الأم... أيقونة الحياة

إعداد: جمانة الصباغ
 
قد اختُصرت فيها كل الأبجديات وكل الكلمات، هي البداية والنهاية في كل شيء، وهي أسمى ما خلق الله بعد الأنبياء.
 
الأم، يُقال عنها أنها قمة الوفاء والعطاء والتضحية، وأن من رغب بالجنة عليه أن يسجد تحت قدميها..
 
ككل عام، يحل علينا وعلى العالم يوم الأم فيحمل تباشير الفرح والتجدد والحياة، كأن الحياة لا تبدأ إلا من يومها ومن خلالها. 
 
ولمَ لا يكون كذلك؟ فالأم هي أساس الوجود للطفل، هي التي تحمله وترعاه وتعطيه من قلبها أكثر مما تعطيه من يديها. هي أيقونة الحياة وجوهرها، من عطائها يأتي أقدس الأفعال لأنها تعطي بدون طلب أو سعي وراء رد للجميل. 
 
ينظر جميعنا إلى الأم على أنها أساس البيت وعماد الدار، هي الملجأ عند الشدَة والحاجة للحب والحنان، في وجهها نرى الملائكة وندرك السماء بأبعادها المترامية، وبالتأكيد في حضنها تتلاشى كل الهموم والأحزان.
 
قد لا يدرك معظمنا أهمية وجود الأم في حياته، نظراً لاختلاف الفكر والرغبة في التفلت من الحرص الشديد والتوبيخات والنصائح التي نعتبرها إنتقاصاً من قدرنا، في حين أن الأم توجهنا بعنف أحياناً لحمايتنا. وهو ما ندركه عندما نكبر ونصبح آباء وأمهات، أو عندما ترحل الأم ليحل الفراغ بعدها فلا شيء يعوضها ويعوضنا هذا الفراغ.
 
لا ترغب الأم من أولادها أن يردوا لها الجميل عندما تكبر، هي فقط تتمنى لو يعاملوها ولو قليلاً مما عاملتهم وهم صغار، فأحاطتهم بالعناية والحب والتحمل والصبر، وعلمتَهم كل شيء تقدر عليه ويجهلونه، تحملت ضعفهم وعصبيتهم وأهواءهم وبادلتهم النكران والنفور بالحب والحنان.
 
ترغب الأم من أولادها أن يكونوا سعداء وأن يتمتعوا بالحياة التي ساهمت في جعلها سهلةً ومعبدَة لهم، وأن يكونوا أنفسهم وليس على شاكلة الآخرين لأنها تفتخر فيهم على طبيعتهم. 
 
تحب الأم أن يبادلها أولادها الحب بالحب لا لرد جميل أو خوفاً من كلام الناس أنهم أولادٌ عاقَون؛ تحب الأم أن ترى أولادها لا لأنها أنانية وترغب بوجودهم بقربها دائماً بل لأنها تحب رفقتهم وتحب الحياة من خلالهم.
 
ونحن نقول للأم في يومها أن لا شيء يعادل جمال روحك وحبك في داخلنا، وأننا بتنا أكثر وعياً وإدراكاً لاختلافاتنا عنك، وأننا نمنحك حبنا واحترامنا لأنك تستحقين ذلك.
 
لك يا أمي أوجه رسالتي هذه اليوم، لأقول لك أن الإختلاف بيننا لم يمنعك من حبي ولم يمنعني من حبك، وأن اللحظات التي عشتها وأعيشها بعيداً عنك هي بالتأكيد لحظاتٌ أليمة لا أتمناها لأحد. أنت يا أمي وكما أنت، أمنحك حبي وتقديري لأنك وقفت بجانبي حتى عندما كنتُ أصارع نفسي.
 
واليوم، بعد أن بتَ أماً مثلك، أرى نفسي في عيون طفلتي الصغيرة وأرى الدنيا تعطيني الفرصة لأكون ولو جزءاً صغيراً منك في عينيها.
 
لكل أم ألف تحية وسلام، ستبقين أيقونة الحياة وسرها الجميل الذي لا يخبو ولا ينزوي أبداً.