العنف الاسري ضد الاطفال

العنف الاسري ضد الاطفال موضوع شائك و عصيب يمر به معضم الأطفال حول العالم ، فقد شهدت دراسة أقيمت في أمريكا مؤخراً ان 3-4 ملايين طفل ، أعمارهم بين 3-17 عاما يتعرضون للعنف الأسري كل عام في أمريكا وحدها ، و معضم العنف الاسري بشتى أنواعه يمارس من قبل الآباء تجاه الأمهات و الأطفال ، مما يتسبب بضرر نفسي و جسماني و عقلي على المدى القريب و البعيد في حياة الطفل . و بحسب عدة مصادر تربوية و إجتماعية و قانونية ، منها كتابا: "عندما يؤذي أبي أمي When Dad Hurts Mom " ، و "  The Batterer as Parent" للكاتبة Lundy Bancroft، و المنظمات المجتمعية المساندة لحقوق الأسرة مثل "نداء للنساء و الأطفال في حالات الطوارئ " ، و "مشروع الأطفال الشهود على العنف الأسري " في مركز بوسطن الطبي ، يمكن تعريف العنف الأسري و آثاره على الطفل و الأسرة بالتالي :

أنواع العنف الأسري

يشمل العنف الأسري تعرض الطفل لأحد أنواع الإساءة سواء اللفظية أو السمعية أو المشاهدات الجارحة للمشاعر و العلاقات الإنسانية غير السوية ، مثلاً التعرض للضرب أو الإهانة أو مشاهدة الضرب المسيء لأحد أفراد العائلة و خاصة بين الوالدين ، أو سماع التهديدات و المشاحنات و الضجة المخيفة في محيط المنزل ، كما يلاحظ الأطفال آثار الضرب والشجار على أفراد الأسرة مثل الدم و الكدمات و الحروق و حتى الدموع و الملابس الممزقة و الأشياء المكسورة في البيت ، كما يلحظ الحالة العصبية المتوترة لأفراد الأسرة وخاصة الأم و ما تعانيه من شعور بالخوف أو الرعب من بعد هذه الحوادث .

ما هي مشاعر الأطفال الذين يتعرضون للعنف الأسري ؟

يصاب الأطفال المعرضين للعنف الأسري بالخوف و القلق ، و هم دائماً في حالة حذر و خشية من مشاهدة أو انتظار الحدث القادم ، أي أنهم لا يعلمون ما الذي سيؤدي إلى الإساءة لهم و أذيتهم ، و بالتالي لا يشعرون بالأمان أبداً ، كما يكونون في حالة قلق على أنفسهم أو أمهم أو أبيهم أو أشقائهم ، و قد يشعرون بالعجز و عدم الأهمية و قلة القيمة في البيت و المجتمع .

كما من المرجح أن ينمو الطفل المتعرض للعنف الأسري بشتى أنواعه على ممارسة هذه الأفعال على أقرانه و المجتمع و حتى أفراد أسرته ، و قد يبدون طبيعيين في العالم الخارجي بعيداً عن المنزل ، لكنهم من الداخل يشعرون بألم كبير جراء الجو الفوضوي و المجنون الذي يشهدونه في بيوتهم .

قد يلوم الطفل نفسه على سوء المعاملة التي يتلقاها أو يتلقاها أحد أفراد أسرته ، و قد يغضبون على أنفسهم او أمهم أو أشقائهم و يشعرون بالحرج و الإهانة . كما يؤدي العنف الأسري إلى ميل الطفل للعزلة و الضعف الإجتماعي ، و بنفس الوقت يكونون تواقين للإهتمام و المودة و المشاركة الإجتماعية ، لكن على أغلب الأحول ينتهي بهم الأمر معزولين عن أقرانهم مصابين برهاب الإختلاط و فرض الشخصية على الأصدقاء و الزملاء في المدرسة و الأماكن العامة .

السلوكيات التي يتعرض لها الطفل الذي يشهد العنف الأسري

يتعرض الطفل الذي يعاني من العنف الأسري لإكتساب سلوكيات سلبية كثيرة منها الخوف و الشعور بالذنب و العار و إضطرابات النوم و الحزن و الإكتئاب و الغضب  و التوتر العصبي  و العجز عن درء الخطر عن المعتدى عليه و كذلك عدم القدرة على إيقاف المعتدي ، و كذلك منع العنف بشكل عام .

كما تتطور هذه السلوكيات النفسية لتؤثر جسدياً على الطفل ، فيصاب الطفل بآلام في المعدة أو الصداع أو التبول اللا إرادي و كذلك فقدان التركيز ، هذا بالإضافة إلى آثار الضرب و التعنيف على الجسد ، بسبب التعرض له مباشرة أو بسبب تدخل الطفل لحماية الشخص المعنف بالأسرة .

كما يؤثر العنف الأسري على أداء الأطفال في المدرسة بسبب إنشغال ذهنهم بالمشاكل ، و قلة صبرهم و إصابتهم بالقلق الدائم ، مما يؤدي أيضا بتأخر في تنمية مهاراتهم الكلامية و الحركية و المهارات المعرفية . كما يستخدم الأطفال المعنفون الضرب و العنف أيضا للتعبير عن أنفسهم ، مما يدخلهم في حلقات عنف أخرى تعرض أجسامهم للأذى .

الآثار السلوكية طويلة المدى على الطفل المعنف

سواء كان الطفل يتعرض بشكل مباشر للعنف الأسري أو لا ، فإن هذه المشكلات تشكل له صدمة نفسية ، فالأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة أو تتعرض أمهاتهم للضرب و الإهانة أمام أعينهم و خاصة مع آبائهم يعانون من صدمة نفسية للعبيش في منازلهم ، أو حتى للحرمان من أمهاتهم بسبب إنفصال الآباء مما يعرضهم للحرمان من عيش حياة منزلية تعزز نموهم الصحي السوي . خاصة وأن آباهم هم النموذج الأساسي الذي يحتدون به لإقامة العلاقات العائلية و الإجتماعية في المستقبل ، مما يفقدهم الإحترام للآخرين و يكون سلوكهم الإساءة و العنف للتعامل مع الآخرين ، و يعتقد الخبراء أن الأطفال الذين نشأوا في بيوت يسودها التوتر و العنف يتعلمون أن العنف هو وسيلة فعالة لحل الصراعات و المشاكل . و قد يكررون العنف الذي شهدوه كأطفال في علاقاتهم في سن المراهقة و الكبر ، و كذلك تجاربهم في حياتهم الزوجية و تجاه أبنائهم . أما بالنسبة للفتيات فقد تؤثر المشاكل الأسرية بهم ليعتقدوا بأن التهديد والعنف هما القاعدة السائدة في العلاقات .

كما لا يستغرب بأن يلجأ الأطفال المعنفين إلى تعاطي الكحول و المخدرات بسبب إضطرابات مع بعد الصدمة ، و قد يتطور الأمر إلى ارتكاب الجنح و الجرائم ، حيث تدل المؤشرات الإجتماعية و الإصلاحية إلى أن العنف الأسري هو المؤشر الأكثر شيوعاً لجنوج الأحداث و جرائم الكبار ، و هو أيضاً السبب الأول لهروب الأطفال من المنازل و ذويهم .