التسامح نصف السعادة

التسامح، كلمةٌ عظيمة تُخبر عن أعظم الصفات. والإنسان المتسامح حباه الله بروح شفافة ومتعالية عن الجراح وعن الصغائر. فهل أنت متسامحة سيدتي؟
 
التسامح هو أن تكوني منفتحة القلب، ألا تشعري بالغضب ممن أذوك، أن تكوني متصالحة مع ذاتك قبل تصالحك مع الآخرين، وأن تسامحي نفسك أيضاً عند الوقوع بالخطأ لتعاودي المحاولة من جديد.
 
كثيراً ما نتعرض للإساءة أو الخيانة من أقرب المقربين لنا أو من الغرباء، إساءةٌ تترك في ذواتنا مشاعر الغضب والحقد والرغبة أحياناً في الإنتقام. لكن ما لا ندركه أن هذه المشاعر تأكل من أرواحنا أكثر مما تؤثر في المسيئين لنا، إذ أن اندماجنا المطلق في بث وإحساس هذه المشاعر يقلب حياتنا رأساً على عقب ويجعلها أصعب مما كانت. في حين أن التسامح عن الخطأ والإساءة، مهما كانت، يبعث شعوراً بالراحة والسلام الداخلي الذي لن يؤرق أعيننا أبداً.
 
أقولها لك من تجربة وليس من كلام يُقال فحسب، لقد تعرضتُ لإساءة كبيرة من أحدهم في الماضي فبقيتُ أنام وأصحو وأنا أفكر بهذه الإساءة وأكره نفسي مثلما أكره المسيء إليَ وأفكر بالإنتقام حيناً وبالدعاء عليه حيناً آخر، حتى أصبحت حياتي تعيسة ولا جدوى منها. تعبتُ كثيراً ولم أجد الراحة لنفسي إلا من خلال مسامحتي لمن أذاني، وصدقيني لم أشعر بالطمأنينة في حياتي كلها كما شعرتُ يوم سامحتُ من أساء لي.
 
إن التسامح لا شك يُشكَل نصف السعادة، فالتعالي عن الجراح والمثابرة على المضي قدماً لهما أبلغ الأثر في بث السعادة في أنفسنا ومنحها شعوراً جميلاً لا يوصف. وكلما تسامحنا كلما كنا أقرب لذواتنا وأكثر فهماً وإدراكاً لها.
 
التسامح يعلمَنا النظر للجزء المتفائل والمشرق من الحياة ويريحنا من التفكير في ردود الفعل وعناء الحسابات.
 
التسامح دليل قوة وثقة وليس ضعفاً وتهاوناً. والأنقياء فقط هم أكثر قدرةً على التسامح والسمو عن الصغائر.
 
التسامح فنٌ نتعلمه كأسلوب حياة يسمى بنا ويسعدنا مهما كانت التحديات. هو البوصلة التي سترشدنا إلى بر الأمان والمفتاح لاستيعاب الآخرين مهما اختلفوا معنا في التفكير وفي الطبائع.
 
ليست العبرة في من يكسب أكثر ومن ينتصر أكثر، بل العبرة في من يربح نفسه ولا يخسرها. والمتسامح هو من يمتلك هذه الصفات بلا شك.