علماء يكشفون سر النوم العميق

من منا لا يحب النوم العميق ولساعات طويلة كل ليلة دون ازعاج او ارق؟ انه بالحقيقة حلم كل انسان، خاصة في عصرنا الحالي المزدحم بالعمل والمسؤوليات وقلة الوقت المتاح للحصول على قدر كافي من النوم والراحة.

والمعروف ان الاطفال هم الاكثر حظاً للتنعم بنوم طويل وعميق، وكلما تقدم الانسان بالسن انخفضت هذه الحظوظ وصولاً الى الشيخوخة حيث يكون معدل النوم يومياً لا يزيد عن 4 ساعات.

وفي محاولة لفهم ماهية النوم العميق والتأثيرات التي تطرأ عليه، ابتكر علماء أمريكيون نموذجاً كمياً يساعد على كشف تغير نشاط الدماغ مع نمو الطفل، ليكتشفوا وللمرة الاولى كيف تتغير وظيفة النوم مع التقدم بالسن.

كيف يتغير النوم مع التقدم بالسن؟

بحسب ما اورد موقع "روسيا اليوم" نقلاً عن مجلة Science Advances، فالمعلوم ان كلا من الإنسان والحيوان يحتاج للنوم لإصلاح الأضرار الحاصلة في الدماغ نتيجة الإجهاد والنشاط المعرفي، اضافة لإعادة تنظيم البنية العصبية، وتعزيز تأثير التعليم وتقوية الذاكرة.

لكن كيف يتم تحقيق ذلك في مراحل العمر المختلفة، هو ما كان العلماء لا يعرفونه حتى الآن. ولهذا قامت مجموعة من العلماء الامريكيين بتصميم نموذج رياضي لتطور وظائف الدماغ عند الاطفال منذ الولادة ولحين بلوغ 15 عاماً.

والتصميم الذي ترأسه علماء اعصاب من جامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس، يأخذ في الاعتبار مؤشرات معينة، مثل معدل التمثيل الغذائي للدماغ وحجم الدماغ والوقت اللازم لسرعة النوم.

وبعد امتحان النموذج، اكشتف العلماء أن الوظيفة الرئيسية للدماغ تتغير تقريباً في عمر 2.5 سنة، من بناء البنية التحتية للدماغ، إلى إصلاحه وتطهيره يومياً من التلف. وخلال هذه المرحلة، يصبح الوقت الضروري للنوم العميق أقصر، لتقصر مدة النوم الإجمالية.

وبحسب العلماء، فإنه في هذا الوقت تجري عمليات بناء وتعزيز الشبكات العصبية لنرى الاحلام من خلالها بشكل اوضح. وهو ما يدل على ان عدم نوم الدماغ، وان الخلايا العصبية تتواصل مع بعضها بشكل دائم.

كما أثبت العلماء أن النوم السريع المسؤول عن استجابة الدماغ للتعلم، يكون مسيطراً في المراحل الأولى لنمو الطفل، في حين يسود النوم البطيء المسؤول عن التعافي اليومي طوال العمر المتبقي.

وكان معلوماً سابقاً ان دماغ الطفل ينمو بسرعة حتى عمر 2-3 سنوات، وتحدث التغيرات بشكل تدريجي بعد هذه المرحلة العمرية. الا ان العلماء استطاعوا من خلال التصميم الجديد، اكتشاف ان التغيرات تحدل فجأة وقام بتشبيهها بتحول الماء الى جليد.

كذلك اكتشف الباحثون انه ما ازدياد حجم الدماغ، تتقلص مرحلة النوم العميق. وعلى سبيل المثال، إن كانت نسبة النمو العميق عند الطفل حديث الولادة تعادل 50%، فإنها تنخفض في سن العاشرة الى 25%.

وتستمر النسبة بالانخفاض مع التقدم بالعمر، لتصل عند كبار السن لحوالي 15% من وقت النوم. وبحسب جينا بو كبيرة الباحثين من الجامعة، فان النوم لا يقل أهمية عن الطعام، وهو بنفس اهمية الدواء.