الإنسان بين الطاقتين الإيجابية والسلبية

كل شيء وله ضده في الحياة، فكما الليل هناك النهار في مقابله وكما الأبيض هناك الأسود، إلى ما هنالك من الأمثلة التي لا تُعدَ ولا تحصى.
 
والنفس البشرية مزدحمةٌ بالمشاعر وأضدادها، ولعل أهمها وأكثرها تأثيراً في كل إنسان هي الطاقة الإيجابية في وجه الطاقة السلبية.
 
يقول العلماء والمفكرون عن الطاقة الإيجابية الكثير، فهي تتويجٌ للتفاؤل والأمل وحب الحياة والتقدم والنجاح، وهي قوةٌ داخليةٌ ترشدنا إلى اختيار الطريق الصحيح وإلى إتيان الأشياء الجيدة والتعامل بتفاؤل وانفتاح مع الحياة. هي التعادل والإعتدال في النفس البشرية، وقوةٌ مغناطيسية تجذب الأشياء الجيدة نحونا وكذلك الأفراد؛ بعضهم يصفها بهالة الضوء التي تحيط بالإنسان فتنعكس على من حوله بالأمان والطمأنينة وتبعث فيهم روح السعادة والأمل. 
 
تتعزز الطاقة الإيجابية مع التعبَد للخالق والإنصات إلى تعاليمه وشرائعه والتقرب إليه، للحؤول دون سيطرة الوساوس والأفكار الهادمة والسلبية، وتحصين الذات ضد أي طاقة سلبية قد تعصف بها بسبب المشاكل اليومية وظروف الحياة القاسية والتجارب المريرة.  
 
والطاقة الإيجابية تعود بالمنفعة على صاحبها بأوجه عدة، ففي المجال النفسي تترك راحةً وطمأنينةً تحتاجها النفس للإستمرار والعطاء؛ وفي المجال المهني، تشحذ الطاقة الإيجابية الهمم وتدفع نحو الإنتاجية والمثابرة والعمل الدؤوب. أما في المجال الحياتي، فهي تعطي القدرة على تحمل الصعاب وتجاوز المحن مهما اشتدت ومهما كان نوعها. ولا ننسى الجانب العائلي والإجتماعي الذي يحتاج إلى طاقة إيجابية للتفاعل والتعامل مع المحيطين بنا من عائلة وأقارب وأولاد بكل رحابة صدر وطمأنينة وراحة.
 
في المقابل وعلى الجانب البعيد الأخر، نجد الطاقة السلبية التي لا تنفع المرء بأي شيء، بل على العكس تهدم وتدكَ كل بنيان وعزيمة وإرادة. هي التفسير المغاير تماماً للطاقة الإيجابية، فبدلاً من أن تجذب نحونا الأشياء الجيدة والأشخاص الملائمين، نجدها تشدَ نحونا الأفكار السلبية والأشياء العديمة الجدوى بل والهدَامة أيضاً، بالإضافة إلى الأفراد السلبيين الذين يحملون لنا أفكاراً وتوجهات سلبية لا جدوى منها. ومن أخطر ما تفعله الطاقة السلبية بالمرء أنها تخدعه وتوهمه بمستقبل غير حقيقي وأحلام يستحيل تحقيقها، فيسعى وراء خيال وهمي لا يجني منه إلا الخيبة، وهنا تكون الصدمة الأكبر.
 
الطاقة السلبية هي نقيض الإيجابية بالكامل، فيها تتجسد الهموم والمخاوف والقلق الدائم، ومنها تنبع الشكوك والعجز والإحباط، فيبقى صاحبها متأرجحاً بين حلم واهم بحياة أفضل وبين واقع لا يحرك فيه ساكناً، ليغدو ناقماً على نفسه وعلى الحياة وجميع من حوله. وقد تكون الطاقة السلبية نابعةً من ذاتنا أو مكتسبةً من المحيطين بنا، الذين يبعثون لنا بإشارات سلبية ومحبطة، كما تنعكس طاقتنا السلبية على الآخرين.
 
ومن يرجو صلاحاً لنفسه وإنجازاً في حياته، لا بد أن يتحلى بالطاقة الإيجابية ويبتعد عن السلبية لأنها لا تعطيه إلا النتائج السلبية والفشل والإحباط. قلتكن طاقتنا متجددة وملؤها الأمل والتفاؤل، ولنضع نصب أعيننا أن الطريق مهما طالت والصعاب مهما اشتدت، ستكون طاقتنا الإيجابية وإرادتنا القوية درعنا وسلاحنا لمواجهتها كلها والإنتصار عليها للوصول إلى المبتغى الجميل والحقيقي في الحياة.