تخلصي من السموم الرقمية

إتصالنا اليومي والدائم بالإنترنت، إن كان في العمل أو البيت أو في الخارج، يفصلنا كثيراً عن الحياة الواقعية التي باتت تتلاشى شيئاً فشئياً ويوماً بعد يوم. وبالرغم من أن شاشاتنا تعطينا الكثير من الفوائد والمعلومات التي تُعزَز إنتاجيتنا، إلا أنها في المقابل تقلل من فرص التركيز التسلسلي اللازم للإنتاجية الفعلية.
 
تحمل لنا التقنيات الحديثة معرفةٌ لا محدودة لكن ما نحصل عليه في الواقع هو معلومات بلا حدود. نعتقد ان فتح أكثر من نافذة في المتصفح هو نتيجة عقل منتج، ولكن الحقيقة هي أننا نحاول القيام بعدة مهام في وقت واحد ما يعني كفاءة أقل في كل منها. فتوقف الذهن لفترات وجيزة عند الانتقال من مهمة إلى أخرى يكلفنا 40 بالمائة تقريباً من فترة الإنتاجية لكل منا. 
 
الإتصال المستمر: أصبح استخدام التواصل عبر الأجهزة المتحركة توجهاً متنامياً ويعترف الكثيرون بأنهم يشعرون بالضياع من دون هاتفهم الذكي، كما لو كانوا منعزلين على جزيرة، ويساورهم القلق بأن احداً ما يبحث عنهم او أمراً هاماً قد يفوتهم. ولا عجب في ذلك فالجميع يرى أن الوضع المثالي هو البقاء على اتصال لأطول وقت ممكن، ولم يعد الهدف هو التواصل بل القضاء على أية احتمالات بكون الشخص فيها خارج نطاق التواصل. فلم تتحدث إلى صديق واحد يجلس أمامك في الوقت الذي يمكنك فيه الدردشة مع خمسة في مكان آخر؟ نتيجة تلك الفلسفة هي التمكن من الرد على الرسائل الإلكترونية الخاصة في العمل أثناء التواجد في السرير، وإرسال الرسائل الفورية عبر بلاكبيري أو واتس آب بينما تتجاهل الأصدقاء المحيطين بك في حفل، بشكل لا يترك مجالاً لتطوير علاقاتك وحياتك. 
 
نحن نتمتع بتواصل أكثر ولكنه ليس أفضل. تفوتنا النوعية الجيدة للوعي والشعور والفهم الذي يرافق ما نقوم به في تجاربنا الحياتية. يفوتنا الهدوء الذي يسود بعد إجراء مكالمة هاتفية، نفكر فيها بما جرى الحديث عنه. ويفوتنا التواصل مع صديق ما وجهاً لوجه، دون قطع التواصل باستمرار لتفقد الهاتف. 
 
في عالم يتسم كل ما فيه بالرقمية والتواصل الفوري، علينا أن نذكّر أنفسنا ونعلّم أطفالنا بأن نعيش الواقع. 
 
قطع الاتصال: أصبح هناك الكثيرون ممن يسعون للتخلص من السموم الرقمية. بعض الفنادق في الولايات المتحدة الأميركية تقدم عروضاً خاصة بذلك، بحيث تتم مصادرة الهاتف عند الدخول والحصول على لعبة فعلية بدلاً منه، بينما يمكن لمستخدمي أجهزة آبل تحميل تطبيق يسمى "فريدوم" يقوم بقطع إمكانية الإتصال بالإنترنت. 
 
للخروج من دوامة القلق والتخلص من السموم الرقمية التي باتت تتعبك، ننصحك باتباع القواعد الهامة التالية:
 
1. تسجيل الخروج: أطفئي إتصال الإنترنت! فإن لم يكن الأمر يستحق مكالمة هاتفية فهو لا يستحق المتابعة!
 
2. استخدام الهواتف العادية فقط: أطفئي الهواتف الذكية التي تزخر بأمور تشتت التفكير.
 
 3. إلغاء التراسل الفوري. كم مرة شاهدت مجموعة من الناس يجلسون إلى مائدة ويحدقون في هواتفهم للحديث إلى أشخاص بعيدين، ولكنهم يتجاهلون من يرافقهم؟ تواصلي مع الآخرين بالتحادث المباشر وستعرفين ما كان يفوتك وأنت تنظرين باستمرار إلى شاشة هاتفك أو الحاسوب.
 
 4. حددي فترة زمنية والتزمي بها تماماً، سواء كانت ساعة واحدة او وجبة عشاء أو نهاية أسبوع أو عطلة واحدة، لإبقاء التواصل والتفاعل الماباشر مع عائلتك ومحيطك.
 
5. أطلبي من بعض صديقاتك أن يفعلن مثلك، وليكن هذا التدريب ناجعاً بتنفيذه سويةً. وكذلك الأمر مع أفراد عائلتك.
 
6. لا بأس بمشاهدة التلفزيون: فالهدف هو تحديد التواصل وليس التقليل من الترفيه.
 
إن الحميمية والدفء في العلاقات الإنسانية لا تقدمها مكونات التكنولوجيا هذه الأيام، فإن كنت تسعين لبعث الدفء والحياة في علاقاتك، ليكن ذلك عبر التواصل المباشر وليس عبر السكايب.