الإمساك عند النساء: لماذا يجب التعامل معه بجدية؟
هل تعانين من عدم القدرة على التبرَز، بشكلٍ متقطع أو دائم؟ هل تُلازمكِ هذه المشكلة في حالاتٍ معينة، أم أن لا توقيت معين لها؟ وهل تجعلكِ مشكلة عدم التبرَز، تعانين من الانزعاج وعدم الراحة أحيانًا؟
يُعدَ الإمساك من أكثر اضطرابات الجهاز الهضمي شيوعًا عالميًا؛ وتُظهر الدراسات أن نسب انتشاره تختلف بشكلٍ كبير بين الدول والفئات العمرية، حيث تتراوح بين أقل من 1% إلى أكثر من 30% من السكان. الإمساك أكثر شيوعًا بين كبار السن، حيث تشير مراجعة منهجية عام 2023 إلى أن النسبة قد تصل إلى 20–30% في هذه الفئة؛ في حين تعاني النساء أكثر من الرجال من الإمساك بسبب عوامل هرمونية وفسيولوجية، والإمساك شائع أيضًا بين الأطفال، خاصةً في سن المدرسة، لكن النسب تختلف حسب البيئة والعادات الغذائية.
فيما يخص النساء؛ يُعدَ الإمساك أحد المشكلات الهضمية شيوعًا بينهنَ، وهو ليس مجرد عرضٍ بسيط يُسبَب انزعاجًا مؤقتًا، بل يمكن اعتباره مشكلةً صحية قد تؤثر بشكلٍ واضح على الراحة اليومية، صحة الجهاز الهضمي، المزاج، وحتى النشاط العام. وبحسب تسنيم حمامي، أخصائية التغذية العلاجية في مجموعة مستشفيات السعودي الألماني ؛ فإن تجاهل الإمساك لأسابيع أو أشهر قد يتسبب في مضاعفاتٍ مؤلمة ومزعجة، فيما يمكن الوقاية منه بسهولة عبر تعديلاتٍ بسيطة في نمط الحياة والتغذية نُطلعكِ عليها في مقالة اليوم. والبداية دومًا مع معرفة أسباب الإمساك عند النساء.

لماذا يحدث الإمساك عند النساء؟
ضمن نظرة غذائية دقيقة، تُوضح تسنيم حمامي أن السبب الأكبر لإصابة النساء بالإمساك يرتبط بالعادات الغذائية ونمط الحياة، إضافةً إلى تأثير التوتر، العمل المكتبي، وتغيَر طبيعة الطعام الذي تتناولها السيدات يوميًا.
وتكمن أسباب الإمساك عند النساء في النقاط الآتية:
1. نقص الألياف الغذائية
أغلب النساء لا يحصلنَ للأسف على الكمية اليومية الموصى بها من الألياف يوميًا (25–30 جرامًا). ومعلومٌ أن النظام الغذائي الغني بالخبز الأبيض، الأرز، السكريات، الحلويات، والوجبات السريعة - في حال واظبت السيدة عليه - يفتقر للألياف، ما يجعل حركة القولون أبطأ والبراز أكثر جفافًا، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف للإصابة بالإمساك.
2. قلة شرب الماء
تقول حمامي إن عدم شرب كميةٍ كافية من الماء يُعدَ سببًا رئيسيًا في الإمساك عند النساء، لأن الماء يساعد على ترطيب البراز وتسهيل مروره داخل الأمعاء.
وفي بيئةٍ حارة مثل الخليج، يصبح الجفاف عاملًا مضاعفًا للإصابة بالإمساك عند النساء في مراحل مختلفة من حياتهنَ.
3. الحميات القاسية لخسارة الوزن
حميات الحرمان (كما تُطلق عليها حمامي) التي تلجأ إليها العديد من النساء، تُقلَل كمية الطعام وبالتالي تقلَ حركة الأمعاء الطبيعية. كما أن هذه الأنظمة غالبًا ما تفتقر للألياف والخضروات التي تُسهَل عمل الأمعاء.
4. الوجبات الجاهزة والمصنعة
يحب البعض تناول الأطعمة المقلية، السريعة، والمعالجة، دون أن يدركوا مخاطرها لجهة تقليل حركة القولون وزيادة تراكم الغازات في البطن، والإصابة بالإمساك في نهاية المطاف.
5. قلة الحركة
إن الجلوس لساعاتٍ طويلة، سواء في العمل أو المنزل، يُبطأ حركة الأمعاء بشكلٍ ملحوظ. فيما تُعدَ الحركة المنتظمة أهم المُحفّزات الطبيعية للقولون وضمان سيرورة عمله.
6. الإجهاد والتوتر
آفة العصر الحديث؛ يؤثر التوتر النفسي بشدة على الجهاز العصبي المعوي، ما يؤدي إلى تقليل وإبطاء حركة الأمعاء وزيادة احتمال الاصابة بالإمساك.

