ما بين العمر والحياة

إعداد: جمانة الصباغ
 
تدور في خاطري أسئلة كثيرة هذه الأيام، منها ما الفرق بين العمر والحياة. وهل نحن نعيش عمراً أم حياةً؟!
 
قال لي أحد الأصدقاء يوماً: لا يدرك الكثير منا أن حياتهم تنتهي بلا جدوى وهم يلهثون وراء الأشياء، ويقضون أعمارهم لا حياتهم في حساب كل شيء. 
 
إن سألت أحدهم عن عمره، يجيبك فوراً عن سن محددة وصل إليها. إما إن سألته عن حياته، فيقف هنيهةً عاجزاً عن الرد.
 
بالفعل كثيرٌ منا يعيش عمراً لا حياةً، يقضيها في حساب السنين والأشهر والأيام التي تمر عليه، بدون أن يترك لنفسه مجالاً للتفكر في الحياة وإن كان يعيشها بشكل صحيح أم لا.
 
منذ الولادة، تُقاس أعمارنا بعدد السنوات التي نبلغها وليس بالحياة التي نعيشها، كأننا بهذه الطريقة ندرك وجودنا في محيطنا ونثبته للآخرين. في حين أن الحياة أشمل وأعمق من حساب سنوات أو أشهر قلائل.
 
يعيش معظمنا سنوات عمره غير مدرك لجمال أن يعيش الحياة بأفضل صورها وأبهى تجلياتها، وما أن يكبر أحدنا حتى يتحسر على العمر الذي مضى لا على الحياة التي تسربت من بين أيدينا دون أن نشعر بطعمها وشغفها وروحها الحقيقية.
 
ما الفرق بين العمر والحياة؟ هو فرقٌ كبيرٌ يتخلص في نظرتنا وإدراكنا لروحية الأشياء لا ظاهرها، هي القدرة الفردية على التمتع بحياة جميلة ملؤها التجارب والأفكار والمتغيرات من خلال سنوات العمر المديدة منها أو القصيرة.
 
العمر زمنيٌ يبدأ منذ ولادة المرء حتى مماته، أما الحياة فهي اللحظات التي يعيشها المرء خلال هذا العمر ويشعر بأدق تفاصيلها. فلا تدعوا العمر يخطف منكم روعة التلذذ بالحياة، ولا تدعوا السنوات تسلبكم فرحة التمتع بجمال الحياة وحلاوتها حتى في أقسى صورها.
 
أجمل ما في الحياة تجاربها، بحلوها ومرها، بنجاحاتها وفشلها، بانتصارتها وخيباتها، فلا تدعوا العمر يمر بكم من دون أن تكونوا عشتم قدراً كافياً من حياتكم بصورة صحيحة. حاولوا أن لا تكونوا على هامش الحياة بل في داخلها وأن تنصهروا فيها وتدركوا جماليتها من خلال أنفسكم وأعماركم وعيونكم. 
 
وليكن العمر والسنين دعماً لكم لعيش الحياة والتمتع بها كما يجب وكما تستحقون. فالقلوب التي تشيخ بالعمر فقط هي قلوبٌ جافةٌ وخاوية، لا يحيا الأمل فيها ولا ينتظر اليوم القادم للتمتع بالحياة بل يحسب يوماً أخر مضى من العمر.