
"سفيرات المستقبل": كيف ستغير تقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR) تجربة السفر للمرأة الخليجية؟
لطالما كانت المرأة الخليجية رائدة في مجالات عديدة، والسفر ليس استثناءً. فبفضل القوة الشرائية المتزايدة وحرية الحركة، أصبحت المسافرة الخليجية قوة دافعة في سوق السياحة العالمية، تبحث عن تجارب لا تُنسى تتسم بالفخامة، والأمان، والخصوصية.

واليوم، تقف هذه السيدة الخليجية على أعتاب ثورة جديدة ستعيد تعريف معنى السفر كلياً، ثورة تقودها تقنيات الواقع المعزز (AR) والواقع الافتراضي (VR)، محوّلة إياها من مجرد سائحة إلى "سفيرة للمستقبل".
المرأة الخليجية شريك أصيل في صناعة السفر

تُظهر الإحصائيات العالمية أن المرأة الخليجية تتمتع بإنفاق سياحي مرتفع، وتفضل الوجهات التي توفر مزيجاً من الثقافة الراقية والتسوق المميز والأمان، إلا أنه مع صعوبة الحصول على رقم محدد لـ "إنفاق المرأة الخليجية"، فإن الإحصائيات العامة لإنفاق المنطقة ككل على السياحة، تؤكد الحجم الهائل للسوق الذي تمثل فيه المرأة الخليجية جزءاً أساسياً ومرتفع الإنفاق، حيث بلغ إجمالي عائدات السياحة الدولية في دول مجلس التعاون الخليجي 110.4 مليار دولار أمريكي بنهاية عام 2023، محققاً نمواً بنسبة 28.2% مقارنة بعام 2019، وذلك وفقا لما أورده "المركز الإحصائي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ديسمبر 2024"، الذي أشار أيضا إلى أن قطاع السفر والسياحة ساهم بما نسبته 10.8% في الناتج المحلي الإجمالي الخليجي بنهاية عام 2023.

ومع التحول الرقمي الكبير الذي تشهده دول الخليج، لا سيما في مجال البنية التحتية لتقنيات الجيل الخامس والمدن الذكية، أصبحت هذه السيدة مهيأة تماماً لتبني أدوات السفر الأكثر تقدماً، إن دمج الـ AR والـ VR مع تجربتها ليس مجرد رفاهية، بل هو ضرورة ترتقي بالتجربة وتلبي احتياجاتها المتطورة.
الثورة التقنية في رحلة السفر: قبل وأثناء وبعد

تتجاوز تطبيقات الواقع المعزز والافتراضي مجرد الترفيه لتمس جوهر دورة السفر كاملة، موفرة للمرأة الخليجية مستويات غير مسبوقة من التحكم والانغماس.
-
مرحلة التخطيط والاختيار- الـ VR لإزالة الغموض

في هذه المرحلة، يصبح الواقع الافتراضي هو الأداة الأهم لاتخاذ قرار مستنير. فبدلاً من الاكتفاء بالصور ثنائية الأبعاد، يمكن للمسافرة الخليجية ارتداء نظارة VR "لتمشي" في أروقة الفندق، وتفحص تفاصيل الجناح، بل وتستكشف أيضا الحي المحيط، ما يوفر ضمانة تطابق التوقعات مع الواقع الفعلي.
كما يمكن أيضا توظيف الـ VR لتقديم جولات افتراضية تركز على جوانب الأمان في الوجهة "كطرق الوصول للمواصلات العامة أو أمن الفندق"، وهو عنصر بالغ الأهمية للمرأة المسافرة بمفردها أو مع عائلتها.
-
مرحلة التجربة والاندماج- الـ AR لتعزيز الواقع