7. الأدوية
تشير حمامي إلى أن بعض الأدوية تزيد الإمساك، مثل مكملات الحديد؛ الكالسيوم؛ بعض مضادات الاكتئاب؛ مضادات الحساسية والمسكنات القوية.
جميع هذه الأسباب، تقف وراء زيادة إصابتكِ بالإمساك، وهي مسألةٌ صحية في غاية الأهمية لا ينبغي التغاضي عنها. لماذا؟ الجواب في التالي..
لماذا يجب التعامل مع الإمساك عند النساء بجدية؟
تؤكد تسنيم حمامي أن الإمساك المزمن ليس مجرد إزعاجٍ فحسب، بل يتحول إلى مشكلةٍ قد تؤثر على صحة الجسم عامة.
وبعض مضاعفات الإمساك المزمن تشمل:
• تراكم الفضلات والسموم: كلما طالت مدة بقاء الفضلات داخل القولون؛ تزداد فرص الإصابة بالصداع، الصداع، الإجهاد، تقلَب المزاج، فقدان الشهية والشعور الدائم بالانتفاخ.
• البواسير والشق الشرجي: يؤدي الضغط المتكرر أثناء الإخراج إلى بواسير مؤلمة وشقٍ شرجي قد يحتاج علاجًا طويلًا.
• اضطرابات الشهية: الإمساك يجعل المعدة ممتلئة دائمًا، ما يُضعف الشهية للطعام الصحي.
• تغيَر توازن البكتيريا النافعة: إن اختلال البكتيريا النافعة في المعدة قد يؤثر على المناعة والهضم والمزاج في آنٍ معًا.
• ضعف امتصاص بعض الفيتامينات: فتباطؤ حركة القولون قد يُقلَل امتصاص المُغذيات المهمة مثل المغنيسيوم وفيتامينات المجموعة B.
العلاج الغذائي للإمساك لدى النساء
ما توصي به تسنيم حمامي أخصائية التغذية العلاجية في مجموعة مستشفيات السعودي الألماني، لضمان تخلص النساء من الإمساك وتداعياته الصحية على حياتهنَ وصحتهنَ، هو زيادة الألياف تدريجيًا؛ منها الألياف القابلة للذوبان التي تُرطَب البراز وتُسهّل مروره. أمثلة على هذا النوع من الألياف تتضمن الشوفان، بذور الشيا، بذور الكتان، التفاح، الكمثرى والبقوليات.
بالإضافة إلى زيادة استهلاك الألياف غير القابلة للذوبان والتي لها دورٌ كبير في زيادة حجم البراز وتسريع مرورَه في القولون. تجدين مثل هذه الألياف في الخضروات الورقية، الحبوب الكاملة، النخالة، الجزر والخيار.
وضمن برنامجٍ يومي بسيط تقترحه حمامي للتخلص من مشكلة الإمساك:
1. تناولي ملعقة شيا مع كوب ماء صباحًا.
2. احرصي على طبق سلطة كبير يوميًا.
3. تناولي 2 – 3 حصص من الفواكه كل يوم.
4. أضيفي الشوفان إلى نظامكِ الغذائي.
5. اشربي الماء مع الألياف دومًا.
تؤكد حمامي على مسألة الترطيب الجيد؛ فتناول الألياف دون ماء يزيد الإمساك سوءًا. لذا تنصح أخصائية التغذية العلاجية بشرب 6 – 8 أكواب ماء يوميًا، وزيادتها في الجو الحار أو أثناء الرياضة.
البروبيوتيك ودورها في علاج الإمساك
لا يمكننا نسيان مشاركة البروبيوتيك في علاج أهم مشكلة عند النساء، ألا وهي الإمساك. ومصادرها كما تقول حمامي تتركز في الزبادي، الكفير، المخللات الطبيعية، الكيمتشي وSauerkraut.
أيضًا من الضروري تقليل تناول الأطعمة المسببة للإمساك؛ ومنها المقالي، الجبن الأصفر بكثرة، الحلويات، الخبز الأبيض، والأرز الأبيض بكمياتٍ كبيرة.
هذا إلى جانب أهمية النشاط البدني، واعتماد المشي 20–30 دقيقة يوميًا كفيلٌ بتنشيط القولون بشكلٍ طبيعي. وتنظيم وقت دخول الحمام؛ وأفضل وقت بحسب حمامي هو بعد الإفطار، والجلوس بانتظام يوميًا يساعد الجهاز الهضمي على إعادة ضبط إيقاعه.

متى يجب مراجعة الطبيب بخصوص الإمساك؟
في حال كان الإمساك عرضيًا وينتهي بعد عدة أيام، لا داعي للهلع والذهاب للطبيب. إنما من الضروري مراجعة طبيبكِ أو أخصائية التغذية في حال عانيتِ من:
• إمساك شديد مستمر لأكثر من 3 أسابيع.
• وجود دم في البراز.
• ألم حاد.
• الإمساك المفاجئ.
في نظرةٍ ختامية من أخصائية التغذية تسنيم حمامي؛ تؤكد فيها أن الإمساك حالةٌ يمكن التحكم بها بسهولة عبر التغذية، الماء، والحركة اليومية. ولا تنسي عزيزتي أن تحسين صحة الأمعاء ينعكس إيجابًا على المزاج، الطاقة والمناعة.