حتى لا تنعدم الرحمة من القلوب

الرحمة، كلمةٌ تختصر الكثير فيها من مشاعر وأحاسيس وأفعال وتصرفات. هي الصفة الأجل والأسمى لرب العالمين الذي يرحم عباده من عذاب الحياة وما بعد الحياة.
 
وهي أيضاً صفةٌ الإنسان، الذي تأنس إليه القلوب والعقول، وتستأنس برحمته وشفقته وإحساسه بالغير.
 
الرحمة ليست مجرد تعبير عن صفة، هي بالتأكيد أكبر وأبعد من ذلك. خصوصاً في الأوقات الصعبة التي يمرَ بها بني البشر بسبب الحروب أو الكوارث الطبيعية وغيرها. وقد استطاع الإنسان على مرَ السنين إثبات إنسانيته ورحمته مع أخوته في العالم، بمدَ يد العون والإنقاذ لهم في ساعات الشدة.
 
تشهد بعض دولنا حالياً عاصفة ثلجية قاسية، أرخت بثقلها على الناس فحبستهم داخل بيوتهم يستنجدون الدفء من صقيع البرد. لكن هناك من لا يجد بيتاً يأويه ولا سقفاً يحميه، هم الفقراء واللاجئون الذين يصارعون البرد الشديد، فينتصرون حيناً وينهزمون أحياناً كثيرة أمامه. وكم من أطفال ونساء ورجال قضوا بسبب العواصف الثلجية في السنوات الماضية، وبعضهم يعاني خطر المصير ذاته هذا العام.
 
إلا إن كانت الرحمة أكبر، والعمل الدؤوب لإنقاذهم ومساعدتهم على تجاوز هذه العاصفة بخير وسلام، عندها ستمر العاصفة بدون أي خسائر بشرية.
 
وهنا الدعوة للجميع لغلب منطق الرحمة على كل شيء، للإندفاع نحو مساعدة من يحتاج للمساعدة في هذه الظروف القاسية، ولمدَ يد العون لمن يقاسون برد وزمهرير الشتاء. حتى لا تنعدم الرحمة من قلوبنا، يجب علينا جميعاً التكاتف والعمل بسرعة لإيصال المساعدات وإيواء من يحتاج الإيواء حتى تجتازنا العاصفة الثلجية بخير.
 
ولكل من ينعم بالدفء، واللقمة الطيبة، والسرير المريح، والملابس وغيرها من مستلزمات الإستمرار، أدعوكم بالتفكير بأخوتكم وأخواتكم المحتاجين الآن، لا لونٌ ولا شكل ولا لهجةٌ، هم أخوةٌ لكم في الإنسانية فاغلبوا إنسانيتكم على كل اعتبارات وساهموا في إغاثة كل محتاج.  
 
حتى لا تنعدم الرحمة من القلوب، نحتاج فعلياً للتفكير بالآخرين مثلما نفكر بأنفسنا، لأن الله سبحانه وتعالى دعانا لفعل الخير، ولأن الحياة لا تحلو وحولنا من يبكي ويستصرخ ضمائرنا. 
 
كونوا رحيمين وبادروا للخير والمساعدة، كي ينعم كل إنسان في هذه الحياة بأدنى مقومات الكرامة.
 
كونوا رحيمين وأنقذوا إخوتكم الذين يقبعون في فقر وحاجة، وتراحموا.