أثناء السفر، يتحول الواقع المعزز إلى مرشد شخصي فائق الذكاء،وهذا يتجلى وضاحا في أبرز تطبيقاته الحديثة، المتمثلة في الترجمة الفورية السياقية على سبيل المثال لا الحصر، حيث بتوجيه كاميرا الهاتف أو نظارة AR ذكية نحو علامات الطرق أو القوائم، تظهر الترجمة الفورية في الوقت الحقيقي، ما يكسر حاجز اللغة ويسهّل التنقل.
إلى هذا يمكن للـ AR أن "يعيد بناء" الآثار التاريخية كما كانت في أوج مجدها عند زيارة موقع أثري، مما يحوّل الزيارة إلى درس تاريخي حي وشخصي. أما في مجال التنقل، فتوجه تطبيقات الـ AR المسافرة عبر أسهم رقمية تظهر فوق الطريق الحقيقي في مجال رؤيتها، مما يقلل من تشتيت الانتباه ويزيد من الشعور بالأمان في الأماكن الجديدة.
المزايا الخاصة للمرأة الخليجية: الحصن الرقمي

تكتسب هذه التقنيات أهمية قصوى عند تطبيقها على احتياجات المرأة الخليجية الخاصة، حيث تعمل كـ "حصن رقمي" يضمن الراحة والاطمئنان.
فيما يتعلق بـ الخصوصية والأمان، يتيح الواقع الافتراضي معاينة تفاصيل الغرف والمرافق الحساسة، مثل المسابح والصالات الرياضية المخصصة للنساء، قبل الحجز، مما يوفر طمأنينة رقمية ونقلة نوعية في التحكم بالبيئة المحيطة. أما في جانب التوافق الثقافي، فيمكن للواقع المعزز أن يوفر طبقات معلومات حول القواعد الثقافية والاجتماعية في الوجهة السياحية، وتوجيهها نحو خيارات طعام تتفق مع المعايير، مما يسهم في سد الفجوات الثقافية ويمكّن المسافرة من الاندماج باحترام وثقة.

كما تعزز هذه التقنيات من الاستقلالية المعززة، حيث يقلل استخدام الـ AR لخدمات الترجمة والتوجيه من الاعتماد على أشخاص آخرين، في حين تتيح تقنيات الـ VR لشركات السفر الفاخرة تقديم تجارب مُفصَّلة بالكامل، حيث تُعرض الجولات المخصصة افتراضياً لضمان موافقة العميل على كل تفصيلة، ما يلائم الذوق الرفيع للمسافرة الخليجية.
التحديات والأفق المستقبلي

على الرغم من الإمكانات الهائلة، لا يخلو الطريق من تحديات يجب معالجتها، حيث تظل تكلفة التبني سواء للأجهزة أو لتطوير المحتوى عالي الجودة، عائقاً أمام الانتشار الواسع. كما أن ضمان الأمن السيبراني والخصوصية يصبح أمراً بالغ الأهمية مع تزايد استخدام البيانات البصرية والمكانية في الوقت الحقيقي.
إن تقنيتا الـ AR والـ VR تفتحان فصلاً جديداً للمرأة الخليجية، لم يعد السفر بموجبه مجرد "تغيير للمكان"، بل هو "نقلة في الإدراك"، إنها الأدوات التي ستمكن المرأة من أن تكون بحق "سفيرة للمستقبل": متمكنة، مطلعة، ومندمجة ثقافياً، تخطو بثقة في أي بقعة من العالم، مدعومة بحصن رقمي من المعلومات والتقنية.

ومع تبني دول الخليج لهذه التقنيات بقوة، سيصبح هذا المستقبل القريب هو الواقع السائد، إذ تُظهر الاستثمارات الإقليمية أن البيئة التكنولوجية مهيأة بالكامل، فبينما تُشير التوقعات إلى وصول مساهمة تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز في عائدات قطاع السياحة بمنطقة الخليج إلى نحو 3.2 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 "وفقاً لوزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية"، تتجه المنطقة حالياً نحو أفق أوسع بكثير. وتُقدر قيمة سوق الواقع الافتراضي وحده في الشرق الأوسط وأفريقيا بالوصول إلى حوالي 98.76 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032، بحسب بحث لـ Data Bridge Market Research، وذلك مدعوماً بالتحول الرقمي السريع والمبادرات الحكومية في دول مثل الإمارات والسعودية.