من مثلنا الأعلى في الحياة؟

إعداد: جمانة الصباغ
 
من مثلنا الأعلى في الحياة؟ هل فكرنا يوماً بمن يكون المثل الأعلى والأفضل في حياتنا؟ وهل نحن نلتزم بكل ما يقوله أو يفعله أو يعيشه مثلنا الأعلى في كافة مراحل حياتنا؟ وهل تجاربنا في الحياة مستقاةٌ من تمثلنا بهذا المثل أو ذاك، أم هي حصيلة تجاربنا الخاصة؟
 
كثيراً ما كان لدي أمثلة عليا أقتدي بها أو أعجب بها منذ الصغر وحتى مراحل متقدمة من العمر، حتى أدركتُ أن لا مثل أعلى يبقى ثابتاً في حياتنا طوال العمر. المثلُ الأعلى الوحيد الذي يرافقنا ويبقى معنا منذ الولادة وحتى آخر العمر هو أنفسنا، أجل أنفسنا.
 
ولماذا لا يكون مثلنا الأعلى هو نحن؟ لماذا لا يكون قدوتنا ومرشدنا في الحياة هو ذاتنا، بما أن الهدف الأساسي في التقيد بمثل أعلى هو التعلم من تجاربه وخبراته وأعماله؟
 
كلٌ منا يمكن أن يكون مثلاً أعلى، لنفسه وللآخرين، ما دام يعمل لتحقيق ما يصبو إليه من نجاحات وطموحات، وما دام قادراً على ترك أثر طيب في نفسه وفي الآخرين.
 
إن سألنا أنفسنا: لماذا نتخذ مثلاً أعلى؟ سيكون الجواب دوماً: لأنه نجح في تخطي المصاعب والتغلب على مشكلاته وإنجاز شيء مميز في الحياة. وإن سألنا أنفسنا مرةً أخرى: إن كان كل هذا هو ما نصبو إليه ونعمل لأجله، ألا يجعل منا ذلك مثلاً أعلى أيضاً؟
 
بعض الأمثلة هم خالدون في التاريخ لإنجازاتهم الإستثنائية ولقدرتهم على تغيير أوضاع وواقع معين، وهؤلاء لا بد يمثَلون مثلاً أعلى يُحتذى به. لكن كل إنجاز على ضآلته هو إنجازٌ يُحسب له، وبالتالي لا يجوز أن يُعامل أصحاب الإنجازات المتواضعة بأقل تقدير عن نظرائهم الذين حققوا الشيء الكثير.
 
يكون اتخاذ المثل الأعلى عادةً في التحلي بالصفات والفضائل الجيدة، فيصبح التمثل بحسناته أول الطرق لتحقيق حياة أفضل. إذن، يمكن لكل فرد أن يكون مثلاً أعلى لذاته إن هو تحلى بصفات حميدة وسعى جاهداً لترك أثر إيجابي عند الجميع.
 
يكون المثل الأعلى بقدرته على تذليل العقبات والصبر على المحن وتعلَم الدروس القاسية من التجارب القاسية. إذن، يمكن لكل امرئ أن يكون مثلاً أعلى بحد ذاته، إن هو واجه الصعوبات بحكمة وصبر وعمل على تذليلها وتحقيق نتائج إيجابية معاكسة للوضع السيء الذي وُجد فيه.
 
ويكون المثل الأعلى لتحليه بصفات الذكاء والحنكة والقدرة على إتيان أمور قد تبدو مستحيلة للبعض، بالإضافة إلى المهارة الفردية في الحوار والتواصل الإجتماعي واللباقة وغيرها من الخصال الحسنة. إذن، يمكن لكل منا أن يكون مثلاً أعلى إن عمل على تنبي هذه الصفات أو تعزيزها في ذاته ليكون ناجحاً في كافة السبل والمحاور.
 
لنكن قدوةً ومثلاً أعلى لأنفسنا قبل أن نتخذ أمثلة عامة، عندها يكون التمثل صحيحاً وحقيقياً لا محاولة لمحاكاة وتقليد ما يفعله الآخرون. إن عملنا على ضبط وتوازن سلوكياتنا، إن تعبنا لصقل صفاتنا الإخلاقية والنفسية، إن اتخذنا من المحبة والشفافية والصدق والإخلاص سلوكيات نتَبعها في يومياتنا، وإن عملنا بكد وجهد لتحقيق ما نصبو إليه بدون كلل أو إتكال، لا شك أننا سنكون مثلاً أعلى لأنفسنا وللآخرين.