خاص ل"هي": مصمّمة المجوهرات السعودية هالة عبدالله مؤسسة علامة OFA في عالم تتداخل فيه الفخامة والروح
كصوت ناعم وعميق في آن واحد. من دبي، ومن جذور سعودية، تنسج المصممة السعودية هالة عبدالله قصصاً من الذهب والأحجار الكريمة، مستوحاة من الثقافة والتصميم المعماري، لتصميمات تنبض بالدفء والبساطة والهوية.
في هذا الحوار الحصري ل"هي"، نغوص في رحلتها الإبداعية، نفهم كيف تربط بين التزامها الاجتماعي وتطلعاتها الفنية، وكيف ترى المجوهرات كجسر بين الذات والعالم.
س: كيف أثّرت خلفيتك في التصميم المعماري (من دراستك في فرنسا والولايات المتحدة) على رؤية OFA في صناعة المجوهرات؟
تعلّمت من التصميم المعماري شيئين لا أتخلّى عنهما: الانضباط البصري، واحترام الخطوط.
التصميم المعماري جعلني أرى أن الجمال الحقيقي يخرج من البساطة الدقيقة، من النِسَب، ومن الفراغ بقدر الامتلاء.
دراستي في فرنسا صقلت حسّي الكلاسيكي، ودراستي في الولايات المتحدة دفعتني نحو الحداثة والجرأة، لذلك اليوم، OFA هي هذا المزج؛ خطوط معمارية نظيفة، انحناءات محسوبة وتصميم يحمل وظيفة ووجوداً، تماماً كما تُبنى البُنى التي تترك أثراً.
س: ما القصة الكامنة وراء هذا الشعار "One For All"، وكيف يُجسَّد في قيم التصميم التي تقدّمونها؟
"One For All" بدأت من رغبة في خلق قطعة واحدة تستطيع أن تحمل معنى شخصي لكل امرأة. شيء يجمع بين الخصوصية والجماعية. الشعار لم يكن مجرد اسم، بل فلسفة تصميم؛ قطعة واحدة تُعبّر عن قوة الجميع، وتصميم واحد يُخاطب الروج قبل العين.
نترجم هذه الفكرة عبر تصاميم نقية، خالدة، تحمل هوية واضحة ولكن تسمح للمُقتنية بأن تكتب معنا قصتها الخاصة.
س: ما هي الصيغة التي تعتمدينها لاختيار الأحجار الكريمة؟ وكيف تضمنين أنها “أخلاقية المصدر”؟
أتعامل مع الأحجار كأنها كائنات حيّة؛ لكل حجر طاقة، مزاج، وشفافية تفرض نفسها. أبدأ دائماً باللون والنقاء والقطع، ثم بالوزن الذي يخدم التصميم.
نتأكّد أن كل حجر مُوثّق، نتعامل فقط مع مورّدين معتمدين وفق معايير RJC وKimberley من المصدر وحتى الورشة.
الاستدامة بالنسبة لي ليست اتجاه، هي احترام للإنسان والموارد والطبيعة التي منحتنا هذه الجماليات.
س: تصاميم OFA تجمع بين البساطة والدفء. كيف تحرّكين هذا التوازن بين التصميم النقي والعاطفة التي تحمله المجوهرات؟
البساطة أسلوب... الدفء إحساس. أخلق التوازن عبر تقليل الخطوط وزيادة الروح. القطع عندنا ليست باردة أو صناعية رغم نقائها البصري، لأنها تحمل ملمساً عاطفياً: انحناءة، نتوء بسيط، فراغ محسوب، أو خط يذكّرك بحركة أو ذكرى.
هدفنا أن تكون القطعة نقية بصرياً وحميمة شعورياً.
س: ما الدور الذي تلعبه الهوية السعودية في تشكيل لغة تصميم OFA، وهل هناك قطع خاصة تشبه “رسالة تراثية”؟
هويتي السعودية هي جذور اللغة. لا أستخدم الرموز بشكل مباشر، بل أستخلص روحها: انحناء السيف، هندسة النخلة، نبض الصحراء، ورشاقة الفارس. لدينا قطع تحمل رسائل تُراثية معاصرة؛ مثل السوار المستوحى من الخط العربي، أو القطع التي تحمل حركة السيف دون أن تكون نسخة منه. تصاميمنا هي تراث مُصفّى ومُعاد صياغته بلغة عالمية.
س: كيف ترين المجوهرات كوسيلة للتعبير الاجتماعي أو التغيير؟ هل هناك مشاريع أو شراكات اجتماعية شاركتم بها لتعزيز هذه الرؤية؟
المجوهرات تحمل رمزية أكبر مما نعتقد؛ قطعة صغيرة تستطيع أن تغير حضورك، ثقتك، وحتى رسالتك. أؤمن أن التصميم يمكن أن يكون أداة للتأثير، سواء عبر قصص نرويها أو مبادرات ندعمها.
شاركنا في مشاريع تمكين للمرأة. ومبادرات لدعم الحرفيين، والممارسات الأخلاقية. ما زلت أؤمن أن دور العلامة لا ينتهي عند البيع، بل يبدأ بعده.
س: ما تحديات النمو لعلامة مجوهرات فاخرة في سوق يتسم بتوقعات عالية من الناحية الجمالية والتجارية؟
التحدي الأكبر هو الحفاظ على الهوية وسط الرغبة في التوسع. سوق الفخامة أو ال” luxury market” اليوم يتطلب توازناً دقيقاً بين الإبداع، الجودة، والتجربة. التحدي الثاني هو السرعة؛ العملاء يتوقعون الجديد باستمرار دون المساس بالمعايير. والتحدي الثالث والأخير، هو بناء فريق يفهم الفخامة على أنها ثقافة وليست فقط مظهر.
س: إلى أين تتجه OFA في السنوات القادمة؟ هل تفكرين في توسيع مجموعات جديدة، أو خلق تجارب تصميمية مبتكرة تتجاوز القطع التقليدية؟
OFA تتحول تدريجياً من علامة مجوهرات إلى عالم. المستقبل ليس إصدار قطع إضافية، بل بناء بيئة كاملة يعيش فيها العميل لغة OFA عبر التصميم، والخدمة والتجربة كعالم متكامل.
مع كل فصل جديد تكتبه هالة عبدالله، تثبت أن المجوهرات ليست مجرد زينة فقط، بل مساحة تتجدد فيها الهوية وتكبر ذات OFA معها.
