توقفي عن تعذيب نفسك بالقلق وإلا...

يُرافق القلق حياتنا في كل شاردة وواردة من شؤوننا اليومية، فلا يكاد يمر يوماً من دون أن تحوم طيوره المزعجة فوق رؤوسنا، في حين يؤكد علماء النفس أننا نحن من  نفسح الطريق بأنفسنا لهذه الطيور التي تنخر في أذهاننا، وتقوم برسم صور لأفكار سلبية يمكننا بكل بساطة تجنبها بوعينا الداخلي.
 
فعندما تقلقين عزيزتي إنما تكونين كمن يطبع فيلماً مرعباً في ذاكرة عقلك الباطني، حيث ستبدأ حبال قلقك بالجريان في شريط مستمر، ولا تنفك تستعرض مشاهدا تبعث الخوف والرعب في ذهنك مما يُدمر حياتك الحاضرة ومستقبلك الآتي بأفكار خيالية لن تقع ربما في مجرى حياتك أو إن حدثت لن يكون تأثيرها عليك كما توهمتي، وفي كلا الحالتين فإنك ستحرقين نفسك في دائرة من التعذيب والجلد الذاتي.
 
وإن إستسلمت للقلق، فإنه سيعمل على تدميرك وجدانياً وعقلياً وجسدياً وعلى تمزيقك شر تمزيق وتحويلك الى مجرد حطام مهدمة أمام فيلم من تأليفك حيث تجتذبين سيناريو لأحداث مرعبة عبر شاشة عقلك.. فيما لا تكل الشاشة عن إعادة تكرارها بشكل مستمر لتغرقي في جنون أفكارك. 
 
واذا ما إستعرضت تجاربك الماضية، ستجدي ان بعض توقعاتك التي حدثت بالفعل وجرت معها مصائب، لم تكن صاعقة عليك الى الدرجة التي ذهبت إليها في تفكيرك. وربما كانت الحقيقة أخف وقعاً وأقل ضرراً عليك من أوهامك التي توهمت بها.
 
كما ستتذكرين أيضا أنه إن حدث بالفعل ما توقعته في إحدى المرات، إلا أنك كنت قادرة على مواجهة الأمر وتحمله لأن الله لا يحمل نفساً فوق طاقتها وقدرتها...لذا فإن القلق الذي قلقته لم يكن في يوم من الأيام ليمنع حدوث أمر قد كُتبه الله لك، وبالتالي فإنه ليس بوسيلة تصلح لمنع حدوث الأحداث.
 
فالقلق يعمل على حقن السُمَ العقلي في ذهنك ليتشبع به كل كيانك، أما النتيجة فإحباطٍ يقودك الى تلفٍ عصبي وأمراض الكآبة، وتنغصين حاضرك وربما مستقبلنا بأوهام قد لا تمت للواقع بصلة، في حين أن الأجدى بك الإستعاضة عن القلق بالتفكير الروي والمنطقي للأمور، والرضا بما كتبه الله لك لأنه لخيرك لحكمة لا تعلمينها..فتوقفي عن تعذيب نفسك!