مي فاروق لـ"هي": أغنية "تاريخي" تشبهني... وأقدم فني بوفاء لذاكرة المستمع
بصوتها العذب وإحساسها العالي، تفتتح الفنانة المصرية مي فاروق فصلًا جديدًا في مسيرتها الغنائية من خلال ألبومها الجديد "تاريخي".
في هذا العمل، تقدم توليفة مرهفة تجمع بين التجديد والوفاء لهويتها الغنائية؛ فتارةً تخرج عن المألوف، وتارةً تعود كما عرفها الجمهور. تسع أغانٍ اختارتها بعناية، ترسم بها تاريخًا يُغنّى، وتفتح عبرها صفحات صوتها على حكايات نابضة من القلب.
في هذا الحوار الخاص مع "هي"، تتحدث مي فاروق عن كواليس العمل على الألبوم وبكل صراحة عن التحديات، والبدايات، وعن علاقتها بالأغنية العربية الكلاسيكية، مؤكدة أن الفن بالنسبة لها ليس مجرد أداء... بل بصمة.
"تاريخي"... عنوان يشبهني
تفتتح مي حديثها موضحة لـ"هي" إن اختيار عنوان "تاريخي" لم يكن قرارًا عاطفياً، بل كان نابضًا بالمعنى الشخصي. توضح:"عملت على الألبوم من فترة طويلة، وأطلقت على الألبوم أسم 'تاريخي' لأن الأغنية التي تحمل نفس الأسم تشبهني جدًا. من كلمات نادر عبد الله، وألحان مدين، وتوزيع يحيى يوسف. بعد أن قرأت الكلمات، شعرت أنها تعبّر عن شخصيتي". تؤكد أن العنوان يحمل بُعدًا شخصيًا وفنيًا في آنٍ معًا.
فن يحمل رسالة
وعن الرسالة التي تسعى لإيصالها من خلال الألبوم، توضح مي: "أنا أقدّم فنًّا، والفن في جوهره رسالة. قد تكون أغنية واحدة كفيلة بتغيير نظرة أو ملامسة شعور لدى الناس. الأغاني دومًا مرتبطة بذكرياتنا، وأتمنى أن يحبّ الجمهور ما أقدّمه، وأعدهم بأن الألبوم القادم قيد التحضير، وآمل أن ينال إعجابهم."
الأغنية ليست قصة.. لكنها إحساس
رغم أن الألبوم لا يستند إلى قصص حقيقية، تشير مي إلى أن كل أغنية تحمل طاقة شعورية مختلفة، وتقول: "لا توجد أغنية مبنية على أحداث واقعية، لكن الكلمات والألحان أثّرت بي كثيرًا. التعاون مع الشعراء والملحنين والموزعين الكبار كان مهمًا بالنسبة لي. أغنية 'تاريخي' هي الوحيدة التي شعرت بأنها تجربة شخصية فعلًا وتُشبهني".
أغنية "باركوا".. التحدي الكبير
عن التحدي الأكبر في الألبوم، تكشف مي أن أغنية "باركوا" شكّلت نقلة نوعية في مسيرتها:"لم أكن أنوي غناءها في البداية، لكننا قررنا تقديمها فجأة. الأغنية ذات طابع 'حديث'، من ألحان مدين وكلمات تامر حسين. سجلتها قبيل زفافي بفترة، وكنت قلقة من ردة فعل الجمهور، خصوصًا أن بدايتي كانت في الغناء الكلاسيكي. لكن عندما رأيت التفاعل الكبير، فرحت كثيرًا لأنها وصلت للناس ورافقتهم في أفراحهم".
الخشبة الأولى.. خوف طفلة وحلم كبير
تعود مي بذاكرتها إلى أول تجربة غنائية لها على المسرح، وهي في عمر الثامنة موضحة بكل حنين: "أول تجربة غنائية لي كانت على المسرح في عمر الثامنة. كنت خائفة للغاية ولم أستوعب ما يجري، لكني شعرت بسعادة غامرة لأن الجمهور كان يصغي لي ويحب صوتي. لم أتخيل حينها أن الغناء سيصبح الجزء الأهم في حياتي. كانت لحظة امتزج فيها الخوف بالفرح، ومنذ تلك اللحظة ارتبطت بالغناء إلى الأبد".
العودة إلى أيقونات الطرب.. حنين متجذّر
وعن أسباب لجوء فنانات الجيل الجديد إلى إعادة غناء أعمال الكبار، تقول مي:"لأن هذه الأغاني محفورة في ذاكرتنا. نحن تربّينا على صوت عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم. الأغاني القديمة لها بريق خاص، ومن الطبيعي أن يرغب أي فنان في غنائها بدافع الحب والانتماء".
بين الاكتشاف والمقارنة.. الصوت الصادق ينتصر
وحول نظرتها للتحديات التي تواجه فنانة معاصرة، خاصة في ظل جمهور يميل للمقارنة، تؤكد مي: "أعتقد أنني تجاوزت مرحلة الاكتشاف، وهذا بفضل الله أولًا، ثم بدعم الجمهور الذي أعتز به كثيرًا. المقارنة حاضرة دائمًا، وهذا أمر طبيعي. لكنني أقدّم نفسي على طبيعتي، من دون تكلّف، سواء في وقوفي على المسرح أو في اختياراتي الفنية. التحدي الأكبر هو أن تكون صادقًا وطبيعيًا في كل لحظة".
وتضيف: "عندما أغني لأم كلثوم، من الطبيعي أن يُقارننا البعض، وهذا لا يزعجني. بل يسعدني أن يستمع الناس إلى الأغنية من جديد بسببي، ويسترجعوا معها ذكريات جميلة. إذا كنتُ سببًا في إعادة الحياة لأغنية غابت عن السمع، فهذا وحده إنجاز بالنسبة لي".
بين الأمانة الفنية والهوية الصوتية
فيما يخص التوازن بين الروح الأصلية للأغنية والهوية الفنية الخاصة، توضّح مي: "أحرص دائمًا على الحفاظ على روح الأغنية الأصلية، وفي الوقت ذاته أعبّر عن نفسي من خلال صوتي وإحساسي. لا أحب أن أفرض أسلوبي أو أغيّر في تركيبة أغنية لها مكانتها في ذاكرة الناس. الأغاني التي تربّينا عليها يجب أن تُؤدى كما هي، مع لمستي الشخصية، دون مبالغة أو استعراض".
بألبومها "تاريخي"، تثبت مي فاروق أنها ليست فقط صوتًا متمكنًا، بل أيضًا شخصية فنية تعرف تمامًا كيف تروي قصتها، وتُعيد تقديم ذاتها بما يشبهها حقًا.