغذامي إلى أن تفاعل الجمهور مع العمل كان جزءاً لا يتجزأ من التجربة: "ما يهمني في المشاركة بالمعارض الخارجية، إضافةً إلى تمثيل وطني، هو السماع من الجمهور المتلقّي، ورؤية تعابير وجوههم وردّات أفعالهم أثناء الحديث عن فلسفة العمل وما تعنيه الرموز الظاهرة فيه. كما أن اختلاط الأعمال بمختلف أشكالها والرموز التي تحملها في مكانٍ واحد، يُساهم في تقريب الثقافات وتسهيل فهمها." 

بهذا الحضور، تُقدّم رحاب الغذامي نموذجاً لفن يشتبك مع الهوية لا باعتبارها ثابتة، بل كطبقات متراكبة من التجربة والمعنى. وفي "الروح"، لم تعرض عمل فني فقط، بل طرحت سؤالاً... سؤالاً مفتوحاً على تأمّل لا ينتهي.