إصنعي جميلاً و.. اصنعيه ثانيةً

يقال في المثل الشعبي" إعمل منيح وارميه بالبحر"، ما يعني أن نقوم بعمل الشيء الحسن ولا ننتظر ردَ الجميل أو التقدير على ما فعلناه.
 
وهذا الشهر هو الأفضل لصنع الجميل وإعادة صنعه مرةً تلو الأخرى، فهو شهر الصوم المبارك والكريم الذي يمنحنا فرصة التقرب لله بكافة الوسائل، من الصوم والصلاة والدعاء وصلة الإرحام إلى العطاء ومساعدة الغير.
 
هي فرصةٌ تتكرر مرة كل عام لنشمَر عن سواعدنا للخير والتعبَد، لنكون مخلصين لله تعالى وعطائين للخير. شهر رمضان يملأ قلوبنا بالمحبة والصفاء، فنتغاضى عن كل السيئات ونحيط أنفسنا وأهلنا بالخيرات والأعمال الصالحة. 
 
وليس أجمل من صنع الجميل لمن يحتاجه في هذه الأيام المباركة، أن نمدَ يد العون لا الشفقة للمحتاج، أن نكون سنداً لمن يحتاج السند، أن نكفكف دموع المسكين ونفرح قلب الحزين، أن لا نترك أحداً يحمل لنا في قلبه سوءأ أو ضيماً. 
 
صنع الجميل ليس فقط بمنح المال للمحتاج، بل هو أيضاً بمساعدته على قضاء حاجاته وإتمام أموره العالقة. أن نكون حاضرين لمنح المساعدة في أكثر من مكان وأكثر من مناسبة، وهناك الكثير من الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تطلب متطوعين في أعمال التوضيب أو توصيل الطعام والمؤون للمحتاجين، كل هذه صنائع خير يمكن العمل بها وعليها لإيصال المساعدة لمن يحتاجها بالشكل الذي يحتاجه.
 
أذكر أنني كنتُ أتطوع خلال دراستي الجامعية لزيارة دور الأيتام ومؤسسات الرعاية الخاصة للترفيه عن الأولاد وإضفاء السعادة والبهجة عليهم. لا يحتاج هؤلاء للطعام فقط، قد تكون زيارتك لهم واللعب معهم والترفيه عنهم وسيلةٌ مهمةٌ أيضاً لصنع الجميل وبالتأكيد ستؤتي ثمارها لأنها تؤدي الغرض المطلوب.
 
صنع الجميل يكون أيضاً بمنع الأذى عن المساكين، ومنع الخلافات بين الأخوة والأهل والأصدقاء إن استطعنا لذلك سبيلاً. فليس أجمل ممن يسعى لأن يكون وساطة خير بين المتخاصمين ليعودوا بوئام وصفاء.
 
وصنع الجميل يكون بالتسامح والمسامحة، فلا ضغينة ولا خلاف مع أحد. هذا أجمل صنيع تقومين به لنفسك قبل الآخرين، لأن الكراهية والمشاعر السيئة تؤذينا أكثر مما تؤذي المقصود بها.
 
والجميل الأجمل الذي تصنعينه هذا الشهر هو لنفسك، بأن تؤدبيها وتهذبيها وتحضرَيها لقول وفعل الحق، بأن تكون بنَاءًة للخير وفاعلةً له، بأن تكون عنصراً فعالاً يخدم ذاته والآخرين، وبأن تكون قدوةً حسنةً لأولادها وعائلتها.
 
هذا الشهر، إصنعي الجميل وأعيدي صنعه مراراً وتكراراً، فليس أجمل من العطاء الجميل بدون مقابل.